قائد الطوفان قائد الطوفان

جراء تراكمها عليهم

"دفتر الديون" يطارد الموظفين ويرهق أصحاب البقالات

"دفتر الديون" يطارد الموظفين ويرهق أصحاب البقالات
"دفتر الديون" يطارد الموظفين ويرهق أصحاب البقالات

غزة– مها شهوان

لم يستسلم الموظف محمد عليان للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، فهو يتلقى نصف راتبه كل أربعين يوماً تقريباً، الأمر الذي يدفعه كغيره من الموظفين لطرق أبواب المحال التجارية وفتح "دفتر دين" وسد احتياجات أسرهم الأساسية.

ويحكي الموظف "عليان" للرسالة عن المرة الأولى التي استلف فيها من صاحب البقالة التي بجانب بيته، مبيناً أنه شعر بالضيق لكن سوء الحال جعله يتغاضى عن ذلك ويطلب المزيد، حتى وصل حسابه الألف شيكل، مما اضطره إلى اللجوء لبقالة أخرى في الشارع الخلفي لبيته.

وتابع:" ملاحقة صاحب البقالة دفعتني للهروب إلى بقالة أخرى، رغم أني ملتزم في تسديد الديون لكن قلة الرواتب جعلتني أفتح "دفتر دين" في أكثر من بقالة، وأحيانا أخذ نقدي الأمر الذي يضايق صاحبها"، موضحا أن المال الذي يستلفه يكون للذهاب إلى عمله.

ليس الموظف "عليان" وحده من يستدين من أصحاب البقالات، فهناك شرائح واسعة باتت تعتمد على ذلك في تسيير أمورها، غير أنه في الآونة الأخيرة لم يعد يقتصر الأمر على الاستدانة من أجل المواد التموينية بل بات يشمل طرق أبواب الصيدليات لأخذ العلاج "بالدين"، وكذلك محال الملابس أو الحلاقة وغيره.

هنا يقول شادي إسماعيل، بأنه اضطر إلى فتح حساب له في الصيدلية لأخذ علاج لزوجته التي تعاني من أمراض مزمنة، فهو لا يقوى على الدفع دوما فغالبا ينتظر راتبه لتسديد ما عليه من ديون.

ويشير إلى أن الراتب الذي يحصل عليه سريعا ما يعطيه لأصحاب البقالات سداد لدينه، لكي يقبلوا التعامل معه واعطاءه ما يريد من أساسيات مرة أخرى.

ويعترف "شادي" أن العيش بالدين شيء مؤلم ويؤثر على نفسيته كثيرا، فهو بدلا من أن يدخر المال لضمان مستقبله وأولاده يوزعه فور الحصول عليه من راتبه وتسديد ما عليه.

وبسبب تراكم الديون على كثير من الموظفين والمواطنين، أغلقت العديد من البقالات أبوابها نتيجة عدم توفر السيولة لدى أصحابها، وهذه حكاية أبو سعيد صاحب بقالة سابقة في مخيم جباليا.

يقول أبو سعيد:" لم أستطع الاستمرار في عملي، بسبب تراكم الديوان على زبائني الأمر الذي جعلني غير قادر على جلب المزيد من البضائع وذلك لنقص السيولة(..) حاولت كثيرا الحديث مع الزبائن لكن أوضاعهم مأساوية حتى قررت إغلاق المحل ومسامحة من لم يستطع الدفع".

ويوضح أن بعض الزبائن وصلت ديونهم لأكثر من ألف دولار، ورغم محاولته حثهم على الدفع إلا أن أوضاعهم المادية صعبة، مشيرا إلى أنه تأثر شخصيا بسبب قلة المال ويضطر للاستدانة أيضا من تجار آخرين ليكفي عائلته الاحتياجات الأساسية.

وعلى ما يبدو فإن الوضع الاقتصادي على موظفي قطاع غزة يزداد سوءا عاماً بعد آخر، فالجميع يعاني سواء كانوا موظفي غزة أم السلطة أو يعملون ضمن مشاريع خاصة، إذ أصبحت متطلبات الحياة أكبر من الدخل الذين يحصلون عليه على فترات متباعدة.

ووفق احصائيات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فإن الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على قطاع غزة رفع نسبة الفقر بين سكانه إلى 65%.

وذكر المركز في تقرير له أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت في الآونة الأخيرة إلى 47%، وأن 80% من سكان القطاع باتوا يعتمدون على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة اليومية.

وأكد أن الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عشر سنوات يمثل "انتهاكا صارخا لحقوق سكان غزة الاقتصادية والاجتماعية".

وكان البنك الدولي قد أصدر تقريرا في سبتمبر/أيلول 2016 أفاد أن نسبة البطالة في غزة بلغت 43% وأن نسبة الفقر بلغت 60%.

 

 

 

 

 

البث المباشر