نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر أمنية مصرية قولها إن الشهور القليلة الماضية شهدت انضمام نحو ثلاثين ضابطا من قوات الأمن والجيش إلى جماعة أنصار الإسلام التي يتزعمها الضابط السابق هشام العشماوي.
ويقول مسؤولون في المخابرات المصرية إن الشبكة السرية التي تتبعها جماعة أنصار الإسلام في الصحراء الغربية تمثل تحديا أمنيا أصعب مما يشكله متشددو سيناء، إذ إنها تتألف من ضباط سابقين في الجيش والشرطة يستخدمون تدريبهم على مكافحة الإرهاب وعمليات الاستطلاع والمراقبة في مهاجمة أجهزة الأمن التي خدموا في صفوفها يوما ما.
وقال مصدر أمني إن "هؤلاء العناصر يتحركون بسهولة نظرا للطبيعة الجغرافية للمكان، فهم يأتون ويهربون إلى ليبيا بكل سهولة، هناك من يساعدهم من القبائل الموجودة على الحدود، يتعاونون مع مهربي الأسلحة لتهريبهم عبر الدروب الصحراوية".
وأضاف "المعلومات قليلة عنهم، مثل تلك المجموعات لا يمكن أن يقضى عليها بين يوم وليلة لأنها تعمل على تنفيذ هدف ثم تختبئ لاستجماع قواها وترتيب أوراقها".
وقال ضابط في جهاز أمن الدولة المصري لرويترز "صاروا أقوى لأنهم بعد كل عملية يهدؤون طويلا لحين ضم أعداد جديدة وأسلحة جديدة وعلاج من أصيب منهم، فهم يعملون على عمليات نوعية فقط، لذلك لا يتم استنزاف أفرادهم أو أسلحتهم".
وهشام العشماوي هو أحد أبرز المطلوبين في مصر، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة بالجيش المصري، ويتمركز نشاط جماعته في الصحراء الغربية.
وأفاد اثنان من المصادر الأمنية بأن العشماوي قام في السنوات القليلة الماضية بحملة تجنيد بدأت تؤتي ثمارها حاليا من ناحية الأعداد المنظمة.
وقالت قوات الأمن إن العشماوي ينتقي مجنديه بعناية، وعادة ما يكون ذلك عن طريق شبكة من ضباط سابقين يعملون في خلايا صغيرة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي قاد الضابط السابق في القوات الخاصة بالجيش عماد الدين عبد الحميد كمينا في الصحراء الغربية مستهدفا الشرطة المصرية.
وأعلنت جماعته "أنصار الإسلام" المسؤولية عن الهجوم وأشادت بعماد الدين باعتباره أحد قادتها، قبل أن يلقى مصرعه في ضربة جوية انتقامية لاحقا.
وقال ناج من كمين الصحراء الغربية إن الأمر لم يتطلب من "أنصار الإسلام" سوى نحو 12 من مناصريها المدججين بالسلاح لاستدراج سيارات الشرطة إلى الكمين في 20 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف ضابط نجا من الهجوم "أتذكر جيدا يوم العملية وكيف وقعنا في فخ صنعه لنا قائد الخلية، سرنا وراء قشر موز وبرتقال كان يبدو لنا أنه ملقى من المسلحين، ووقتها اعتقدنا أنهم أغبياء وتركوا لنا دليلا نمشي وراءه، ولكننا فوجئنا بأننا في مصيدة، دخلنا في منطقة رملية والسيارات لم تعد تستطيع التحرك، غرزت في الرمال، وظهروا هم من أعلى الجبل وأخذوا يطلقون علينا الرصاص".
وأبلغت ثلاثة مصادر أمنية رويترز في وقت الهجوم أن عشرات من ضباط الشرطة والمجندين قتلوا، لكن وزارة الداخلية نفت ذلك الرقم في اليوم التالي وقالت إن 16 من رجال الشرطة -بينهم ضباط كبار- لقوا حتفهم.
وذكر مصدران في جهاز المخابرات العامة المصرية أن جماعة أنصار الإسلام كانت تعلم مسبقا على الأرجح بتحركات الشرطة.
وقال أحد المصدرين إنه كانت لدى أجهزة الأمن معلومات تفيد بأن العشماوي تمكن من حيازة أجهزة اتصال أو التنصت على شبكة اتصالات يستخدمها الضباط.
وأضاف أن شبكة الاتصالات تم تأمينها في الأشهر التي سبقت الكمين بتكنولوجيا لاسلكية جديدة لا يستخدمها سوى الأمن الوطني، لذلك فإن العشماوي إما تمكن من التنصت عليها أو حاز أحد هذه الأجهزة الجديدة.
وقال شرطي حوصر في تبادل إطلاق النار إن مهارة عبد الحميد في استخدام السلاح ظهرت بجلاء خلال حادث الواحات.
وأضاف الشرطي لرويترز مسترجعا الواقعة "رأيت عماد يضرب ضابط بطلقة في رأسه من مسافة رغم أن الضابط كان يختبئ خلف سيارة ولم يظهر منه شيء، لا أعرف كيف ضربه".
إعفاء المئات
وتقول أسرة عبد الحميد إنه والعشماوي تخرجا في الكلية الحربية بمصر عام 1999 وخدما لفترة في وحدة الصاعقة بالقوات الخاصة، قبل أن يعفي الجيش عبد الحميد من الخدمة في عام 2007 والعشماوي في 2006.
واحتجز الجيش عبد الحميد لما يصل إلى شهر بعدما وجد بحوزته كتبا إسلامية، وذكر شقيقه علاء عبد الحميد أنه نقل في 2006 إلى وظيفة بالخدمة المدنية لعدة سنوات.
واسترجع علاء آخر كلمات شقيقه له في عام 2013 "قال: كيف يمكنني الخدمة في جيش يحاكمني (لالتزامي الديني) أو أعيش في بلد لا يتبع شرع الله؟".
وقال المسؤولون الأمنيون إنه جرى إعفاء مئات من أفراد قوات الأمن من الخدمة في الشهور القليلة الماضية بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية.
وشملت أسباب فصل الضباط رفض اعتقال محتجين في مظاهرة أو كتابة منشورات مناهضة للحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي.