تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بكل قوتها إلى فرض سيطرتها الكاملة على المسجد الأقصى، بعد تصعيد عملياتها التهويدية وتشديد إجراءاتها القمعية ضد المقدسيين والمرابطين.
تزامنت تلك الإجراءات المتسارعة مع إعلان جماعات يهودية متطرفة تنضوي في إطار ما تسمى بـ"منظمات الهيكل" المزعوم، قبل أيام أنها ستطلب من محكمة الاحتلال العليا السماح لها بالتصرف بحرية تامة في المسجد الأقصى.
ويتعرض المسجد الأقصى إلى خطر غير مسبوق بعد سماح شرطة الاحتلال للمستوطنين بإقامة طقوس وشعائر تلمودية جماعية وعلنية فيه، إلى جانب إطفاء الأنوار عن قبة الصخرة ومنع إجراء أي عمليات صيانة وترميم داخل المسجد.
بناء غرف
المرابطة المقدسية هنادي الحلواني، كشفت عن شروع سلطات الاحتلال بإنشاء غرف اسمنتية على مدخل باب العامود، الذي يعد المدخل الرئيسي للمسجد الأقصى؛ وذلك لتفتيش الوافدين عوضا عن البوابات الإلكترونية التي أسقطتها الهبة المقدسية.
وقالت الحلواني في حديثها لـ"الرسالة": "إن إقامة تلك الغرف تهدف إلى زيادة التضييق على المرابطين والوافدين بشكل يومي للأقصى؛ بذريعة التفتيش في محاولة لتهويد المسجد وفرض التغيير المكاني عليه".
وأضافت أن "هذه الغرف الحجرية شبيهة بالبوابات الالكترونية التي فشل الاحتلال في نصبها مسبقاً"، مشددة على أن سلطات الاحتلال "الإسرائيلية" تسعى إلى تهويد القدس ومحاولة تزوير التاريخ عبر إحكام السيطرة وفرض السيادة على المدينة.
وأكدت المرابطة المقدسية أن الاحتلال يشن حملة غير مسبوقة على المسجد الأقصى، ضمن محاولات السيطرة واخلاء الساحة لمستوطنيه عبر شرعنة السماح لهم بطقوس علنية "إلى حد مطالبتهم بوقاحة بحرية التصرف التام في المسجد الأقصى".
وأشارت الحلواني إلى أن سلطات الاحتلال تحاول التساوق واستغلال التواطؤ الأمريكي معها بزعم أحقيتها بالمدينة المقدسة، الأمر الذي دفعها لإصدار القرارات التي تنتهك وتمس بحرمة المسجد المبارك.
غير مسبوقة
بدوره، حذر المؤرخ المقدسي الدكتور جمال عمرو من بدء سلطات الاحتلال بمشاريع تهويدية وإجراءات قمعية غير مسبوقة ضد المسجد الأقصى والمقدسيين، معتبرا أن "ما يجرى يمهد لأمر كبير يُدبر للقدس المحتلة".
وأكد عمرو في حديثه لـ"الرسالة" أن حكومة الاحتلال أخذت الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية وعلى رأسها دونالد ترامب؛ للبدء في تنفيذ مخططاتها التهويدية وفرض السيادة والسيطرة على مدينة القدس والمسجد الأقصى.
وأوضح أن هذه الإجراءات تأتي ضمن حملة كبيرة وممنهجة من الاعتداءات والاقتحامات المستمرة بقوة، وضمن هذا النهج المتطرف والذي يهدف لوضع اليد والسيطرة الإسرائيلية على الأقصى.
وبيّن أن سلطات الاحتلال منعت إنارة قبة الصخرة وإدخال المواد اللازمة لصيانة وترميم المسجد الأقصى، "لدرجة منعهم تقليم أشجار الزيتون في سابقة هي الأولى من نوعها".
وأشار عمرو إلى أن تلك الإجراءات المتسارعة تأتي تماشيا مع مخططات التهويد التي جرى إعدادها بعد؛ كسر المقدسيين قرار الاحتلال تركيب بوابات الكترونية على أبواب المسجد الأقصى في شهر يوليو الماضي.
ولفت إلى أن الممارسات الأخيرة للاحتلال تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني في القدس، وجعل الأغلبية فيها للمستوطنين.
عدوان على الأمة
بدورها، اعتبرت مؤسسة القدس الدولية أن إطفاء الأنوار عن مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى المبارك عدوان على الأمة ومقدساتها برعاية أمريكية، وهي محاولة لوضع إعمار الأقصى وصيانته تحت الإدارة الإسرائيلية المباشرة، وهو ما سبق لجماهير القدس وفلسطين أن أفشلته في هبة باب الأسباط".
وأكد مدير عام المؤسسة ياسين حمود في تصريح صحفي أن منع إدخال المواد اللازمة إلى الأقصى لإصلاح التيار الكهربائي هي محاولة لترجمة قرار ترمب، ويجب ألا تمر، موضحاً أن كل هذه الإجراءات هي محاولة تقويض للوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ونوه إلى أن الاحتلال يريد ترجمة قرار ترمب على الأرض عبر فرض تحكمه الكامل بالأقصى وتحجيم الوصاية الأردنية التي أصبحت أمام تحدٍّ وجودي يتطلع إلى إلغائها أو إخضاعها لسلطة الاحتلال كمنفذ لإجراءاتها.
وأخيراً يمكن القول إن ما سبق ينذر بقرب تفجر هبة مقدسية جديدة في ظل الحرب الضروس التي تشنها سلطات الاحتلال والمستوطنين ضد الأقصى والمقدسات.