كان مقتنعًا بأن توجسه من اليوم الأول كمدرس يساوي توجس طالب الصف الأول كذلك، فقرر أن يبدد ذاك الشعور بوصية أمه، "كيس بالون وكلمة واحدة "أنا بحبك"!
منذ اليوم الأول لم يحب الطلبة ذاك الأستاذ فحسب؛ بل أحبوا "الإنجليزية" التي كانت بمثابة هاجسًا لهم، قبل أن يحولها عماد أبو تركي 28 عامًا، الى سهلة محببة، أو دمعات لو غاب يومًا "عماد"!
حب بالوراثة!
فوق الطاولة قد تجد عماد، وبين الطلبة تراه يلتقط صورًا، وفي زاوية الصف مغمض العينين وبيديه بطاقة بحروف انجليزية، وعبر الهاتف كان حديثنا مع معلم الإنجليزي عماد من مدينة الخليل، في يوم اجازته، قلنا له باللغة التي يُحب: "هاي مستر عماد"، في حين وصلنا ترحيبه وضحكته تمامًا كمقاطع الفيديو التي يظهر خلالها مرحبًا بتلاميذه!
من مقاطع الفيديو للأستاذ عماد ستدرك أن حب الإنجليزية ضمن جينات العائلة، يضحك عماد مؤكدًا:" أبي وأمي واثنين من اخوتي تخصص انجليزي".
لا يكتفي عماد بتعليم اللغة الإنجليزية لطلبته في الصف، حيث يحاول تعميم التجربة وما لديه من شغف لنشره عبر صفحة متخصصة عبر الفيس بوك تحمل اسم "English with Imad ".
حب الإنجليزي بالوراثة هو السبب الرئيسي لتشجيع عماد ودعمه لإكمال طرحه لمحتوى "كويس" على تطبيق السناب شات والانستجرام كما يقول عماد ثم يضيف: "من المهم أن تكون الحصة تفاعلية بيني وبين الطلبة، لاسيما في المرحلة الأساسية، فالأطفال بحاجة لوسائل تعليمية من خلال اللعب والمرح".
لن ينسى عماد ذاك الأثر الذي تركه في نفوس طلابه يوم أن قرر أخذ إجازة لمدة ثلاثة أسابيع للتفرغ لرسالة الماجستير، حين رأى طالبًا خلال حصته يبكي وكانت المرة الأولى!
بكل براءة أجاب الطالب على سؤال الأستاذ:" ليش بتعيط؟" "عشان بدك تروح"، وقتها فقط شعر عماد بالمسؤولية الكبيرة الملقاة عليه.
ذاك الأستاذ الذي عرّف عن نفسه "للرسالة" بأنه شخص يحب الإنجليزية ويريد أن يوصلها للطلبة بكل سهولة، هو ذاته الحاصل على شهادة البكالوريوس تخصص أدب انجليزي من جامعة الخليل، ثم على شهادة ماجستير ترجمة انجليزي بالتزامن مع بداية عمله كمعلم في مدرسة الرحمة التابعة للجمعية الخيرية الإسلامية في الخليل.
فاقد الشيء!
عبر أسلاك الهاتف بان الحماس واضحًا على صوت عماد، وهو يشرح لنا عن لهفة الطلبة لرؤية أنفسهم عبر الصور في منصات الاعلام الاجتماعي، لاسيما عبر صفحة فيسبوك لأستاذهم عماد بعد حصول أحدهم على علامة كاملة في الامتحان، "أنا بسمع للطالب قبل ما أدرسه" يقول أستاذ الإنجليزي.
فاقد الشيء قد يدهشك في العطاء، فعماد الذي بدأ بدراسة الإنجليزية في المدرسة في الصف الخامس الابتدائي فقط، بات أستاذًا للإنجليزية، ومعلمًا في منحة برنامج آكسس بعد أن كان من أوائل الدفعة الأولى وهو في الصف التاسع.
المنحة والعائلة وأستاذ عماد في المرحلة الإعدادية الذي كان يتقن اللهجة الأمريكية، كانت جميعها عوامل مجتمعة ليكبر حب الإنجليزية في قلب عماد الذي حبب الإنجليزية لطلبته بداية ببالون و"بحبك"، مرروًا بمقاطع الفيديو التعليمية عبر سناب شات، وصور للطلبة وتحفيزهم عبر فيسبوك.