كلوحة فنية بهية الألوان، تَرسم بسطات بائعو "سوق الخميس" منظرًا جماليًا في شارع "الأمريكية" الواقع إلى الغرب من منطقة شمال غزة، والذي جرى افتتاحه في الأول من الشهر الجاري.
الشارع الذي يمتد من دوار "التوام" إلى المدرسة الأمريكية بات أشبه بسوق شعبي يقصده آلاف المواطنين يوم الخميس؛ لسد احتياجاتهم وشراء ما يلزمهم، خاصة وأن المنطقة افتقرت على مدار السنوات الماضية لوجود مثل هذا السوق.
ووجد المواطن محمد حسونة ضالته في "سوق الخميس" الذي أصبح يفتح أبوابه أمام عتبة منزله؛ بعد أن كان مجبرًا على قطع مسافة طويلة كل أسبوع لجلب احتياجاته من سوق الشيخ رضوان بغزة، كما يحكي لـ"الرسالة نت".
وبينما يُقلب حسونة قطع الملابس التي وضعها صاحب إحدى البسطات في السوق، يُعبر الرجل الأربعيني عن ارتياحه الشديد لهذا السوق الذي بات يُلبي جميع رغبات بيته، ويسد حاجته وأولاده، وفق وصفه.
"كان همّا كبيرًا لدي في الماضي الذهاب لسوق الشيخ رضوان الذي كنت أحتاج أكثر من مواصلة حتى أصل إليه وأقضي يومًا كاملًا من أجل أن أشتري ما يلزم البيت، ولكن منذ أسبوعين أصبحت أنتظر بلهفة يوم الخميس لكي اصطحب أولادي ونشتري حاجتنا من أمام المنزل، فالأمر تحول من هم إلى متعة"، يقول حسونة.
ويشعر الرجل قمحي البشرة براحة شديدة بعد أن بات يوفر له سوق الخميس مختلف ما يحتاجه من خضروات وملابس وأدوات منزلية، متابعًا: "كل حاجة موجودة في السوق من الألف إلى الياء"، وفق قوله.
ولا يختلف الحال كثيرًا لدى المواطنة آلاء مسعود التي أصبحت "زبونًا" لدى بعض البائعين الذين تنتظرهم كل يوم خميس لتشتري ما يحتاجه بيتها وأبناؤها.
وتُبدي مسعود في حديثها لـ"الرسالة نت" إعجابها بمختلف البضائع التي يعرضها البائعون في السوق، قائلة "هناك كثير من الملابس والأحذية الحديثة، والماركات العالمية لمواد التجميل، وغيرها من الإكسسوارات، التي تتميز برخص سعرها مقارنة بالمحلات التجارية الأخرى".
وتنتظر الأم لأربعة أبناء انتهاء دوامها في مدرسة الأمير نايف المجاورة للسوق، حتى تذهب لشراء حاجة أولادها قبل عودتها للمنزل، "السوق مميز بما يعرضه من بضاعة وخاصة ملابس الأطفال ورخص ثمنها" تضيف مسعود.
وعلى ناصية إحدى المفترقات التي تؤدي إلى السوق ينصب البائع محمد جمال بسطته المرتفعة عن الأرض، ويعلق عليها بعض ملابس التراث والثوب الفلسطيني وعديدًا من القطع الأثرية المزركشة، التي يبدأ بعرضها لزبائنه.
وبعد بيعه إحدى القطع يُشيد جمال في حركة البيع التي لا تتوقف إلا بحلول ساعات المساء، مرجعًا ذلك إلى حيوية المنطقة التي تكتظ بالسكان ولا يتوفر فيها أي سوق.
الخمسيني الذي يتنقّل بشكل يومي بين الأسواق المنتشرة في قطاع غزة، بّين أن السوق يقصده مختلف الزبائن من كل أنحاء شمال القطاع، نظرًا لاحتوائه على كل المستلزمات التي يحتاجونها.
ونبعت فكرة إنشاء السوق من افتقار المنطقة الغربية للشمال للأسواق بشكل عام أو حتى على صعيد خضروات أو بيع الملابس والبضائع المختلفة مما حدا ببلدية بيت لاهيا إلى إقامته كل يوم خميس بعد توافق مع التجار، وفق ما يقول مدير البلدية المهندس تامر الصليبي.
وشهدت منطقة "الأمريكية" حركة تجارية نشطة أدت إلى إحداث تنمية اقتصادية وتطور مجتمعي وخففت أعباء كبيرة عن كاهل المواطنين الذين كانوا يتوجهون من غرب المدينة إلى شرقها لسد حاجتهم، بحسب ما يوضح الصليبي لـ"الرسالة نت".
ويشير إلى أن نجاح السوق يعود ليس لموقعه الإستراتيجي فحسب، وإنما إلى ترتيب أكثر من 850 بسطة فيه على طول الشارع الرئيس والكبير في المنطقة، إلى جانب تنوع البضائع المعروضة فيه، وثمنها المناسب.
وينوه الصليبي إلى أن بلديته تسعى إلى تطوير السوق بشكل أكبر عبر تخصيص مكان فيه لبيع المواشي وبعض أنواع الحيوانات.