يدق الانخفاض الملحوظ لعدد الشاحنات الواردة لقطاع غزة ناقوس الخطر من إمكانية فقد الأسواق المحلية سلعا أساسيا خلال الأسابيع المقبلة، لاسيما أن الانخفاض وصل لأقل من الثلث.
وتقلص عدد الشاحنات الواردة نتيجة شح السيولة لدى المواطنين، وبالتالي انعدام القدرة الشرائية في ظل أزمات الرواتب والعقوبات التي تفرضها السلطة على القطاع.
وفي الوقت الذي أوقف فيه تجار ادخال البضائع للقطاع لانعدام البيع، قلّص أغلبيتهم استيرادهم للبضائع تخوفا من عجزهم عن تصريفها.
ويُقدر عدد الشاحنات الواردة للقطاع بـ 300 شاحنة يوميا، فيما كانت تصل سابقا لنحو (800-1000) شاحنة.
انخفاض كبير
من جهته، أشار ماهر حبوش تاجر مواد تنظيف إلى حالة الركود التي تشهدها أسواق قطاع غزة جراء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. وقال: إن الشركة كانت تنتج في السابق من (10 - 12) طنا من مواد التنظيف يوميا، لكن في ظل الظروف العصيبة بالكاد يتم إنتاج (طُنّين) فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن المواد الخام لتصنيع المنظفات يتم توريدها من خلال معبر "كرم أبو سالم" جنوب القطاع، وبالتالي ستنخفض الكميات الواردة تزامناً مع انخفاض الإنتاج محلياً.
وأضاف: "اضطررت لتسريح 20 عاملا من أصل 25 من مصنعي لتكدس البضائع وعدم وجود قوة شرائية في الأسواق"، موضحا أن غزة تتعرض لأبشع حرب اقتصادية تطال كافة مناحي الحياة.
وذكر أن أغلب آلاته تضررت في الحرب الأخيرة على القطاع، ولا يستطيع استيراد آلات جديدة بسبب الاجراءات (الإسرائيلية) على المعبر.
رئيس لجنة تنسيق وإدخال البضائع إلى قطاع غزة، رائد فتوح، أكد انخفاض عدد الشاحنات والبضائع الواردة إلى القطاع عبر معبر "كرم أبو سالم" التجاري، "بشكل واضح" في الشهور الأخيرة.
وأرجع ذلك إلى عدم توفر القدرة الشرائية لدى التجار والمواطنين في قطاع غزة.
ولعل شح السيولة المالية في القطاع، أهم الأسباب التي أضعفت القدرة الشرائية لدى المواطنين، وأجبرتهم على العزوف عن السلع.
وتجدر الإشارة أن معظم الشاحنات المستوردة من مواد البناء (حصمة واسمنت وحديد)، كونها تمثل القيمة الكبيرة من الحركة الشرائية.
وتشير الاحصائيات الرسمية، إلى أن البضائع التي تحملها الشاحنات منها (50-55)% مواد بناء، و(20-25)% مواد غذائية، و(15-20)% مساعدات إنسانية، والنسبة المتبقية تكون للمواد الخام مثل الأخشاب والحديد والأعلاف، وغيرها من المواد الأخرى.
وكانت مؤسسات القطاع الخاص في قطاع غزة قد قررت وقف التنسيق لدخول جميع أنواع البضائع عبر معبر "كرم أبو سالم"، لمدة يوم واحد الثلاثاء المقبل.
وقال ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة في بيان وصل "الرسالة"، إن مؤسسات القطاع الخاص في غزة، قررت ايقاف التنسيق لدخول البضائع كافة ولمدة يوم واحد فقط "كخطوة أولية".
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الكارثية في القطاع، مؤكدا أن الحراك مستمر في هذا الاتجاه.
ولفت إلى أن الانخفاض ابتدأ مع مطلع الشهر الماضي (يناير)، مُبديا تخوفه من انخفاض عدد الشاحنات بشكل أكبر، والتي قد تصل إلى 250 شاحنة يوميا.
تخوفات اسرائيلية
وفي عددها الصادر الإثنين الماضي، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن البضائع الواردة لقطاع غزة تعيش انخفاضا غير مسبوق في عدد الشاحنات.
ووفق الصحيفة العبرية، فإن الأسبوع الماضي سجل رقما قياسيا سلبيا بدخول 325 شاحنة يوميا، مقارنة ب 800 إلى 1000 في اليوم العادي.
ولفتت إلى أن عدد الشاحنات التي تدخل غزة من المعبر جرى انخفض كثيرا خلال العام المنصرم، مرجعة حالة الانخفاض إلى عجز القدرة الشرائية لدى المواطنين في غزة، نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التدهور الخطير يثير القلق لدى جيش الاحتلال، وخاصة قيادة المنطقة الجنوبية، خشية من أن تنعكس بشكل سلبي على الأوضاع الأمنية في تلك المنطقة.
ويعيش قطاع غزة حالة من الركود الاقتصادي بفعل الحصار المفروض على قطاع غزة وأزمات الموظفين المتتالية.
ويأتي انخفاض عدد الشاحنات عقب أشهر من تسلم حكومة الوفاق للمعابر في قطاع غزة، وفي ظل استمرار سلسلة العقوبات التي فرضها الرئيس عباس بأبريل الماضي؛ أبرزها خصم 30% من رواتب موظفي السلطة وإحالة ألاف منهم للتقاعد المبكر.
وفي حينه، اشترط عباس حل اللجنة الإدارية التي كانت تشكلها حركة "حماس" لإدارة قطاع غزة بديلا عن تولى حكومة الوفاق الوطني مسئولياتها في القطاع.
ورغم إعلان حماس منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي حل لجنتها الإدارية ومن ثم توقيعها اتفاقا مع حركة فتح لتمكين حكومة الوفاق من تولى مسئولياتها في قطاع غزة فإن عباس لم يتراجع عن إجراءاته.