فيما دخل القطاع الصحي في غزة مرحلة "الإنعاش" جراء توالي الأزمات التي مست قدرته على مواصلة دوره في خدمة أهالي قطاع غزة، لاسيما على صعيد توفر الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في ظل الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، تواصل حكومة الحمد الله ممثلة بوزير الصحة جواد عواد إهمال مناشدات وزارة الصحة بغزة على مدار أكثر من ثلاثة شهور لتوفير المستلزمات الصحية والوقود لمستشفيات القطاع.
واضطرت وزارة الصحة بغزة لإعلان حالة الطوارئ وإغلاق بعض الأقسام ضمن إجراءاتها "التقشفية"، لاسيما أن إعلان وزير الصحة عن تخصيص مليون شيكل لتزويد مرافق غزة الصحية بالوقود ظل حبيس الفضاء الإعلامي.
خطة تقشف
المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، أوضح أن الوزارة تعمل هذه الأيام ضمن خطة "تقشف" في استخدام الوقود الخاص بتشغيل المولدات ما تسبب بإيقاف بعض الأقسام الطبية، وقال في حديث لـ "الرسالة": "إن المرافق الصحية تحتاج نحو 450 مليون لتر من السولار شهرياً في حال كان جدول التيار الكهربائي من (8 إلى 12 ساعة)، وترتفع احتياجاتها إلى 950 ألف لتر شهرياً إذا ازدادت ساعات الانقطاع عن 20 ساعة يومياً".
وبين أن تكلفة الوقود لتشغيل المرافق الصحية والمستشفيات في غزة تقارب الـ 2000 دولار لكل ساعة انقطاع للتيار الكهربائي، منوهاً إلى أن أزمة الوقود الخانقة سيكون لها تداعيات خطيرة على مجمل الخدمات الصحية التي تقدمها في القطاع، مضيفاً أن الوزارة اتخذت إجراءات تقشفية للاستفادة المثلى من كمية الوقود المتوفرة لديها، وشغّلت المولدات الكهربائية الأقل حجمًا في مرافقها لإطالة أمد الخدمات الصحية".
ويعيش قطاع غزة ظروفا إنسانية متردية في ظل تهرب حكومة التوافق من مسؤولياتها اتجاه الغزيين، بعد أن حلت حركة حماس اللجنة الإدارية مع توقيع اتفاق المصالحة في أكتوبر الماضي وتسليم الوزارات والمعابر وإدارة الحكم للسلطة الفلسطينية.
الوقود لا يكفي
مدير المستشفيات في وزارة الصحة بغزة عبد اللطيف الحاج، قال "إن كميات الوقود المتوفرة في مخازن الوزارة لا تكفي إلا لتشغيل بعض المستشفيات الكبرى في غزة، وذلك لإنقاذ أرواح المرضى من الوفاة، وهي كافية لمدة ثلاثة أسابيع فقط كي تستمر هذه المستشفيات في العمل".
وأوضح الحاج في حديث لـ "الرسالة" أن هناك خطرا يهدد عمل غرف العمليات في المستشفيات الكبرى، نظرا لعدم توفر بعض الادوية، مشيرا إلى وجود خطر حقيقي على حياة مرضى الأورام السرطانية، نتيجة عدم توفر بعض الأدوية التي تخصّ علاجهم.
واتهم الحكومة في رام الله بالتعنت في إرسال بعض الأدوية أو دعامات قسطرة القلب، مناشدا الجهات الدولية والطبية بضرورة التدخل لإنقاذ القطاع من كارثة إنسانية محققة.
بدوره، حذر مدير مستشفى عبد العزيز الرنتيسي للأطفال محمد أبو سلمية، من توقف الخدمة بشكل كامل في المستشفى بسبب قرب نفاد الوقود، متوقعاً في حديث لـ "الرسالة" نفاد الوقود في خلال خمسة أيام، "ما سيعرض حياة المرضى للخطر الشديد"، مؤكدا أنه "لا غنى عن الكهرباء ولو لثانية واحدة؛ خشية من تعرض المرضى للخطر أو الوفاة".
وأشار إلى أن اعتماد أقسام "العناية المركزة، والغسيل الكلوي، والمناظير والعمليات وتحضير العلاج الكيميائي" على الكهرباء بشكل كامل، موضحاً أن عدد المرضى المنومين في المستشفى نحو 80 مريضًا، بالإضافة إلى 400 مريض يترددون على العيادة الخارجية التابعة له بشكل يومي.
تحذيرات خطيرة
بدوره، حذر ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية "جيرالد روكينشاوب" من استمرار أزمة نقص الوقود داخل المرافق الصحية في قطاع غزة مع نهاية فبراير أو على أبعد تقدير خلال شهر مارس المقبل.
وقال روكينشاوب، خلال تصريح صحفي أدلى به عقب اجتماع له مع وكيل وزارة الصحة بغزة الأسبوع الماضي، "إن الأوضاع صعبة للغاية بالنسبة لمشافي قطاع غزة"، موضحاً أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة في غزة هي إجراءات صعبة ومؤلمة، ولكنها ضرورية في سبيل الحفاظ على أرواح الناس وإلى حين محاولة إيجاد حل للأزمة.
وبين ممثل منظمة الصحة العالمية أن منظمته تبذل جهودا مكثفة في سبيل إنهاء أزمة إمداد مستشفيات قطاع غزة بالوقود، مشيراً إلى أنه تم عقد لقاء وإطلاع الجهات الدبلوماسية الدولية على صورة الأوضاع الصحية في قطاع غزة.