حاول جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، أن يخفي واحدة من أبشع جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، بعد أن أعلن عن استشهاد الأسير ياسين عمر السراديح (33 عاماً)، بعد اعتقاله بساعات إثر اصابته بتشنجات وتعرضه للاختناق بالغاز، الذي أطلقه الجيش حين اعتقاله خلال عملية اقتحام منزله.
ومنذ إعلان استشهاد السراديح فندت عائلته التي كانت شاهداً على عملية الاعتقال، راوية بيان جيش الاحتلال، وأكـدت أن وفاته جاءت بسبب الضرب المبرح الذي تعرض له فجر الخميس الماضي خلال اعتقاله، واستنشاقه الغاز السام، مشددين على أنه لم يكن يعاني من أيه أمراض تسبب الوفاة.
راوية الاحتلال الغامضة بظروف استشهاد السراديح وعدم موافقتها على تسليم جثمانه، شكلت موجة كبيرة من الضغط الحقوقي المحلي والدولي للمطالبة بكشف تفاصيل الحادثة، ما أجبره على تشكيل لجنة لتشريح جثمان السراديح، للكشف عن أسباب وفاته شارك بها الطبيب الشرعي الفلسطيني ريان العملي في معهد الطب العدلي "أبو كبير" الجمعة الماضية.
وجاءت نتائج لجنة تشريح جثمان الشهيد صادمة، بعد أن أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين مساء الجمعة الماضي أن النتائج الأولية لتشريح جثمان الشهيد السراديح تؤكد قتله برصاصة في أسفل البطن أُطلقت عليه من "مسافة صفر".
ونقلت الهيئة على لسان الطبيب الفلسطيني ريان العلي المشارك في عملية تشريح جثمان الشهيد، أن الرصاصة أدت إلى نزيف دموي، وتمزق الشريان "الحرقفي الأيمن" والوريد "الحرقفي الأيمن"، وخرجت من الظهر.
وأوضحت أن عملية التشريح كشفت إصابة الشهيد بكسور في منطقة الحوض، وكدمات ورضوض في منطقة الرأس والصدر والرقبة والأكتاف، أي أنه تعرض إلى تعذيب قاسٍ قبل إعدامه بالرصاصة بدم بارد من جنود الاحتلال.
من جانبه اعتبر عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين جريمة قتل الشهيد السراديح، من أبشع الجرائم التي يكررها الاحتلال وينفذها على الفلسطينيين في عمليات الإعدام الميداني التعسفية والوحشية، والتي ازدادت منذ مطلع العام 2015.
وكشف قراقع "للرسالة"، أن سياسية الاعدامات بدلا من الاعتقال، أصبحت نهجاً وجزءًا من السياسية "الإسرائيلية" المتعمدة، وأن الشهيد السراديح أثبت أنها لا تزال مستمرة، بعد أن كان بالإمكان اعتقاله وتحييده بدلاً من قتله بالرصاص بدم بارد.
وحمل قراقع الاحتلال "الإسرائيلي" المسؤولية الكاملة عن استشهاده، داعياً المؤسسات الدولية والحقوقية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، وأن تقف في وجه الهمجية الإسرائيلية الغير مسبوقة على الأسرى الفلسطينيين داخل المعتقلات.
ويوضح المختص في شؤون الاسرى أيمن أبو ناهية، أن الشهيد السراديح لم يكن هو الشهيد الأول ضمن إحصائيات شهداء التعذيب في السجون الإسرائيلية، فقد سبقه قائمة طويلة من الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال نتيجة للتعذيب القاسي والمميت، والتقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية خير شاهد".
ويؤكد أبو ناهية أن الاحتلال أقدم على جريمة قتل السراديح لإحباط معنويات الأسرى المضربين عن الطعام، وكسر إرادتهم الوطنية كي تجعل منه عبرة لهم ولذويهم كي يفكوا إضرابهم، محذراً أن يكون استشهاده مؤشر خطير على حياة باقي الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون ومعتقلات الاحتلال، بعد أن تعمد قتله قبل دخوله المعتقل أو حتى سماع أقواله.
ويشير المختص في شؤون الأسرى أن مسلسل التعذيب والقتل الإسرائيلي للأسرى بدء منذ العام 1987، بعد مصادقة "الكنيست" الإسرائيلي على التوصيات الواردة في تقرير "لجنة لنداو" العنصرية، وبدء بالتوسع منذ عام 1996 حين أصدرت محكمة العدل العليا واللجنة الوزارية التابعة لشؤون المخابرات مجموعة قرارات تعطي فيها الضوء الأخضر لجهازي "الشين بيت" و"الشاباك" باستخدام التعذيب.