أعلن الدكتور مأمون أبو شهلا وزير العمل، رئيس مجلس إدارة الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية للعمال، عن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع "start up Palestine" والتي تبلغ قيمتها نحو عشرة ملايين دولار، بالشراكة مع "الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي - مكتب القدس" ووزارة المالية والتخطيط.
وقال أبو شهلا ان المرحلة القريبة القادمة ستشهد اقدام الصندوق على تنفيذ العديد من مشاريع الإقراض التنموية الكبيرة والنوعية بالتعاون مع البنوك المحلية تنفيذا لاستراتيجية الحكومة القاضية بتجنيد نصف مليار دولار لضخها على شكل قروض ميسرة للخرجين والعاطلين عن العمل.
وأوضح أبو شهلا في كلمة له، ان الصندوق يوشك على توقيع اتفاقية كبيرة بخمسين مليون دولار مع بنك فلسطين بضمانات وزارة المالية في حكومة الوفاق لمنح الاف القروض الميسرة للخريجين والعاطلين عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكد أبو شهلا ان الصندوق يعمل على كل الصعد من اجل تجنيد الأموال لمواجهة افتي البطالة والفقر عبر تنفيذ المشاريع التنموية والتشغيل.
وشكر أبو شهلا الحكومة الايطالية التي قدمت "القروض" لتحقيق المشروع الذي يطمح "الصندوق" من خلاله الى دعم المبادرين من الفئات المهمشة اجتماعياً واقتصادياً، وتقديم مستوى عال من الخدمات المالية وخدمات الاعمال، وذلك للتخفيف من معاناة شعبنا والحد من البطالة والفقر، سيما وان "المشروع" يتضمن أيضا تقديم العديد من خدمات الاعمال للمستفيدين المباشرين لمساعدتهم في تطوير اعمالهم وتوسيعها، بالتنسيق والتكامل مع "الشركاء" من اجل تحفيزهم على تطوير ونجاح مشاريعهم الحيوية التي تضمن خلق فرص عمل مستدامة.
وأكد أبو شهلا أن "صندوق التشغيل" أصبح قوة أساسية، ولديه القدرة على انجاز عملية التشغيل ودعم المبادرات الشبابية الهادفة، التي توفر فرص عمل ذاتية من خلال توسيع قدرة المشاريع القائمة وانشاء مشاريع جديدة.
ودعا أبو شهلا جميع "شركات الإقراض" المتخصصة المنفذة للمشروع الى خلق أفكار إبداعية لتعظيم المنفعة للفئات المستهدفة والمحتاجة لهذا الدعم وتشجيعهم على الاستثمار وخلق فرص عمل ذاتية ومستدامة.
مظلة وطنية للتشغيل
وأشار أبو شهلا إلى أن الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية للعمال تأسس بموجب "مرسوم رئاسي" حمل الرقم (9) في العام 2003 ليتحول فيما بعد إلى مظلة وطنية للبرامج والمشاريع التي من شأنها خلق فرص العمل للشباب وخاصةً الخريجين من كلا الجنسين بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء عام 2014، أعقبه تفعيل متسارع في عمل الصندوق، مؤكداً ان الهدف منه مكافحة آفة البطالة المستشرية عبر خطط ممنهجة ومدروسة للتخفيف من حدة الفقر ضمن رؤية وطنية مستقلة مالياً وإدارياً، تدعم الاقتصاد، وتسرّع من عجلة التنمية عبر النهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما تشكله من رافعة حقيقية على طريق تأسيس اقتصاد قوي ومتين.
