فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في تهديد الدول حيث صوتت غالبيتها لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو واشنطن إلى سحب قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل".
القرار وإن لم يكن ملزما لواشنطن إلا أن استثماره أمام القضاء الأمريكي قد يدفعها للتراجع عن القرار، خاصة في ظل السخط الدولي وتحجيمها بالتصويت.
وتناولت صحيفة الغارديان الحدث، وقالت في خبر لها إن "الأمم المتحدة صوتت بشكل مدوٍ لرفض اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل" وذكرت الصحيفة أن "الولايات المتحدة بهذا التصويت، أصبحت في عزلة لمرة أخرى على الصعيد الدولي بخصوص مسألة القدس".
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فإن صحيفة "نيويورك تايمز"، كتبت خبرًا عن هذه التطورات عنونته بـ "الجمعية العامة للأمم المتحدة، تواجه ترامب وتدين قراره بشأن القدس".
وذكرت أن غالبية دول العالم، لم تكترث بتهديدات الإدارة الأمريكية، ووقفت ضد قرارها.
الخبر شدد على أن القرار الأممي ليس إلزاميًا، ويحمل معنى رمزي، مشيرًا أنه ساهم في مزيد من العزلة للولايات المتحد على الصعيد الدولي.
وفي السياق قال أستاذ القانون الدكتور نافذ المدهون :"إن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة تأتي في إطار التوصيات لأنه ليس هناك آليات لتنفيذها، موضحا أن الأهمية تأتي من أن الجلسة كونها استثنائية فتوصياتها تحدد للدول الأعضاء السياسيات الواجب اتباعها تجاه متخذ القرار.
واعتبر أن القرار مهم من جانبين الأول يكمن في اجتماع الجمعية بشكل استثنائي لمناقشة القرار وهو ما يدلل على خطورته، وانه في إطار تهديد السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى أن ما جرى مؤشر خطير على أن أمريكا أصبحت من الدول التي تهدد السلم الدولي بإقرار الجمعية العامة التي اجتمعت بشكل استثنائي.
وبحسب المدهون فإن الأهمية الثانية للقرار تأتي بأن التصويت جاء بـ 128 مع، وان من امتنعوا كانت تبريراتها أقرب من التأييد منهم إلى الامتناع، لكنها فضلت أن تمسك العصاة من النصف.
ويؤكد أن الفلسطينيين حققوا نجاح كبير في الأمم المتحدة وأن كان القرار لا يستثمر بشكل مباشر على الأرض أي انه لا يوجد قوه للأمم المتحدة لحماية القدس وتنفيذ القرار.
وبين أن استثمار القرار ممكن أمام القضاء الأمريكي ذاته في ظل "بينة" واضحة أن الأمم المتحدة غير راضية عن قرارات الرئيس.
ويرى المدهون أن القضاء الأمريكي سيكون محرج لأن القرارات الدولية هي أسمى من القرارات المحلية للدول، منوها إلى أن التحرك على مستوى القضاء الأمريكي سيكون القرار له قيمة إثباتية في الدعوى.
ويذكر أستاذ القانون أنه من الممكن مقاضاة الأمم المتحدة أمام المحكمة الأمريكية والأوروبية لحقوق الانسان فالمسار القانوني واسع امام الفلسطينيين واثبات أن القرار لم يحفظ الامن والسلم الدوليين، لذا فإن القيمة القانونية عالية للقرار.
ويأتي القرار بعد تقديم مصر مشروعاً لمجلس الأمن الدولي، يقضي برفض الخطوة الامريكية ورغم تأييد 14 دولة من المجلس من أصل 15 عضوا، إلا أن القرار تم إسقاطه لاعتراض الولايات المتحدة عليه وفقا لحق الرفض (الفيتو) الذي تتمتع به، الامر دفع اليمن وتركيا لتقديم مشروع القرار.
بدوره الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمود العجرمي اعتبر أن ما جرى من تهديد للدول هو نمط بلطجة دبلوماسية تمارس لأول مرة في العلاقات بين الدول، مبينا أن اتفاقية فينا أوجدت من أجل حل المشكلات بين الدول بالطرق الدبلوماسية.
وبين أن التهديد بقطع المساعدات استفزاز غير مسبوق في العلاقات الدولية، وجاء بأثر عكسي والدول العشرة الأكثر استفادة من المساعدات الأمريكية صوتت 9 منها مع القرار الذي يدين الخطوة والعاشرة امتنعت في تحد للولايات المتحدة.
ولفت إلى الدول المصوتة ضد القرار هي دول لا ترى على الخارطة، موضحا أن اللافت امتناع كندا عن التصويت على غير العادة حيث كانت دائما تصوت لصالح أمريكا إلا أن فجاجة القرار والتهديد العلني من مندوبة أمريكا في الامم أذهلها.
وذكر العجرمي أن المساعدات لا تعطى لوجه الله وهي حفاظ على مصالح لأمريكا وان قطعتها فإن مصالحها ستتعرض للخطر، إلا أن ترمب لا يستبعد أن يقدم على أي خطوة خاصة وان تاريخ أمريكا ملئ بالتجاوزات فهي خاضت غزو عسكري كلف البشرية مئات الآلاف من البشر.