دعا الرئيس محمود عباس في خطاب أمام مجلس الأمن إلى إنشاء آلية متعددة الأطراف لحل القضية الفلسطينية، وذلك من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط بحلول منتصف العام الحالي.
وفي مداخلته الطويلة والنادرة أمام أعلى هيئة في الأمم المتحدة، طالب الرئيس الفلسطيني أيضًا الدول التي لم تعترف بفلسطين بالقيام بذلك. وقال من أصل 193 بلدًا في الأمم المتحدة، اعترفت 138 دولة فقط بفلسطين.
وعرض عباس خطة للسلام في الشرق الأوسط حدد فيها المرجعيات الأساسية لأي مفاوضات. وقال "نرجو منكم مساعدتنا!" وسط تصفيق شديد من الحاضرين قبل أن يغادر القاعة دون أن يستمع إلى كلمة السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة.
وندد الرئيس الفلسطيني بالقرارات الأحادية الجانب مثل اعتراف الولايات المتحدة في نهاية العام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، وذلك أمام أنظار السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي.
ودعا عباس إلى أن تكون "القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، وتكون مدينة مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاث".
مراقبون سياسيون رأوا أن خطاب عباس لم يحمل جديد، وآخرين اعتبروه مخالفًا لخطابه الذي ألقاه أمام المجلس المركزي في وقت سابق.
الكاتب والباحث السياسي الدكتور هاني المصري علق على خطاب عباس بالقول "لا جديد في خطاب الرئيس رغم أن الوضع جديد وخطير".
وأضاف في منشور له عبر "فيس بوك": "جيد رفض قرارات ترامب والحلول المطروحة، والمطالبة بالحصول على العضوية الكاملة وتطبيق القرارات الدولية، ولكن الرئيس يعرف وكلنا يعرف أن هذا غير قابل للتحقيق لأن الفيتو الأمريكي يقف له بالمرصاد".
وبحسب المصري "لا يكفي رفض الخطة الترامبية وإنما لا بد من وضع خطة عملية لإحباطها وهذا غير ممكن من دون إيجاد حقائق وواقع سياسي على أرض الصراع من خلال الكفاح لتغيير موازين القوى بما يجعل تطبيقها مستحيلًا".
ويعتقد المصري أن ذلك بحاجة إلى رؤية جديدة وارادة مستعدة لدفع الثمن وخطة قابلة للتحقيق، وهذا كله بحاجة لإعطاء الأولوية لاستعادة الوحدة على أسس وطنية وديمقراطية توافقية وتعددية وشراكة حقيقية، وليس الحديث وكأن الوحدة متحققة والكل يعرف أن هذا بعيد عن الحقيقة بعد الأرض عن السماء.
من جهته اعتبر الكاتب حسام الدجني أن خطاب الرئيس بمثابة "انقلاب على خطابه في جلسة المجلس المركزي، وهو ما يؤكد على عدم وجود استراتيجية ثابتة تعمل على تنفيذها القيادة الفلسطينية".
ولخص الدجني نقاط التناقض في منشور له عبر فيس بوك بــ:
1. في خطاب المركزي أعلن عن إخراج الولايات المتحدة من أي وساطات أو رعاية لعملية السلام، وأمام مجلس الأمن أعلن أننا بحاجة لمؤتمر دولي تشارك فيه كل الدول بما فيها الولايات المتحدة.
2. في الخطاب الأول أعلن أنه بصدد المشاركة والانضمام في كل المنظمات الدولية والذهاب لمحكمة الجنايات الدولية بينما في خطابه الأخير أكد التزامه بما تم الاتفاق عليه مع أوباما أي عدم الذهاب لـــ 22 منظمة دولية ترفض انضمامنا إليها "إسرائيل" والولايات المتحدة.
3. طالب الرئيس في خطاب المركزي ترمب بالتراجع وإلغاء قراره بشأن القدس بينما في خطابه الأخير طالب ترمب بتجميد القرار.
4. توصيات المجلس المركزي طالبت بالتحرر من أوسلو واتفاقية باريس الاقتصادية بينما في خطاب مجلس الأمن أكد على تطبيق اتفاقية أوسلو، ورافق ذلك سلوك من حكومة الحمد الله خلال الأيام الماضية بعقد وتعزيز من الاتفاقيات الاقتصادية.
وفي السياق ذاته وصف الكاتب ذو الفقار سويرجو مبادرة الرئيس أمام مجلس الأمن بــ"البائسة وتعيد إنتاج التاريخ البائس من مفاوضات مذلة وغير متكافئة".
وقال عبر "فيس بوك": "هناك قلب واضح لمفهوم المؤتمر الدولي الذي تم التوافق عليه فلسطينيًا، المؤتمر الدولي يجب أن يكون كامل الصلاحيات يعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وليس التفاوض عليها".
وختم سويرجو حديثه بالقول "أما أن يكون المطلب الفلسطيني هو عقد مؤتمر دولي للعودة للمفاوضات وعودة المماطلة والتسويف وكسب الوقت على حساب شعب يعاني الأمرين من استمرار الاحتلال والحصار والقتل والاعتقال فهذا لن يكون مؤتمرًا دوليًا بل مؤامرة دولية".