وقال الوزير أبو شهلا إن كل ذلك ضمن رسالة يتبناها، تؤكد على أن "الصندوق" هو كيان وطني قانوني مستقل له شخصيته الاعتبارية وذمته المالية لمواجهة ظاهرتي البطالة والفقر بشكل علمي ومنهجي، من خلال توفير فرص عمل لائقة ومستدامة، وتعزيز تنمية رأس المال الاجتماعي والبشري، وبالتالي تخفيف حدة الفقر ومعدلات البطالة بين الشباب الفلسطيني والعاطلين عن العمل في فلسطين، ضمن خطط وقائية وعلاجية وتنموية لتحقيق العدالة الاجتماعية ومستويات تنمية أفضل، من خلال تمويل برامج ومشاريع تحقق زيادة التنافسية في أسواق العمل الداخلية والخارجية، بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين في الوطن والخارج.
من جهتها، أوضحت الأستاذة ابتسام الحصري المدير التنفيذي للصندوق الفلسطيني للتشغيل، أن مشروع "Start up Palestine" والذي بدأت مرحلته الأولى في مطلع عام 2014 عبارة عن مبادرة مشتركة من خلال قرض مقدم من "الوكالة الإيطالية" بقيمة 20 مليون يورو، تأتي من أجل تعزيز فرص الوصول والحصول على ائتمان للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في إطار القانون الفلسطيني، الذي اشترط أن تكون هذه الشركات فلسطينية وعاملة في "قطاع الإقراض" وحاصلة على تراخيص من سلطة النقد وهي: ريف، أكاد، أصالة، فاتن، فيتاس، الإبداع، حيث تم توقيع اتفاقيات مع كل من "ريف" و"فاتن" و"ابداع" فيما سيستكمل توقيع الاتفاقيات مع باقي المؤسسات خلال المرحلة القريبة القادمة.
وبينت أن القيمة الإجمالية للمرحلة الثانية من المشروع ما يقارب 10 مليون مليون دولار وهي عبارة عن مخصص للمرحلة الثانية إضافة الى الدفعات المستردّة من قروض المرحلة الاولى، والتي تم توزيعها على هذه الشركات وفق مجموعة معايير، منها الاهتمام بشريحة الشباب، وقطاع غزة والمخيمات، القطاعات الإنتاجية وخاصة الزراعية.
عمليات الإقراض المحلية
بدورها، عبرت كريستينا ناتولي ممثلة وكالة التعاون الإيطالي للتنمية في فلسطين- مكتب القدس، عن رضاها من سير تنفيذ المرحلة الأولى من "المشروع" من قبل "صندوق التشغيل" و"مؤسسات الإقراض المحلية" والتي تقدر بسبعة ملايين يورو، مشيرةً إلى أنه وبعد المتابعة تبين استفادة المقترضين من هذه القروض في انشاء مشاريع او توسيع وتطوير ما هو قائم منها. مبينة انه وخلال الاشهر الأربعة الأولى من "المرحلة الأولى" تم صرف ما يعادل الف قرض و بالتالي تم إنشاء أو تطوير نحو الف مشروع.
واعتبرت ناتولي ان "فلسطين" أرضية جيدة لتنفيذ المشاريع الصغيرة وغيرها من المشاريع رغم وجود بعض المعيقات والتي من ابرزها، عدم توفر الضمانات والكفلاء والقدرة على الوصول الى القروض، خصوصاً وانه يوجد الكثير من الأفكار الإبداعية والمشاريع الريادية في حوزة شباب مبدعين ولكن ينقصها التمويل لعدم وجود الضمانات والكفلاء.
وقالت ناتولي ان نسبة الفوائد على قرض مشروع "start up Palestine " مقبولة ولم تشكل عائقاً أمام المقترض اطلاقاً، ولكن العائق الأكبر أمام هذه المشاريع و الذي يحد من فرص حصولها على تمويل هو عدم مقدرة أصحابها على توفير متطلبات مؤسسات الإقراض من ضمانات و كفلاء للحصول على التمويل.
وأوضحت ناتولي أن البيانات المتاحة تشــير الــى أن مؤسســات الإقراض الفلســطينية أكثــر كفــاءة مــن المتوســط الإقليمــي والعالمــي، الا أن مؤشــرات الإنتاجيــة، توحــي أنــه لا يــزال هنــاك مجــال للتحســين.
