لا تنفك حركة فتح وحكومتها عن العزف على سمفونية صرف غالبية موازنة السلطة على قطاع غزة، في محاولة لقلب الحقائق أمام الرأي العام وتلميع صورتها للتغطية على دورها في حصار القطاع من خلال العقوبات التي تفرضها عليه.
كان آخر ما تردد من سمفونيات حول صرف غالبية موازنات السلطة، ما تحدث به رئيس وزراء حكومة الوفاق رامي الحمد الله، عن صرف حكومته 16 مليار دولار على القطاع.
النائب في المجلس التشريعي ماجد أبو شمالة، كذّب من جهته رامي الحمد الله وتصريحاته المتعلقة بصرف 16 مليار دولار على غزة، لا سيما في ظل تغييب دور المجلس التشريعي الرقابي وعدم عرض الموازنات العامة عليه، وهو ما تسبب في غياب وضوح السياسة المالية.
وقال أبو شمالة في بيان وصل لـ "الرسالة" إنه استنادا لأرقام صادرة عن تقارير للمجلس التشريعي وصندوق النقد الدولي لعام 2014 يظهر تباينا واضحا بين الأرقام المعلنة وأوجه الصرف على قطاع غزة، حيث جاءت المصروفات على النحو التالي: رواتب 644.40 مليون دولار واعانات شؤون اجتماعية 105.60 مليون وتعليم كتب وصيانة 4.50 مليون والصحة تحويلات وعلاج ووقود 50.40 مليون وصافي إقراض 113.52 مليون والنفقات العامة والشؤون الخارجية 21.19 مليون لتصبح اجمالي النفقات 939.61 مليون.
وأوضح أبو شمالة أن هذه الميزانيات تقل عن مليار دولار سنوياً وإذا افترضنا ثبات هذه المصروفات يكون إجمالي الصرف على قطاع غزة لا يتجاوز عشرة مليارات رغم أن هناك تقليصا مستمرا في المصروفات نتيجة لتقليص فاتورة الرواتب.
وأشار إلى ضرورة أن يؤخذ بالاعتبار الوفيات والخروج القانوني على المعاش والاحالة على المعاش الاجباري والفصل التعسفي من الخدمة إضافة للتقليص في المصروفات على الصحة والتحويلات والتي أعلنتها وزارة المالية في مناسبات مختلفة علاوة عن سياسة العقوبات التي فرضت على القطاع خلال الفترة الماضية بحجة مجابهة الانقسام.
ولفت النائب أبو شمالة إلى أن إيرادات غزة والتي تحصلها حكومة الحمد الله تفوق المصروفات، وقال: "دائما هناك فائض حيث جاءت الإيرادات وفق ورقة عمل أعدها مركز أمان "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة " أعد في مارس 2016 ان الايرادات من المقاصة وحدها 965.04 مليون وضريبة دخل من شركات كبرى كالاتصالات 47.52 مليون ليصبح إجمالي الإيرادات 1.012.56 بدون المنح الخارجية والتي نصيب غزة منها 40% فيكون اجمالي الإيرادات مع المساعدات 1.552.56 وبالتالي يكون هناك فائض في الموازنة بعد خصم المصروفات 612.95 مليون دولار الأمر الذي يوضح أن غزة حتى بعد الانقسام هي رافد أساسي للموازنة العامة الفلسطينية".
وشدد على انه لم يعد من المقبول الاستمرار في إطلاق التصريحات الفضفاضة لأوجه الصرف على قطاع غزة في إشارة مستمرة بأن غزة عالة على الموازنة رغم ان ما يصرف عليها من أموالها أقل من إيراداتها.
يشار إلى أن وزير المالية شكري بشارة قال بتاريخ 3/9 في تصريح تداولته وسائل الاعلام انه تم صرف 45 مليارا على غزة خلال السنوات العشرة الأخيرة وكانت حكومة فياض تتحدث عن نسبة إنفاق 48%.
وفي أكثر من مناسبة قال الرئيس عباس ان نسبة الانفاق على غزة تتجاوز الـ 45% من الموازنة العامة، وكلها أرقام متفاوتة لم تطرح على الجمهور بشكل تفصيلي.
ويعلقّ المحلل السياسي فايز أبو شمالة على تصريحات قيادة السلطة، بالقول: "لطالما تبجحت السلطة بأنها تنفق 47% من نفقاتها على غزة، ولو كان هذا حقيقة، لكنا لاحظنا تطورا في حياتنا، إلا أن وصول نسبة البطالة إلى 50% يبرهن كذب هذه الادعاءات واقتصار هذا الانفاق على موظفي السلطة في غزة فقط".
وبموجب أرقام تحصلت عليها صحيفة الرسالة، فإن إجمالي إيرادات خزينة السلطة خلال 2014، 1.492 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي النفقات 918.42 مليون دولار، بمعنى أن إجمالي الفائض خلال العام بلغ ما يقارب 574.14 مليون دولار على أقل تقدير.
وبحسب دراسة أعدها فريق محللين ماليين فإن السلطة تدعي أنها تنفق حوالي 47% من موازنتها على قطاع غزة إلا أن ما ينفق فعليا لا يتجاوز 22% من اجمالي الموازنة بما يعادل مبلغ 918 مليون دولار من أصل 1.7 مليار دولار "حصة غزة الافتراضية" هي مجموع ما تم إنفاقه بما في ذلك صافي الإقراض.
وتشير البيانات إلى أن صافي الإيرادات كان أكثر بمقدار 159.45 مليون دولار عن المقدر أي بزيادة نسبتها 5.8% وجاء هذا الارتفاع نتيجة زيادة إيرادات المقاصة بنحو 218.33 مليون دولار، أي بنسبة 12% عن المقدر، في حين نقصت قيمة الإيرادات المحلية بنحو 70.01 مليون دولار عن المقدر أي 7.6%".
وتشير البيانات إلى أن غزة تساهم بنسبة 50% من ايرادات المقاصة، وهي نسبة كبيرة جعلت من القطاع بمثابة "بقرة حلوب" للسلطة، وتعود أسباب ارتفاع ايرادات المقاصة إلى تحويل كامل الواردات لغزة عبر الطرف الاسرائيلي وذلك بعد إغلاق الأنفاق بشكل كامل ما ساهم في زيادة ايرادات المقاصة عام 2014 بنسبة 12% عن السنوات السابقة.
وتبين أيضا أن نسبة التهرب الضريبي في الضفة أعلى بكثير من غزة نتيجة المساحة الواسعة والحدود الطويلة بخلاف الوضع في غزة حيث الإحكام الكامل لحدودها، إلى جانب ضعف القدرة الانتاجية في غزة مقارنة بالضفة الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفة احتياجات القطاع من الواردات.
وبالتالي فإن إجمالي مبلغ المقاصة المُحصل من غزة هو 965 مليون دولار سنويا بواقع 80.42 مليون دولار شهريًا، وفق تقدير المختصين.