على خلفية تقديرات عسكرية وبحثية في "إسرائيل" حول احتمال ”حرب الشمال الأولى ” يرجح عدد من المراقبين فيها بأنها ستتعرض لسقوط آلاف الصواريخ يوميا وإن كان من غير المستبعد أن تكون الأرقام هذه تنم عن مبالغة إسرائيلية مقصودة بهدف تضخيم حجم المخاطر الخارجية.
ويقدر هؤلاء المحللون بأن احتمالات المبادرة للحرب في الشمال أو الجنوب هذا العام ليست كبيرة لكنهم يؤكدون مخاطر الانزلاق لحرب خطيرة نتيجة حادثة تدفع لها بالضرورة.
يشار أن قائد جيش الاحتلال غادي آيزنكوت حذر من ذلك وسبقه أيضا معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الذي طرح خريطة تهديدات 2018 وفيها اعتبر الحرب مع حزب الله وإيران هي الاحتمال الأخطر.
كما سبق وهدد وزير الأمن بحكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأن الحرب لن تقتصر على مهاجمة حزب الله بل ستطال سوريا ولبنان أيضا.
وأشار المحلل العسكري الأبرز في القناة العاشرة الإسرائيلية، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة “معاريف”، إلى أن "إسرائيل" لا تستهدف قوافل أو شحنات أسلحة تتواجد في لبنان، منذ 2014. في حينه، قصفت إسرائيل شحنة كهذه ورد حزب الله بعملية في مزارع شبعا.
ويقول بن دافيد، إن الجيش الإسرائيلي منشغل أيضا بأسئلة متعلقة بـ”اليوم التالي”، أي “بعد داعش، بعد الرئيس الفلسطيني أبو مازن، بعد استقرار الأسد وبعد خروج حزب الله من سوريا.
ويتميز هذا العام بحساسية فائقة ومخاطر كبير بالتدهور، وسيكون التحدي بمواصلة الحفاظ على المصالح الإسرائيلية (أي قصف شحنات وقوافل أسلحة في سورية) من دون دفع تدهور كهذا”.
وتوقع أن تواصل "إسرائيل" الحفاظ على الخطوط الحمراء الثلاثة التي وضعتها: لا لنقل أسلحة متطورة إلى لبنان، لا لصنع صواريخ دقيقة في سورية ولبنان ولا لنشر قوات شيعية بمحاذاة الجولان.
وأشار إلى أن هذه السياسة الإسرائيلية تتضمن رسالتين الأولى موجهة لنظام الأسد ومفادها أنه “سيستمر في دفع ثمن جراء النشاط الإيراني في بلاده”.
والثانية موجهة إلى روسيا، باعتبار أن “الروس يدركون أن إسرائيل تعتزم الإصرار على هذه الخطوط الحمراء وقد تعرقل جهودهم لاستقرار سوريا.
وبخلاف محللين آخرين يرى بن دافيد أن الأسد لن يجرؤ على إطلاق صواريخ سكاد على تل أبيب، لكنه قد يطلق قذائف باتجاه الجولان”.
ورأى هذا المحلل أن روسيا ستكون عامل لجم يمنع تدهور الوضع، لأنه “لا مصلحة لديها بحدوث مواجهة مع "إسرائيل" وتشكل خطرا على استثمارها الطويل بالأسد.
من جهته نقل المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس″، عاموس هرئيل عن آيزنكوت، قلقه بالقول إنه تصاعد بشكل كبير خطر التدهور، حتى إلى درجة الحرب.
وأضاف هارئيل أن شعبة الاستخبارات العسكرية وآيزنكوت قلقان من سيناريوهان محتملان. الأول رد فعل من جانب أحد الخصوم جراء ممارسة قوة إسرائيلية” والثاني، “بسبب اشتعال في الساحة الفلسطينية.
وهناك، عندما يخرج مارد” الإرهاب” من القمقم، يتطلب الأمر أشهرا وأحيانا سنوات من أجل إعادته.
ويوضح هرئيل أن التقديرات الإسرائيلية هي أنه كلما أكثرت "إسرائيل" من هذه الهجمات (الغارات في سورية) ونفذت ذلك بأدوات متطورة، يتزايد الاحتكاك المحتمل مع دول ومنظمات ويزداد الخطر بأن يأتي رد فعل كبير في نهاية الأمر. وبرأيه هناك أمر مشابه جدا يحدث عند الحدود مع قطاع غزة”، خاصة ضد أنفاق هجومية.
ويعبر عن هذه المخاوف أيضا المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان طارحا سيناريو مفاده انه في الحرب المقبلة سيطلق من لبنان باتجاه "إسرائيل" ما بين 3000 إلى 4000 صاروخ يوميا.
وأشار إلى أن كمية صواريخ كهذه أطلقت طيلة 33 يوما بكاملها في حرب لبنان الثانية، عام 2006، وطوال 51 يوما من العدوان على غزة، عام 2014.
وقال فيشمان إن هذه الصواريخ “ستكون أكثر دقة وفتكا ومدة، وستغطي كل مساحة "إسرائيل" وستطلق الرشقات الصاروخية الأولى من منصات ثابتة ومخفية وموجهة نحو أهداف معينة في الأراضي الإسرائيلية.
وفقط بعد أيام، عندما ينفذ سلاح الجو إبادة فعالة لأهداف، وتبدأ القوات البرية بالتوغل في لبنان، ستنخفض كمية الصواريخ ونوعيتها.
وشدد فيشمان على أن “هذا ليس سيناريو خيالي معتبرا ذلك تحليلا مهنيا جرى داخل جهاز الأمن وتم وصفه بأنه ” السيناريو الخطير والمعقول “. وقد استعرضه ليبرمان أمام الحكومة، في 2017، بعد أشهر معدودة من توليه منصبه.
وكان ليبرمان قد تحدث خلال اجتماع، قبل أسبوعين، عن عدم وجود حماية لـ30% من المواطنين، أي أنه لا توجد لديهم ملاجئ أو غرف آمنة، وأن غالبية هؤلاء هم مواطنون في البلدات العربية في شمال البلاد.
بينما التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن 80% إلى 85% من صواريخ حزب الله هي لمدى 40 كيلومترا، أي قادرة على الوصول إلى الخط الممتد ما بين طبرية وحيفا.
وتابع أن أحد الحلول هو إجلاء سكان. “الحكومة تنازلت عن مبدأ عدم إخلاء بلدات وقررت الاستعداد لإجلاء جماعي من مناطق ذات خطر كبير.
وتم بلورة خطة باسم ” ميلونيت ” تقضي بإجلاء السكان إلى فنادق أو دور ضيافة ومؤسسات عامة.
والحديث برأيه يدور عن إجلاء 80 ألف شخص، 50 ألفا من شمال البلاد و30 ألفا من جنوبها. وتستعد سلطة الطوارئ الوطنية ووزارة الداخلية لإخلاء عدد أكبر يصل إلى 300 ألف شخص.
وانتقد هؤلاء المراقبون وغيرهم عدم استعداد الجبهة الداخلية لهذه الصواريخ ويذكرون بأن حرب لبنان الثانية والحرب الأخيرة على غزة تسببت بقتل وإصابة بضع مئات من المدنيين الإسرائيليين.
القدس العربي