تشهد الجبهة الداخلية الإسرائيلية تضارباً حول إعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة لدى جيش الاحتلال، حيث أثيرت هذه القضية من جديد بعد الاستيلاء على جثامين الفلسطينيين الذين استشهدوا في حادثة تفجير النفق شرق خانيونس قبل عدة أشهر.
قبل أيام علقت المحكمة الاسرائيلية العليا قرارا يقضي بمنع الحكومة من احتجاز جثث الشهداء الذي صدر في نهاية العام الماضي، وأن تعقد المحكمة جلسة أخرى من سبعة قضاة لمناقشة ملف تسليم جثث الشهداء الفلسطينيين.
وجاء في قرار العليا أن الحكومة لا تملك صلاحية احتجاز جثث الشهداء، وأمهلتها مدة ستة أشهر، حتى تتمكن خلالها من سن قانون يجيز الاحتجاز، على أن يتم تسليم الجثامين إلى ذويهم في حال فشلت الحكومة في سن القانون.
ويري المختص بالشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر أن احتجاز قوات الاحتلال لجثامين الشهداء بدأ يدخل ضمن الدائرة السياسية الإسرائيلية، بالإضافة إلى محاولة أخذها الوجه القانوني للاحتجاز.
وهذا ما أكدته الوسائل العبرية أن القرار السابق قد أثار احتجاجات في الجهاز السياسي ووسط عائلات القتلى الإسرائيليين، ما دفع المجلس الوزاري المصغر (السياسي - الأمني) بأن يقضي بعدم تسليم جثث منفذي العمليات، وإن "المبادئ المفصلة في رأي أغلبية القضاة ليست مقبولة".
وقال أبو عامر لـ"الرسالة" إن تدخل محكمة العدل العليا وإيقافها لقرار المحكمة بإعادة جثامين الشهداء هو إجراء احترازي وإداري في المقام الأول حتى تتم دراسة الملف بالكامل، وحتى الان المحكمة لم تسن أي قوانين يسمح لها بالاحتجاز.
وأضاف: "الان ننتظر إما اتخاذ قرار سياسي بمنع إعادة الجثامين أو مسوغ قانوني يسمح لها باحتجازهم، ومن المرجح أن تحيل قضية الجثامين إلى الجانب السياسي ليقرر إعادة الجثمان".
وتوقع أبو عامر أن تميل المحكمة العليا إلى توجه حزب اليمين المتطرف بترك قضية الاحتجاز للسياسيين، مستبعداً إصدار قانون يسوغ لقوات الاحتلال الاحتجاز، لإرضاء عائلات الجنود المحتجزين في قطاع غزة، ولأن ذلك مخالف للقانون الدولي الإنساني.
وبين أن الاحتلال أجل تسليم الجثث عدة مرات من أجل المساومة عليهم بصفقة تبادل أسرى، وتابع: "الجانب الفلسطيني لا يمكن الضغط عليه من هذا الجانب وعدم التسليم يؤثر على الحالة الأمنية بالضفة.
وأوضح أبو عامر أن الذي سيحسم قضية الاحتجاز قرار أمني وسياسي على حد سواء من أجل الحفاظ على الاستقرار الأمني بالضفة، وبعد إصدار الحكومة القرار النهائي ستنظر إلى حالة رضا الشارع الإسرائيلي وستتذرع بوقوف الجهات الأمنية في منع الاحتجاز.
وبدوره قال عضو حملة استرداد جثامين الشهداء الفلسطينيين، سالم خلة، إن قرار المحكمة العليا بوقف إعادة جثمان الشهداء وتهديد بعض الوزراء الإسرائيليين بنقل جثامين الشهداء من الثلاجات إلى مقابر الأرقام، لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا إصرارا لاستكمال نضالهم القانوني والشعبي لاسترداد الجثامين.
وأكد خلة لـ"الرسالة" أن سلطات الاحتلال لا تزال تنتهج اسلوب المماطلة والتأجيل والمباعدة في جلسات المحاكم والتهديد بنقل الجثامين إلى مقابر الأرقام، وأضاف "استرداد الفلسطينيين لجثث الشهداء حق انساني ووطني وقانوني"
وبين أن (إسرائيل) هي الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات على الجثث، حيث أنها تمتلك خمس مقابر أرقام جميعها واقعة بمناطق عسكرية مغلقة.
وتابع خلة: "الاحصائيات تشير أن الاحتلال احتجز 10 جثامين بعد هبة أكتوبر 2016 في الثلاجات، بالإضافة إلى وجود 249 جثماناً في مقابر الأرقام، و67 مفقوداً، ولا يزال مصير 19 مواطنا مجهولا منذ العدوان على غزة.
ومع العلم أن الاحتلال قد ادعى أن احتجاز الجثث سيساعد في إنجاز صفقة لتبادل الجثث والأسرى مع حركة حماس، بزعم أنها تحتجز جثتي الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول منذ الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة في صيف العام 2014، إضافة إلى جنود آخرين.
ويشار إلى أنه بعد أسبوعين من صدور قرار تسليم جثث الشهداء الفلسطينيين، قدمت النيابة العامة إلى المحكمة العليا طلبا لعقد جلسة أخرى، وادعت أن قرار المحكمة السابق يشكل "مساً بصندوق الأدوات المتوفرة لدى الدولة والقانون القائم لغرض الدفع بالمفاوضات لاستعادة مواطنين أحياء وجثث جنود إسرائيليين".