وقالت ناتولي ان الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي – مكتب القدس تضع عدد من "التوصيات" الرئيسية الموجهة لواضعي السياسات والجهات المانحة في فلسطين لتطوير "قطاع الإقراض" في موجز السياسة الأول "تمويل المشاريع الصغيرة في فلسطين، و هل القروض مكلفة للغاية, و هل ينبغي أن يتم تحديد أسعار الفائدة؟" الصادر عن دائرة التنمية الاقتصادية في الوكالة الإيطالية، ومنها زيــادة حمايــة العمــلاء وشــفافية الأســعار، مــن خــلال نقــل هــذه الصناعــة برمتها نحــو اســتخدام أســعار الفائــدة "المتناقصة" والإعلان عنها بشــكل أوســع بــدلا مــن منهجيــة حســاب الفائــدة "الثابتة"، بالإضافة الى تصميــم أدوات للمشــاركة بالمعلومــات، مثــل "المنصــات الإلكترونيــة" التــي تجعــل مــن الممكــن المقارنــة بيــن منتجــات التمويــل الأصغــر المختلفة التــي تقدمهــا مؤسســات الإقراض المحلية.
مؤسسات الإقراض المحلية
من جانبه، قال الأستاذ علاء سيسالم رئيس مجلس إدارة الشبكة الفلسطينية للإقراض والتي تمثل شركات الإقراض الصغير، إن شركات الإقراض المستفيدة من المشروع تستهدف الفئات المهمشة في المجتمع الفلسطيني، وغير القادرة على الاقتراض من القطاع البنكي، مضيفاً ان هذا الإقراض سيسهم بإحداث نقلة نوعية في الظروف المعيشية لهذه الفئات وزيادة حجم الدخول المتحقق من مشروعاتها.
واستعرض سيسالم المعايير الأساسية لمنح القروض، وأبرزها، أن يكون الاشخاص الراغبون بالإقتراض لديهم أفكار لمشاريع بالإمكان تطبيقها، أو أن تكون قائمة على الأرض، وهي بحاجة الى تطوير او توسيع، وان طبيعة ظروفهم لا تسمح لهم بالاقتراض من القطاع البنكي، سواء كانوا شباناً او شابات، منوهاً إلى كثرة هذه الحالات في المجتمع الفلسطيني.
وقال سيسالم إن الاقتصاد الفلسطيني يتكون ويتشكل بنسبة تفوق 95 في المئة من المشاريع الصغيرة والصغيرة جدا وغير الرسمية وغير المسجلة وغيرالقادرة على الاقتراض من القطاع البنكي، و"بالتالي فإن هذه الفئة بحد ذاتها بحاجة الى قروض".
وأوضح سيسالم أن حجم التمويلات المخصصة لهم ستكون محدودةً بالنسبة لاحتياجاتهم التي تقدر بمئات ملايين الدولارات.
وأشار سيسالم الى أن "شركات الإقراض" تعمل في فلسطين منذ عام 1990 وساهمت بصرف مئات ملايين الدولارات، اسهمت بدورها في تحسين مشروعات صغيرة، وخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة تقدر بمئات آلاف الفرص.
وأوضح سيسالم ان "المحفظة المالية" القائمة في السوق تقدر بـ 240 مليون دولار كقروض قائمة، تغطي ما يقارب من 90 ألف مستفيد، 40 في المئة منهم من شريحة النساء، مضيفا ان هذه المشاريع ما تزال قائمة، وأوضح ان 70 في المئة عدد قروض المشاريع الممنوحة في فلسطين ممنوحة من قطاع الإقراض الصغير، و30 في المئة منها من القطاع البنكي .
وأكد سيسالم ان "شركات الإقراض" تستهدف كلّ مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن عملها يتركز بالدرجة الأولى على العمل الميداني، وهذا ما يميز قطاع الإقراض الصغير الذي يشغل عدداً كبيراً من الموظفين، يتجاوز 700 موظف يعملون في ثماني شركات إقراض فاعلة.