كشف رئيس اللجنة القانونية في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج معتز المسلوخي، أن فريقاً قانونياً بدأ بالعمل على دراسة قانونية مستفيضة في القانون الأمريكي للطعن في قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً ضرورة دعم السلطة الفلسطينية لهذا الفريق من الناحية المالية نظراً لارتفاع أتعاب المحاماة في أمريكا، وكذلك ضرورة الدعم المعنوي والسياسي لتحقيق إنجاز ملموس.
وقال المسلوخي في حوار مع صحيفة "الرسالة"، إنه يمكن الذهاب للمحاكم الأمريكية للطعن في القرار الأمريكي الذي صدر وفقاً للتشريع الصادر عام 1995 بخصوص نقل السفارة من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، نظرا إلى أنه يخالف القانون الدولي، وهذا يضر بالمصلحة العليا لأمريكا ويستدعي إيقافه.
وأكد أن التوجه للمحاكم الأمريكية يمثل إنجازاً إن تم العمل عليه، إذ أن الرئيس الأمريكي يقيم اعتباراً عالياً للقانون الوطني، وسيؤثر حتماً على مجريات الأمور، وقد يجبره فعلاً على التراجع عن قراره الأخير، موضحاً أن هذا التوجه مناط بالأفراد والمؤسسات الحقوقية الأمريكية أو أي فلسطيني مقيم في أمريكا وخاصة إن كان أمريكيا من أصول فلسطينية ليطعن في دستورية هذا القانون.
عدم ذكر أمريكا في مجلس الأمن والأمم المتحدة أضعف مشروع القرار
وأشار إلى أن أي مقدسي يقيم في أمريكا بإمكانه الطعن في القرار لتأييده التهويد في القدس ومصادرة الأراضي والمنازل بغير وجه حق، ويكون بذلك بصفته متضررا مباشرا من القرار، مؤكداً أن هذا التوجه بحاجة إلى دراسة قانونية مستفيضة في القانون الأمريكي، مشيرا إلى أن هناك فريقا قانونيا بدأ بالعمل على ذلك، إلا أنه "بحاجة إلى دعم السلطة من الناحية المالية نظرا لارتفاع أتعاب المحاماة في أمريكا، وكذلك دعم معنوي وسياسي لتحقيق إنجاز ملموس"، وفق قوله.
وأضاف رئيس اللجنة القانونية في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أن تحقيق أي إنجاز قانوني في مواجهة القرار الأمريكي القاضي بإعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل) يتطلب إرادة سياسية لدى السلطة الفلسطينية بالدرجة الأولى من ثم لدى الدول العربية". وأوضح أن الجهد الأخير في مجلس الأمن والجمعية العامة لدى الأمم المتحدة لم يكن بمستوى الحدث، داعياً إلى الاجتهاد الحقيقي في إيجاد إدانة حقيقية لأمريكا تجبرها على التراجع عن قرارها الأخير.
وعن مشروع القرار الذي قدمته مصر نيابةً عن المجموعة العربية في مجلس الأمن، قال المسلوخي إنه "كان مشروعاً ليس بالمستوى المطلوب، ولم يوجه الاتهام لأمريكا بشكل مباشر بصفتها منتهكة للقانون الدولي، والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بمؤسساتها المختلفة بما فيها مجلس الأمن".
وبيّن في حديثه أن الإشارة إلى أمريكا في مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن كانت كافية لمنعها من استخدام حق النقض الفيتو وإفشال القرار، إضافةً إلى فضحها أمام العالم بأنها انتهكت أكثر من خمسين قرارا واتفاقية دولية.
وقال: "مشروع القرار ولد ميتا، ولا يحمل شيئا جديدا سوى التأكيد على القرار الموجود أصلا منذ عام 1980 والمعروف بقرار 478 وكان بيانا قويا وطالب بإيقاف كافة الإجراءات في القدس، وجاء ردا على الإعلان الإسرائيلي بإصدار القانون الأساسي وأن القدس موحدة عاصمة لـ(إسرائيل)".
أما عن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي قدمته اليمن وتركيا نيابةً عن الدول العربية والإسلامية، فأكد المسلوخي أنه لا يلزم قرار جديد من الأمم المتحدة بخصوص القدس، فالقرارات موجودة إلا أنها تحتاج إلى تفعيل واستخدام من الأمم المتحدة بتحريك من الدول العربية والإسلامية في حال أشارت إلى وجود انتهاك أمريكي لهذه القرارات بشكل معلن.
