يوافق الخامس والعشرين من الشهر الجاري مرور 12 عاما على الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية، والتي شكلت زلزالا سياسيا هز الشرق الأوسط، لا سيما بعد اكتساح حركة حماس لأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، متغلبة بذلك على حركة فتح التي قادها الرئيس محمود عباس من هزيمة لأخرى أمام الحركة الإسلامية التي اضطرت لحسم الأوضاع الأمنية في قطاع غزة منتصف عام 2007.
وأفرزت الانتخابات التي أجريت عام 2006 فوزًا كبيرا لحركة حماس التي حصدت 76 مقعدا، من أصل 132 مقعدًا، بعدما شارك 77% من الفلسطينيين الذين يحق لهم الانتخاب، وشكل إثر ذلك القيادي في الحركة إسماعيل هنية الحكومة الفلسطينية العاشرة التي واجهت حصارًا دوليا وفرضا لشروط الرباعية الداعية للاعتراف بإسرائيل ونبذ المقاومة.
ولم ترق نتائج الانتخابات لحركة فتح بعد رفضها تسليم الحكم لحركة حماس، وماطلت في الانتقال السلمي للسلطة، وأدخلت أجهزتها الأمنية وموظفيها بموجة تحريض ضد الحركة للي ذراع الإدارة الجديدة للسلطة وإفشالها، لتنتهي الحقبة السوداء ببسط حماس السيطرة على قطاع غزة عام 2007، والدخول في مرحلة الانقسام الفلسطيني.
وركز رئيس السلطة محمود عباس جهده لنزع صلاحيات المجلس التشريعي المنتخب، فخاض ضده معركة التهميش والتغييب والتنصل من منحه صلاحياته التي أقرها القانون الفلسطيني، ليصبح المجلس معطلاً بشكلٍ قسري.
وفي تصريح سابق للنائب يحيى موسى، قال: " إن عباس يختطف السلطة، بعد تعطيله المجلس التشريعي بشكلٍ قسري، وتآمره على نتائج انتخابات عام 2006، من خلال الانقلاب عليها بطرق وأساليب مختلفة".
وأكد على أنه من الضروري، أن يتم إقصاء الرئيس عباس من المشهد السياسي بطريقة توافقية، بعد انتهاء ولايته وصلاحياته، التي أعيد تثبيتها من خلال الجامعة العربية بطريقة غير قانونية، وحاول آنذاك شرعنة نفسه من خلال التوافق الوطني، ليعود وينقلب على التوافق، ويبدأ بعدها مشوار إقصاء الكل الوطني بعد سرقة "الشرعية".
تجريد من الصلاحيات
ويؤكد المحلل السياسي جمال عمرو، أن الرئيس عباس منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006م، شرع في محاصرتها، ولم ينصفها بالتداول السلمي للسلطة "كونه لا يؤمن بالشراكة الوطنية والمشاورة في صنع القرار الفلسطيني".
وأكد عمرو في تصريح للرسالة، أن عباس يعتبر السبب الرئيس في الانقسام الفلسطيني الذي افتعله للانقضاض على حكومة حماس التي انتخبها الشارع الفلسطيني بعملية ديمقراطية شهد لنزاهتها الجميع، وتابع "عباس لا يؤمن بخيار المقاومة المسلحة، ويريد أن يبقى منفردا بخياره السياسي الهزيل "المفاوضات والتسوية" والتي أثبت فشله وموته بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القدس عاصمة للاحتلال "الإسرائيلي".
وأشار إلى أن الأيام تعيد نفسها، رغم أن الرئيس عباس خسر ما كان يعول عليه من مشروع التسوية السياسية، إلا أنه أعاد حقبة عام 2007 وأنقلب على المصالحة الفلسطينية التي وجد نفسه مجبرا للمضي بها منذ البداية بعد الضغوطات التي مارستها المخابرات المصرية ليعود ويتنصل من تطبيقها كما تنصل من أحقية حماس بالانتخابات.
وأوضح أن الرئيس أبو مازن تسلح بالدول العربية والاحتلال "الإسرائيلي"، من أجل سرقة الشرعية الفلسطينية، بعد أن طوعها ليصبح رئيسا لحركة فتح وللسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير، قبل أن يعيد تهيئة المجلس المركزي الفلسطيني بصورة تناسبه، ويعطل المجلس التشريعي المنتخب.
وساند الاحتلال الإسرائيلي، رئيس السلطة محمود عباس في معركته ضد التشريعي، وذلك من خلال الملاحقة المستمرة لنوابه في الضفة الغربية، إذ جرى اعتقال رئيس المجلس الدكتور عزيز دويك عدة مرات ولفترات طويلة، فضلا عن اعتقال غالبية نواب كتلة حماس البرلمانية في الضفة الغربية لفترات طويلة ولمرات متعددة، وكذلك بعض نواب الكتل الأخرى، وما زال يقبع بعضهم رهن الاعتقال.
ورغم استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسية، وقبول حركة حماس ضمن اتفاق المصالحة على إجراء الانتخابات، إلا أن تملص حركة فتح من الاتفاقات وتعطيلها للمصالحة يحول دون إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتجديد الشرعيات فيه.