على قارعة الطريق نافذة من الألومنيوم وُضِعت لافتة باللون الوردي كتب عليها صاحبها "القدس عاصمة فلسطين الأبدية"، في حين وضع خطين متوازيين أسفل كلمة القدس لإبرازها جيدًا للمارة!
حتمًا سيعكس زجاج النافذة صورتك ان وقفت أمامها، في حين سيعكس ما خُط على اللافتة استياء صاحب المحل من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب" ضد المدينة المقدسة!
"بنقدر نخبي المشاعر.. الا مشاعرنا تجاه القدس" كلمات تلمس منها حتمًا صدق الإحساس للأربعيني مازن الغلايني صاحب المحل، بعد أن تراه جليًا لمجرد لمحك للنافذة!
نافذة القدس!
مازن لم يحتج الى معدات كبيرة ليعبر عن تمسكه بالعاصمة القدس ويعلن ذلك من أمام محله، فلم يستخدم تلك القاطعة الحديدية ثقيلة الوزن، ذات الصوت العالي التي اعتاد الاستعانة بها لصناعة إطار النوافذ، ولم يصاحبها أي ضجيج لفصل القطع عن بعضها، فقط استخدم القلم وقطعة كرتون، وخط بأنامله، وأحدث ضجيجًا كبيرًا في دواخلنا والمارة!
يدرك أبو محمد أن لنا وطنًا نعيش فيه وآخر كالقدس يعيش فينا، ويقول:" بعد قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل) شعرت بالضيق والقهر لأجل أولى القبلتين، وأضاف:" شيء بديهي أن ننفعل ونغضب في غزة، ان كان بالدعاء لهم بالنصر أو باللافتة أمام المحل وذلك أضعف الايمان".
كلٌ بطريقته تضامن واستنكر القرار الأمريكي، فـ"الخليلي لما يفكر مزبوط" علق قميصًا أبيضًا كتب عليه " ترامب مش أحسن منا.. واشنطن عاصمة الخليل"، في حين طلت إدارة احدى المدارس في الجزائر مقاعد الدراسة بالعلم الفلسطيني، وفي تركيا كانت الكوفية حول الأعناق، وفي ماليزيا والهند وتونس خرج الأحرار هناك لأجل القدس وحدها.
شارع النصر!
بالعودة الى شوارع الوطن وتحديدًا غزة، انشغل أبو محمد "بتشطيب" عمل لأحد الزبائن في حين انشغلنا باسم الشارع الذي نقف فيه، شارع النصر غرب مدينة غزة، كان القدر جميًلا، اذًا الطريق واضح والمعادلة بسيطة لتحقيق النصر فلابد أن تبقى القدس عاصمة لنا حتى نبلغ النصر كما الشارع واللافتة وأبو محمد الذي لم ينتهي حديثنا معه!
زجاج النوافذ في محله والمعروضة خارجه كانت تعكس حركة السيارات والمركبات في الخارج، في حين عكس حديثه لهفته لصلاة في المسجد الأقصى والتي كانت آخرها قبل أربعة أشهر!
بطبيعة عمله كتاجر كان أبو محمد يحظى بتصريح للعبور الى الضفة المحتلة والقدس، وعن ذلك يقول:" ما كنت أقدر أوصل هناك وما أصلي بالأقصى (...) الي بتعود يشوف القدس ما بقدر ينساها للحظة وقلبه بتعلق بالصلاة فيها".
خلال تواجدنا في محل أبو محمد لفتنا أيضًا اهتمامه بمتابعة أخبار الضفة والقدس عبر مذياع كان صوت الأخبار المنبعث منه أعلى من صوت الآلة حينًا ومن صوتنا أحيانًا أخرى، الا أن انتماءنا للقدس كان المشترك الوحيد بيننا ولا صوت فوقه!
هذه الأرض لا تتسع لهويتين، فقط نافذة سنطل من خلالها للقدس، ومتضامن مع العاصمة حتى لو كانت لافتة لأبو محمد أمام محله في شارع كان قدرًا اسمه "النصر"!