قائمة الموقع

"كمين العلم" يكشف عورة الاستعداد (الإسرائيلي) على حدود غزة

2018-02-19T09:48:03+02:00
جانب من مكان العملية
الرسالة نت - محمود فودة

قرنت القيادات السياسية والعسكرية (الإسرائيلية) تقدير موقفها حول عملية كمين خانيونس السبت الماضي، بنتائج التحقيق بتفاصيل الحادثة التي اعتبرتها الأخطر منذ عدوان 2014، مما يشير إلى حجم الصدمة التي أصابت القيادة إثر الهجوم الذي اعتبر كلاسيكيا، بينما وقعت فيه قوة من نخبة الجيش.

ولطالما تفاخرت (إسرائيل) على مدار الأعوام التي تلت عدوان 2014 بإنجازها مناورات عسكرية ضخمة على حدود غزة، بهدف الاستعداد القتالي لأي معركة قادمة مع المقاومة، إلى أن جاء "كمين العلم" وعبوته الناسفة الصغيرة الحجم، الكبيرة المضمون والرسالة، لتنسف الجهد المبذول لطمأنة الجبهة الداخلية.

ويأتي هذا الهجوم في وقت حساس تعرضت فيه هيبة المنظومة الأمنية الإسرائيلية لضربة في شمال فلسطين المحتلة، بإسقاط طائرة حربية قبل أسبوع من كمين خانيونس، مما انعكس سلبا على موقف القيادة الإسرائيلية أمام جمهورها، عدا عن إضعاف قوة التهديد الإسرائيلي والتقليل من جدواه خلال المرحلة المقبلة، في ظل الفشل الذي منيت فيه شمالا وجنوبا في غضون فترة وجيزة.

وبالنظر إلى التفاصيل، فإن قوة هندسية حربية وقوة من لواء غولاني اقتربتا السبت الماضي من السياج المحيط بغزة، لإزالة العلم الذي زرعه المتظاهرون في اليوم السابق. هذا الإجراء يقوم به الجيش كل أسبوع، لكن هذه المرة انتهى بشكل مختلف، إذ تم اخفاء عبوة ناسفة تحت العلم فانفجرت وأصيب ضابطان وجنديان، بينهم قائد الفصيل من لواء غولاني وضابط في وحدة الهندسة القتالية.

وتوضح وسائل إعلام (إسرائيلية) أن بعض المتظاهرين استغلوا هذه المرة الضجة لوضع عبوة ناسفة على السياج. ومن أجل اجتذاب الجنود، وضعوا علما فلسطينيا على السياج، وأخفوا تحته العبوة، مشيرةً إلى انه كان من المفترض أن تنفذ القوة "إجراء التعامل مع العبوات" المعروف أيضا باسم "إجراء القبطان"، الذي يتضمن تعليمات صارمة صاغها فيلق الهندسة من التجارب السابقة، بهدف الحد من خطر وقوع الإصابات، إذ يتضمن الإجراء: الوصول الآمن، وتحييد الموجودات المشتبه فيها وتشغيل الروبوت -كل هذا قبل وصول المشاة إلى النقطة، وكجزء من تحقيق الجيش، سيتعين عليهم التحقق فيما إذا كانت القوة تصرفت وفقاً للإجراءات أم لا.

وتضع عملية خانيونس أسئلة صعبة طرحتها أوساط (إسرائيلية) أهمها هل عملت القوة بشكل صحيح؟ هل تم حماية الجنود بشكل صحيح؟ هل كان هناك مبرر لإزالة العلم مع المخاطرة بحياة الجنود؟ هل تعذر تنزيل العلم عن بعد؟

وفي التعقيب على ذلك، قال عاموس هرئيل الكاتب في صحيفة هآرتس إنه سيتعين على الجيش التحقق فيما إذا كان خطأ في الاجراء هو ما قد خلق نقطة الضعف، مضيفا أن المهاجمين كانوا على دراية بالإجراءات التي يدرس بها جيش الاحتلال الإسرائيلي النقاط المشبوهة وسحبوا وفق ذلك الجنود إلى الفخ.

ويوضح أن ما جرى هو أخطر حادث منذ نهاية "الجرف الصامد"، في أغسطس 2014، وسيكون من الضروري دراسة إمكانية سلوك خطأ من الجيش -ربما شعور مبالغ فيه من الامن، أو عدم اتباع إجراءات السلامة الكافية -.

أما امير بوخبوط في موقع والا العبري فكتب تحت عنوان "جيش "الدفاع" الإسرائيلي فوجئ في نقطة الضعف: الأسئلة الصعبة التي نشأت عن الانفجار"، قائلاً: يجب على قائد المنطقة الجنوبية الميجر جنرال ايال زامير ان يسأل نفسه، كيف وفي هذه الفترة الحساسة والمتفجرة حدث هذا الفشل العملياتي -عبوة ناسفة اصابت أربعة جنود -على السياج الحدودي لقطاع غزة. هذا الهجوم كلاسيكي، كان يمكن أن ينتهي بأربعة جنود قتلى، على الرغم من التوتر والتحذيرات الواضحة".

من جهته، يرى الدكتور أحمد رفيق عوض المختص في الشؤون الإسرائيلية أن (إسرائيل) اضطرت لامتصاص الهزّة التي تعرضت لها على جبهة غزة السبت الماضي، كما فعلت ذلك مسبقا على جبهة سوريا، وهي مضطرة لذلك بعد فقدانها زمام المبادرة، واجتماع الجبهات في موقف واحد.

وأوضح عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن تصريحات قادة الاحتلال وزعماء الأحزاب كانت كافية لإظهار مدى التأثير الذي أصابهم نتيجة كمين خانيونس، مشيرا إلى العملية لم تكن حدثاً عابراً، بل عملية غير عادية ستسجل في تاريخ المقاومة الفلسطينية، ولن تنساها قيادة جيش الاحتلال، بعد أن استطاعت استدراج قوة من النخبة والهندسة إلى كمين محكم أحدث أضرارا بشرية ومادية.

وبيّن أن كمين خانيونس أصاب قيادة الاحتلال وجمهوره بـ"خيبة الأمل" بعد كل الاستعداد القتالي على مدار السنوات الماضية، والحشد العسكري لمناورات غير مسبوقة، إذ لم تستطع منع وقوع هجوم خانيونس، مما يضعف موقف الحكومة خلال الفترة المقبلة، خصوصا عند حديثها عن مجابهة المقاومة سواء في الشمال أو الجنوب.

وأشار عوض إلى ان (إسرائيل) ستعيد حساباتها عقب كمين خانيونس، وتضع في حسبانها أن المقاومة باتت على قدر من الاستعداد والتطور العسكري ما يكفيها لتحقيق إنجازات بدون خسائر من طرفها، وبإمكانها ضرب المنظومة الأمنية بشكل واضح في الوقت والمكان اللذين تحددانهما.

وفي نهاية المطاف، تبدو المقاومة الفلسطينية قد استخلصت العبر من العدوان الأخير عام 2014، وازداد لديها الوعي الأمني والقدرة العسكرية بحيث تستطيع من خلالهما مواجهة الاحتلال، وإفشال مخططاته.

اخبار ذات صلة