قائمة الموقع

زوجة المبحوح تروي محاولات اغتياله ومحطات اعتقاله

2018-01-22T07:09:21+02:00
الرسالة نت – محمود هنية

رغم مرور ثماني سنوات على استشهاده، إلّا أن ملامحه وتفاصيل حياته، لا تزال حاضرة لدى رفيقة دربه "سميرة المبحوح"، التي تكشف في هذه المقابلة مع صحيفة "الرسالة" عن تفاصيل جديدة من حياة الرجل "الغامض" كما وصفه اصدقاؤه واعداؤه.

على مدار ثلاثة عقود كان يرى ظله ولا تعرف ملامح شخصيته، يعرف بأفعاله ومجهول تماما بتفاصيل وجهه التي باتت حكرًا عليها وهي تلاصق همومه طيلة هذه السنوات، ورغم غيابه المتكرر عنها، الا أنها لم تخطئ طريقه عبر رائحة الدم والعرق التي كان يبذلها في كل محطة.

تفتح "المبحوح" دفتر ذكرياتها مع زوجها الشهيد محمود المبحوح، صاحب أول عملية أسر في غزة للجنديين آفي سبورتس وإيلان سعدون، عام 1989، تلك بداية المشوار الجهادي لرجل أرّق أمن (إسرائيل) وأحرز أول هدف في مرمى جهازها الأمني عندما نجح في خطف جنودهم واخفائهم بل والخروج من غزة دون أن يتمكن الاحتلال من اعتقاله.

 محاولة اغتيال سابقة

تقول أم العبد لـ"الرسالة" إن زوجها الشهيد تعرض قبل استشهاده بخمسة أشهر لمحاولة اغتيال أخرى بالسم في أحد فنادق دبي، عولج على اثرها في مستشفى محمد بن راشد، "حينها أبلغتنا جهات معينة أن زوجها بدأ يفقد التركيز ويخضع لعلاج مكثف".

وتفيد أن المصدر أخبرها بأن زوجها "متعب وادعيله"، كان ذلك في يوم السابع من شهر يونيو عام 2009، كان قد تعرض خلال هذه المحاولة لسموم جرى رشها في غرفة الفندق الذي نزل به خلال زيارته لدبي تلك الفترة، بحسب رواية أصدقاء الشهيد لزوجته.

اعتقلته مصر عام 2004 وتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة قبل استشهاده بـ5 أشهر

وتضيف: "كان محمود كثير التنقلات والسفر، وعندما شعر بالإعياء اتصل بأحد اصدقائه، وأثناء خضوعه للعلاج تلك الفترة سحبوا جزءا من نخاعه ولم نعرف ماذا فعلوا به، وبقي الشهيد متكتمًا على الامر لمدة أربعة اشهر لم يخبر أحدا باستثناء الدائرة المقربة منه".

بعد حوالي أسبوعين من تلك المحاولة عاد "الشهيد الحي" إلى منزله في دمشق حيث كانت تقيم عائلته التي لجأت الى هذه العاصمة بعد خروجه من غزة عقب تنفيذ عملية الأسر، واخبر زوجته بتلك التفاصيل التي تتعلق بمحاولة اغتياله، حيث ايقن المطارد أنه دخل مرحلة جديدة من محاولات تصفيته.

اعتقاله

ثأر الشهيد من الاحتلال بدأ مبكرًا بعد نجاحه في مغادرة القطاع عقب خطف الجنديين، حيث "عاد للمنزل طبيعيًا، ثم بدأ بعد ذلك يتقطع بالمجيء الى البيت، قبل أن يتم مداهمته عبر عملية انزال إسرائيلية محكمة للمنزل"، وحينها ادركنا أن الشهيد بات مطلوبا، كما تقول زوجته.

وعندما فشل الإسرائيليون في اعتقال المبحوح، اعتقلوا زوجته لأكثر من أسبوعين انتقامًا منه، وافرجوا عنها عندما علموا انه غادر القطاع مع عدد من المطلوبين آنذاك.

بعدها شقّ الشهيد طريقه في عمل المقاومة وتوفير امدادات الدعم لها، ودفع ثمن ذلك سنوات اعتقال في عدد من الدول منها حبسه لمدة عام ونصف في سوريا ابان نظام حافظ الأسد، ثم اعتقاله لدى السلطات المصرية عام 2004 حيث جرى اعتقاله لثمانية اشهر بعد القبض عليه في منطقة العريش، وفق رواية زوجته.

وتشير زوجته إلى أن العائلة تعرضت لملاحقة دائمة من مخابرات الاحتلال، لاسيما في الأشهر التسعة الأخيرة من حياته، "حيث استأجرنا شقة في إحدى العمارات بدمشق، وهناك زادت حدة وتيرة الملاحقة من قبيل وجود عمال نظافة باستمرار في المنطقة، حيث قال لنا سكان العمارة أن هؤلاء لم نرهم من قبل في هذا المكان الا بعد مجيئكم الى هنا".

اعتقل في سوريا وحقيبته الخاصة لا تزال محتجزة لدى الامارات

وترى "أم العبد" أن رحلة الاعتقالات والملاحقة التي تعرض لها الشهيد شكلّت محطة مفصلية في الكشف عن بعض تفاصيله، التي سدل الستار عنها في عملية الاغتيال الأخيرة التي تعرض لها الشهيد وأدّت لارتقائه.

الحادثة بكل مرارتها وفجاعتها لا تزال ذاكرة "ام العبد" تحتفظ بتفاصيلها، حيث جرى الاتصال عليها ليلة الأربعاء من مصدر في حركة حماس يفيدها بأن زوجها توفي، و"ايقنت حينها أنه استشهد، فهو لم يعان قبل ذلك من أي مرض، وادركت أنه تعرض لاغتيال".

وتذكر "أم العبد" أن جثمان الشهيد بقي لعدة أيام في المستشفى، حيث تعرض للتشريح بناء على طلب من العائلة، وثبت أن وفاته لم تكن طبيعية بل هي نتيجة عملية اغتيال محكمة".

وتستذكر لحظات نقله الى بيته في دمشق، " نظرت اليه بحرقة لم تبردها مرور السنوات والأيام، شعرت بفخر لا نظير له في حياتي".

ولا يزال الغموض يكتنف ملف التحقيقات باغتيال الشهيد، حيث جرى اتهام عدد من الأشخاص في متابعته وملاحقته، تفاجأت عائلة الشهيد بالإفراج عنهم في دبي إضافة لشخص ثالث يعمل عقيدا سابقا في السلطة الفلسطينية، تقول مصادر حقوقية متابعة للقضية بأن هؤلاء الأشخاص طليقون في الامارات.

وتؤكد "أم العبد" أن أحدا من هؤلاء المشبوهين لم يحقق معه، ثم إن هناك دولا متورطة في هذه الحادثة بعضها عربي، "كلها تواطأت على دماء الشهيد وساعدت في اغتياله".

وتشير الى ان السلطات الإماراتية لا تزال تحتفظ بحقيبة الشهيد الخاصة وترفض تسليمها لعائلته.

لكنّ غياب التحقيقات لا يعني تغييب الحقيقة فالجناة المتورطون يعرفون قدر الشهيد وأهميته "فلقد كان مشروعًا استثنائيا، ودائما ما كان يعتبر كل خطوة له هي الأخيرة في حياته، وقد قدم روحه قبل ثلاثين عامًا عندما بدأ المشوار"، كما ختمت زوجته حديثها للرسالة.

اخبار ذات صلة