تتركز الانظار صوب المجلس المركزي الفلسطيني المنعقد في رام الله، والذي يقع على عاتقه إصدار قرارات حاسمة للرد على قرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب باعتبار القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي.
الجلسة التي تحمل رقم الدورة 28 رفضت حركتا حماس والجهاد وعدد آخر من الفصائل والشخصيات المستقلة المشاركة بها بعد غياب ثلاث سنوات رغم أن لوائح المركزي الداخلية توجب اجتماعه كل شهرين على الأقل بدعوة من رئيسه.
الدورة السابقة تضمّن بيانها الختامي 12 قرارا من بينها القرار المتعلق بانتظام اجتماعاتها مرة كل ثلاثة أشهر، وكذلك وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وبحيث تتولى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تنفيذ قراراته، ومن الواضح أن قرارات ذلك الانعقاد لم تنفذ رغم ما عصف بالقضية الفلسطينية خلال تلك الفترة من أزمات وتحديات.
وتشير تركيبة أعضاء المجلس بأن غالبيتهم من كبار السن الموالين لرئيس السلطة محمود عباس، باستثناء بعض ممثلي الفصائل، ويأتي عقد الجلسة في مدينة رام الله لأكثر من دورة متتالية لمنع وصول أيا من المعارضين.
وأهم الأعضاء هم: محمود عباس (83 سنة)، نايف حواتمة (83 سنة)، احمد جبريل (80 سنة)، فاروق القدومي (87 سنة)، ياسر عبدربه (74 سنة)، سليم الزعنون (85 سنة)، احمد قريع (81 سنة).
وتأسس المجلس المركزي الفلسطيني في آذار/ مارس عام 1977، وتحديدا في الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، ليكون حلقة وصل بينه وبين اللجنة التنفيذية بين كل دورتين عاديتين من دورات المجلس، ويرأس المجلس المركزي سليم الزعنون منذ عام 1996 حتى يومنا هذا.
ويعد المجلس الوطني المسؤول بشكل مباشر عن المجلس المركزي، الذي يتكون أعضاؤه من اللجنة التنفيذية، ورئيس المجلس الوطني، وممثلين عن المجلس التشريعي، وممثلين عن فصائل، وحركات المقاومة، والاتحادات الشعبية، والمستقلين الفلسطينيين، ويبلغ عددهم 122 عضوا.
ويمثل الفصائل وحركات المقاومة المنضوية تحت لواء منظمة التحرير في المجلس المركزي 29 عضوا، فيما يمثل اللجنة التنفيذية 18 عضوا، والاتحادات الشعبية 13 عضوا، واللجان الدائمة في المجلس الوطني 8 أعضاء يضاف إليهم 28 عضوا من أصحاب الكفاءات والمستقلين، و4 أعضاء من رئاسة المجلس التشريعي، و13 عضوا هم رؤساء اللجان الدائمة في التشريعي، و6 أعضاء هم رؤساء الكتل البرلمانية في البرلمان الفلسطيني.
ولا تمتلك حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، أي ممثلين في المجلس المركزي، لعدم ضمهما لمنظمة التحرير، رغم الاتفاق داخليا على دمج الطرفين في المنظمة، لكن التعطيل ظل سيد الموقف.
ومن أهم اختصاصات المجلس، اتخاذ القرارات في القضايا والمسائل التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية للمنظمة، ويقر الخطط التنفيذية المقدمة إليه من ذات اللجنة، ويتابع تطبيق هذه الخطط، ويطلع على حسن سير عمل دوائر منظمة التحرير، ويقدم التوصيات اللازمة لتطوير عمل المنظمة وتحسينه إلى "التنفيذية" التي تعتبر "أعلى سلطة بالمنظمة".
وكان من أهم القرارات التي اتخذها المجلس المركزي، اختيار ياسر عرفات رئيسا لدولة فلسطين، عندما انعقد في تونس عام 1983، وإصدار قرار بإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في دورته المنعقدة في 1993/12/10 في تونس.
وأصدرت اللجنة السياسية للمنظمة قبل أيام وثيقة تتضمن 19 توصية تعتبر بمثابة محددات رئيسية للقضايا التي سيناقشها المركزي في اجتماعه المنعقد حاليا، من أهمها: "تحديد العلاقة مع إسرائيل بكافة أشكالها، ومواجهة وإسقاط الإعلان الأميركي بشأن القدس".
وفي السياق يرى مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية أن المطلوب من المجلس المركزي الفلسطيني، والذي كان مسئولا عن إقرار اتفاق أوسلو، أن يقر بأن نهج التفاوض، ونهج أوسلو قد فشل وانتهى، وأن يتبنى نهجا بديلا، بدل البحث عن وسطاء لمفاوضات جديدة لن تحدث.
ويقول في مقال له على اجتماع المركزي تبني نهج يركز على تبني استراتيجية وطنية لتغيير ميزان القوى، باعتماد المقاومة الشعبية الشاملة، وحركة المقاطعة وفرض العقوبات (BDS)، وتحقيق وحدة وطنية حقيقية، وبناء قيادة وطنية موحدة تعيد تحفيز مشاركة كل مكونات الشعب الفلسطيني في النضال لتحقيق حقوقه، بما في ذلك تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية واستعادة دورها الذي همش لصالح السلطة.
ويضيف: لا بد للمجلس المركزي أن يتخذ قرارات تحرر الشعب الفلسطيني ومؤسساته من كل قيود والتزامات اتفاقات لم تحترمها (إسرائيل)، بل تخرقها كل يوم، بما في ذلك إلغاء كل التنازلات التاريخية التي منحت لها على أمل الوصول إلى حل وسط أو ما سمي " بحل الدولتين".
ويعتبر البرغوثي أنه ومن الضروري للمجلس المركزي أن يكون قادرا على إيصال رسالة للشعب الفلسطيني وللعالم بأن قراراته هذه المرة لن تكون مجرد مناورة تكتيكية، بل ستكون استراتيجية وتاريخية وستوضع موضع التنفيذ.