السلطة مطالبة بالاجتهاد في حراكها القانوني والسياسي
وكشف أنه للمرة الأولى تعقد الجمعية العامة دورة استثنائية طارئة بسبب انتهاك للسلم والأمن الدوليين دون ذكر الدولة المسببة لذلك، و"هذا عوار أصاب المشروع المقدم للجمعية"، موضحاً أنه من الناحية السياسية له صبغة تاريخية لأنه كسر الهيمنة الامريكية بعد أن ألقت بثقلها السياسي لمنع تمرير القرار، وانتصار معنوي للإرادة الدولية.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة انتصرت لبقائها قبل أن يكون النصر للشعب الفلسطيني، وتابع " من الناحية القانونية القرار أجوف لا فائدة منه على الصعيد العملي"، موضحاً أنه لو تم الإشارة لأمريكا فعلياً في مشروع القرار المقدم للجمعية العامة لأصبحت الموافقة عليه بمثابة إدانة واضحة وصريحة لأمريكا تجبرها على التراجع عن قرارها، أو تتجه إلى إيقاف عضويتها أو إنهائها في الأمم المتحدة طبقاً لقانون الأمم المتحدة، نظرا لإمعانها في انتهاك القانون الدولي والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ورفض التراجع عن الانتهاك.
وأشار رئيس اللجنة القانونية في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إلى أن أمريكا أحدثت سابقة دولية بتهديدها العلني للدول التي ستصوت على مشروع القرار في الجمعية العامة، و"هذا يشكل إمعانا في انتهاك القانون الدولي الذي يعطي الحرية للدول في التصويت على مشاريع القرارات".
ماذا بعد؟
وعن الخطوة التالية بعد الموافقة على القرار الأخير، قال المسلوخي إنه في حال لم تلتزم أمريكا بالقرار يجب مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة والذي بدوره يخاطب أمريكا بضرورة التراجع عن التغييرات التي أحدثتها في مدينة القدس، مبيناً أنه في حال رفضت أمريكا التراجع فعلى الدول العربية والإسلامية أن تحدث نزاعاً سياسياً معها عبر سحب السفراء، وتعليق العلاقات السياسية بما يجبر أمريكا على السعي للخروج من العزلة السياسية التي وضعت نفسها فيها.
وأشار إلى ضرورة إشراك القوى العظمى في الخطوات المقبلة كروسيا والاتحاد الأوروبي والدول المحورية كتركيا في سبيل الضغط على أمريكا، إذ لا يمكنها محاربة العالم بأكمله، فهي "باتت أمام مأزق دبلوماسي كبير وتعيش صدمة حقيقية نتيجة الرفض الدولي لقرار ترمب الأخير".
ودعا إلى ضرورة العودة إلى مجلس الأمن مرة أخرى مع الذكر الصريح لأمريكا في مشروع القرار لإكسابه القوة، ومنعها من استخدام حق النقض "الفيتو". وقال: "من غير المنطقي أن نأتي بقرارات جديدة، وهناك قرارات موجودة أقوى منها، وموافق عليها دولياً"، مضيفا: "من غير المعقول إن وقعت السرقة أن أذكر السارق بوجود قانون يجرم السرقة، بدلا من أن أحاسبه عليها".
التوجه للمحكمة الجنائية الدولية
وأكد أنه بات لزاما على السلطة أن تذهب للمحكمة الجنائية الدولية لتغيير المعادلة القائمة، والتي يمكن من خلالها الضغط على أمريكا، وكذلك الذهاب إلى 25 مؤسسة تابعة للأمم المتحدة يمكنها أن تنصر الحق الفلسطيني ليس محبة في القضية بل ارتكازا على القانون الدولي والقرارات المبنية عليه.
وأوضح أن الحراك القانوني بحاجة إلى أداء سياسي جيد يدعمه، ويجلب له المظلة الدولية الضاغطة، مشيرا إلى وجود محامين فلسطينيين أكفاء يستطيعون كسب أي دعوى في المحكمة الجنائية أو حتى تتعلق بمجلس الأمن ذات نفسه.
وشدد على أن ملف المحكمة الدولية بات جاهزا وفي انتظار موافقة قيادة السلطة بالتوجه إليها، مشيرا إلى أن السلطة لم تحسم هذه الورقة بهدف تحقيق مكاسب تفاوضية أو سياسية، ويجب توافر إرادة سياسية للذهاب للجنائية الدولية، لمحاكمة (إسرائيل) على جرائم الحرب وضد الإنسانية، وكذلك يمكن ملاحقة قادة الاحتلال الذين يحملون جنسيات أخرى غير الإسرائيلية في محاكم دولهم.
تحقيق إنجازات قانونية يتطلب إرادة سياسية لدى السلطة
وبيّن أن الملفات القانونية أو الإنسانية كالأسرى وجرائم الحرب لا يجب التعامل معها في إطار سياسي كالمفاوضات، فــ "هذه حقوق شعب لا يجب أن تقرن بأي شيء أو تكون محل مساومة، بل يجب أن تحال للجنة قانونية أو فريق محامين يعملون بعيداً عن الجانب السياسي لكي ينصاع الاحتلال ويغير من سياساته على أرض الواقع".
وقال: "ليس العالم كله ضد قضيتنا، ويجب أن نوصل هذه المطالب والوقائع كما هي والانتهاكات للعالم، وهذا يجب أن تدعمه السلطة، فلا تستطيع أي لجنة أو جهة فلسطينية أن تتوجه للمحكمة دون موافقة السلطة أو بتفويض منها". وأضاف: "لو (إسرائيل) علمت بجدية السلطة بالتوجه للجنائية ستتغير في تعاملها اليومي في انتهاك حقوق المواطن الفلسطيني".