تعكس نتائج استطلاع أجراه معهد الأمن القومي الإسرائيلي وجود زيادة تصل إلى 11% في صفوف المجتمع الإسرائيلي ممن يعتقدون بوجوب إعادة الأحياء العربية في شرق مدينة القدس المحتلة إلى الفلسطينيين.
ويوضح الاستطلاع أن غالبية المجتمع الإسرائيلي يرى في الرئيس الأمريكي رونالد ترامب القدرة على دفع عملية التسوية مع الفلسطينيين. جاء ذلك الاستطلاع تمهيدًا للمؤتمر السنوي لمعهد "INSS" لدراسات الأمن القومي، حيث سئل المستطلعون "هل يستطيع ترامب الدفع بعملية سياسية في "إسرائيل"؟"، فأجاب 55% بالإيجاب، في حين أجاب 45% بالنفي.
بينما كان السؤال الثاني المطروح في الاستطلاع: "هل يجب على "إسرائيل"، في إطار التسوية، أن تعيد الأحياء العربية في شرقي القدس؟" وتبين أن 51% من المستطلعين أجابوا بالإيجاب، بينما أجاب 49% بأنه يجب على "إسرائيل" أن تواصل السيطرة على هذه الأحياء.
هذا وتشكل الإجابة الحالية تغييرًا بنسبة 11%، مقارنة بنتائج العام الماضي، حيث أجاب 40% فقط بأنه يجب على "إسرائيل" أن تعيد هذه الأحياء.
الضامن الوحيد
ويرى الدكتور جمال عمرو الخبير في شؤون القدس، أن هذه النسبة ليست مفاجأة، بل هي مرهونة بالشعور الأمني الإسرائيلي الداخلي، مؤكدًا على أن المجتمع الإسرائيلي يعلم تمامًا أن إعلان ترامب ما هو إلا صاعقة ومفتاح لحرب طاحنة قادمة لا محالة من أجل القدس، لافتًا إلى أن الرقم أقل كثيرًا من أرقام الدراسات المشابهة والتي أجريت ما قبل الانسحاب من قطاع غزة "فقد وصلت النتائج إلى أكثر من 90% في ذلك الوقت"، وفق قوله.
ويقول عمرو: "إن هناك شهادات لجنود كانوا في غاية السعادة بعد انسحابهم من غزة"، متسائلاً عن الاختلاف ما بين غزة والضفة والقدس، مؤكدًا على أن الأمر بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي متعلق بالأمن الداخلي.
وعن دلالات هذه الدراسة، يبين أن هناك تخوفًا لدى المجتمع الإسرائيلي وقلقًا شديدًا على المشروع الصهيوني برمته باعتبار أن القدس تمتلك صاعق القنبلة التي ستنفجر يوماً في وجوههم وتكون سبباً لتدمير مشروعهم، مشدداً على أن المجتمع الصهيوني لديه حس عميق بالمخاوف.
كما لفت عمرو إلى أهمية الموضوع في رأي المجتمع الدولي الرافض للقرار الأمريكي والذي يزداد يومًا بعد يوم تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، معتبراً أن المجتمع الإسرائيلي يعلم جيدا أن قرار ترامب ليس إلا شرارة لهذا الانفجار.
ونوه إلى أن المجتمع الإسرائيلي مستعد للتنازل عن أي شيء من أجل الأمن، وهذا ما حدث فعلياً في غزة يومًا ما، مضيفًا: "لو أن الانتفاضة بقيت على حالها لكانت الدراسة الآن تصل إلى أكثر من 90 %".
وتابع الخبير في شؤون القدس أن "إسرائيل" لديها إستراتيجية علمية في التعامل مع المعطيات الأمنية والسياسية، وما يسمى إعلامياً نظرية التأطير، فهي تشتم عباس ليل نهار، وتحمله وزر كل ما يدور من تجاوزات أمنية ولكنها في ذات الوقت ترى أن وجوده ضامن وحيد لأمنها ومحافظ عليه.
أغلبية يهودية
لكن المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد يرى أن نتائج الاستطلاع تعكس معرفة المجتمع الإسرائيلي بأهمية التوسعة الديمغرافية وأهمية إبعاد الأحياء ذات الكثافة الفلسطينية المرتفعة عن مدينة القدس، مستبعدًا فكرة البعد الأمني، لافتاً إلى أن الجمهور الإسرائيلي هو انعكاس لتطلعات السياسي الإسرائيلي.
وبين أن المناطق الفلسطينية مثل رأس خميس وشعفاط وكفر عقب ذات كثافة سكانية عالية، والانسحاب منها سيعيد الأغلبية اليهودية للقدس، مضيفاً أن كثيرًا من القادة الإسرائيليين مثل حاييم رامون ونتنياهو يفكرون في هذا المشروع منذ فترة بهدف حصر الفلسطيني في مناطق محددة ومحاولة تهجيرهم"، مذكرًا بعشرة آلاف مقدسي قد تم سحب هوياتهم خلال العقد الأخير.
وتابع أن مطالبات الحكومة الإسرائيلية المتواصلة سابقًا بالتخلي عن هذه المناطق يندرج ضمن مساعي تطبيق تقليص الكثافة السكانية الفلسطينية في مدينة القدس، مضيفًا أن هناك أرقامًا خيالية تؤكد التغلب الإسرائيلي الديمغرافي مستقبلًا في مدينة القدس، لافتًا إلى خطورة هذه المؤشرات، ومضى يقول: "إن من يمنح أحقية التنازل عن الأحياء ويدعو إليها هي الأحزاب السياسية، وما هذه النتائج إلا انعكاس لهذه المنهجية في التفكير".