قائد الطوفان قائد الطوفان

المهندسة كشكو تحول "المشاطيح" إلى"تحف فنية"

غزة - رشا فرحات

تخرجت من قسم الهندسة المعمارية، وعينت لتفوقها معيدة في قسم الهندسة بالجامعة الإسلامية، فتاة صغيرة، بهامة كبيرة وأحلام واعدة، تسكن في حي الزيتون، وتحمل أحلاما كثيرة ونظرة فنية جعلتها تضع قدمها على الدرجات الأولى من السلم فصعدت بخطوات ثابتة، وما زالت.

وربما الحال الذي يعاني منه أغلب الشباب الخريجين من الجامعات الغزية جعلتهم يعانون من بطالة وتكدس في أعدادهم، ولكنها في ذات الوقت أخرجت المارد الساكن داخل كثير منهم فتفجرت ابداعا ونجاحا وهذا ما حدث لآية كشكو.

في مقابلة للرسالة مع كشكو المهندسة المعمارية التي حولت خشب" المشاطيح" لقطع فنية متميزة، قالت للرسالة: تخرجت من قسم الهندسة المعمارية والتي تشمل دراسة التصميم والبيئة والديكور، فأهلتني للتميز في صناعة القطع الخشبية، وهي فكرة كانت تدور في ذهني منذ زمن.

وتكمل: عملت بعد انتهاء فترة عملي معيدة بالجامعة في منظمة "مرسي كور" كعمل حر لمدة ثلاثة شهور وبعدها طرحت الجامعة الإسلامية مشروعا للمعماريات في تصميم الأثاث فشاركت فيه على الفور كونها اللحظة المناسبة لتحقيق حلمي وافتتاح ورشة خاصة لتنفيذ كل القطع الفنية التي تدور في مخيلتي.

توقفت عن الحديث قليلا لتعدل قطعة خشبية كانت تعدها ومن ثم تابعت روايتها:" تم قبولي فورا وقد كان هدف المشروع لتأهيلي للعمل في مصانع الأثاث وقد فرزت للعمل في مصنع أثاث منزل في المنطقة الصناعية".

 وتنوه كشكو إلى أن هناك فرق بين عمل الهندسة والنجارة، فالمهندس مسؤول عن تصميم الأعمال قبل تنفيذها، بينما النجار يقوم بتنفيذ تصاميم جاهزة تصله على هيئة كتالوجات فيقوم بتنفيذها. وهذا الدور في التصميم الذي يقوم به المهندس ولا يقوم به النجار.

وتكمل كشكو أنها كانت ترسم للمصنع حيث كانت تتدرب على تصاميم لأطقم نوم وأثاث بأفكار جديدة مبتكرة ما جعلها تفكر في افتتاح ورشتها الخاصة وتقديم أفكار متفردة وقطع متميزة، واختارت العمل بخشب المشاطيح لأنه خشب مهمل ولا يستفيد منه النجار لصعوبة العمل به، ولكنه في ذات الوقت خشب قوي ويتحمل كل عوامل الجو والرطوبة والأمطار، لذا يمكن أن ينتج عنه قطع أثاث جيدة ومتقنة.

ويدخل الى قطاع غزة 100 شاحنة بضائع يوميا وكل شاحنة فيها 24 مشطاح لا تتم الاستفادة منها كما أخبرتنا كشكو، مضيفة: حاولت أن استغل الفكرة من باب إعادة تدويره لخدمة البيئة ومن باب أنها تعطيني فكرة لتقديم أفكار متشابهة بصفات مختلفة وبأسعار مختلفة حسب طلب وامكانيات الزبون.

وتضيف كشكو: استخدم برنامج الاتوكاد لتصميمات مميزة وقطع تكون بمثابة التحفة التي يقتنيها من يرغب باقتناء التحف.

ازدادت خبرة كشكو الآن أكثر بفضل الممارسة وأصبحت تنتج بإتقان كل قطعة بحيث تتميز عن الأخرى، وقد حفظت النسب والمقاسات فتطورت سرعتها بالعمل، كما ساعدت كثيرا من أصدقائها في تجديد الأثاث المستهلك، وفي النهاية شاركت في مسابقة المشاريع النسوية الريادية المتميزة.

ولعل أكثر ما يميز القطع التي تقوم على صناعتها آية كشكو أنها مناسبة لإمكانيات الجمهور، وذلك تبعا لسماكة الخشب المستخدم، فمن أراد أن يصنع طاولة قيمتها في أي مصنع آخر 600 شيكل، يمكنها أن تصنعها بثلث الثمن.

وعن تحديات المرحلة تقول آية: أنا أسكن في حي الزيتون وهو حي شعبي، لا تستطيع امرأة أن تفتح فيه ورشة لصناعة الأثاث، ولكن أهلي رغم تحفظهم وافقوا على فكرتي، ودعموني وشجعوني، مؤكدة أن دعمهم زاد الآن بعدما وجدوا الاقبال على القطع التي تصنعها.

ولفتت إلى أن بعض المحيطين بها في البداية لم يتقبلوا فكرة أن تكون مهندسة إعلامية أصلا، فكيف يمكن ان يتقبلوا فكرة افتتاح منجرة؟!

وتوضح كشكو أن التنفيذ واستخدام الأدوات كالمنشار قد يعرضها للخطر لذلك احتاجت عاملا مساعدا ليقوم بتنفيذ العمل.

وعن الدعم المادي لمشروعها تقول انها شاركت بمسابقة تدعى " مسابقة الحلول الخضراء" بدعم من الإغاثة الإسلامية البريطانية في مدينة القدس وقد فازت فعلا وحصلت على المركز الأول، موضحة أن الجائزة المادية التي حصلت عليها كانت داعمة لها لشراء معدات خاصة كالمناشير والمواد الخام للاستعانة بها في العمل بورشتها، وهي تطمح بتوفر الإمكانيات لافتتاح معرضها الخاص قريبا.

وبالعودة للحديث عن الجوائز، تحكي كشكو أن مشروعها تأهل لنيل جائزة أخرى على مستوى الوطن، متمنية أن تكون من نصيبها وهي المؤهلة الوحيدة من قطاع غزة والفوز سيكون بعدد المتابعين للمشروع على صفحة فيسبوك وهي مسابقة من تنظيم القنصلية البلجيكية في القدس، قائمة على البحث عن رياديات وصاحبات مشاريع على مستوى الوطن، وتم ترشيح عشرة مشاريع نسائية كان مشروع آية كشكو أحدها.

تطمح المهندسة بأن يكون مشروعها هو الفائز بلقب أفضل امرأة ريادة في فلسطين، ويكون لها معرضها الخاص الذي تقدم فيه قطعا من الأثاث بأسلوب عصري ومميز وبلمسات فنية تميزها عن غيرها.

 

البث المباشر