للأسف الشديد يعاني أكثر من 70-80% من أطفال العالم الثالث، و33-40% من أطفال العالم المتقدم من انتشار فقر الدم-الانيميا.
وغالبا ما يكون القاسم المشترك الاساسي هو سوء تغذية الأم، إما بسبب الفقر أو بسبب جهل الأم بالتغذية السليمة، وفي أغلب الحالات يكون تطور فقر الدم عند الطفل منذ الصغر دون ملاحظة الأهل والمتابعة اللازمة لذلك.
فما هو فقر الدم أو الأنيميا؟
فقر الدم ليس مرضا في حد ذاته وإنما يشكل عرضا محتملا لعدد من الحالات أو الأمراض، وهي حالة يعاني فيها الإنسان من انخفاض في مستوى الهيموجلوبين أو خلايا الدم الحمراء وقد يبدأ مع الجنين منذ بداية الحمل.
فمن المعروف علميا أن الهيموغلوبين يبدأ بالتكون لدى الجنين في سن شهرين من الحمل (الأسبوع الثامن).
والهيموغلوبين الجنيني يختلف عن الهيموغلوبين لدى الكبار، ويرجع ذلك إلى أن الجنين يتلقى الأكسجين من دم الأم عند مروره بالمشيمة.
انتاج الهيموغلوبين الجنيني يتطلب كمية كبيرة من الحديد التي يحصل عليها من الأم بغض النظر عن وضع ومستوى الحديد لدى الأم، لذلك تنصح أن تحصل على الحديد الإضافي خلال فترة الحمل.
وبما أن خلايا الدم الحمراء والهيموجلوبين هي المسئولة عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى بقية خلايا الجسم، ونقل ثاني أكسيد الكربون من خلايا الجسم إلى الرئتين، فانخفاض مستوى الهيموغلوبين يؤدي إلى انخفاض إمدادات الأوكسجين إلى أنسجة الجسم وانخفاض الأداء الوظيفي لأجهزة الجسم المختلفة.
الاسباب:
السبب الأول:
هو خلل في إنتاج الهيموغلوبين وخلايا الدم الحمراء. وهو أكثر الاسباب شيوعا لحدوث فقر الدم. ويكون السبب في انخفاض إنتاج الهيموغلوبين راجعا لنقص الحديد وخصوصا في السنة الاولى من عمر الطفل، ويرجع ذلك لزيادة وزن الطفل بثلاث مرات وكذلك حجم الدم، الأمر الذي يتطلب إنتاجا مكثفا للهيموغلوبين، ولذلك فمن الضروري إضافة الحديد لنظامه الغذائي. الحديد يشكل مركبا هاما في الهيموجلوبين وعند نقصه لا يتم إنتاج ما يكفي من الهيموغلوبين.
ملاحة هامة: لابد أن تعي الأم أن 10-15 % فقط من الحديد يتم امتصاصه من الغذاء، وهناك مواد مثل فيتامين C الذي يحسن من امتصاصه في الجهاز الهضمي، لذلك لا ينبغي إعطاء مكملات الحديد مع الحليب الذي يعرقل امتصاصه. بل يجب إعطاء الحديد ممزوجا بأي نوع طبيعي من العصائر لاحتوائها على فيتامين C.
وفي حالات أخرى يكون السبب والخلل الرئيس هو نقص الفيتامينات الضرورية لبناء الهيموجلوبين مثل: حمض الفوليك أو فيتامين B12.
وهذه الحالات وإن كانت نادرة نسبيا، فإنها تشير عادة إلى وجود مشكلة في الجهاز الهضمي، مما يسبب نقص أو حتى عدم تكوين B12 وهذا أيضا يحدث عند النباتيين، والعلاج يكون عن طريق إضافة الفيتامين الناقص.
النوع الثاني:
مدة حياة كريات الدم الأحمر الطبيعية هي حوالي 120 يوما، وفي هذه الحالة قد يكون السبب:
فقدان الدم مثل حدوث النزيف
أو قد يحدث زيادة تدمير خلايا الدم الحمراء، ويحدث في عدد من الحالات الخلقية، الوراثية مثل:
السبب الشائع لزيادة التدمير هو كثرة الكريات الحمراء الكروية الخلقي، ففي هذا المرض يكون هناك خلل في بناء الكرية بسبب وجود خلل في البروتين الموجود على جدار الكرية. العلاج يكون بواسطة تلقي جرعات الدم بحسب الحاجة، وفي وقت لاحق من الحياة استئصال الطحال.
والسبب الآخر لزيادة تدمير خلايا الدم الحمراء هو نقص خلقي في الانزيم في هذه الحالة ليس هناك تدمير منتظم لكريات الدم الحمراء إلا إذا التقت مع دواء أو غذاء مثل الفول الذي يؤدي لتدميرها السريع.
كما توجد حالتان إضافيتان هما مرضان وراثيان نادران:
الثلاسيميا وهو مرض وراثي ناجم عن خلل كمي في إنتاج أحد بروتينات الهيموغلوبين.
فقر الدم المنجلي وهو مرض وراثي يحدث نتيجة لخلل نوعي في أحد بروتينات الهيموجلوبين.
الأعراض الرئيسية:
التعب العام
شحوب الوجه والعيون والجلد بشكل عام
برود اليدين والقدمين
الصداع
الضعف والدوخة
النعاس الدائم
العصبية
صعوبة التركيز
فقدان الشهية
سرعة ضربات القلب.
انخفاض في ضغط الدم
ضيق وتسارع وتنفس سطحي
ألم في الصدر بسبب التنفس السطحي والسريع
الشعور الدائم بألم في عضلات الجسم بسب قلة الاكسجين الواصل لخلايا العضلات
الشعور شبه الدائم بجفاف الفم والحلق لتسارع التنفس
التشخيص:
يشخص فقر الدم بواسطة الفحص المخبري أو صورة الدم الكاملة (CBC)، ويتم فحص عدد خلايا الدم الحمراء، مستوى الهيموجلوبين، متوسط حجم خلايا الدم الحمراء، متوسط كمية الهيموغلوبين في كل كرية حمراء.
غالبا ما يتم اجراء المزيد من الاختبارات للتحقق من سبب فقر الدم، مثل: مستويات الحديد، البروتينات التي تربط الحديد (الفيريتين والترنسبيرين)، الفيتامينات المهمة لبناء الهيموجلوبين (حمض الفوليك، فيتامين B12).
علاج فقر الدم:
تتنوع العلاجات تبعاً للمسبب، وهي على النحو التالي:
نقص الحديد: يتم علاج فقر الدم من هذا النوع، في أغلب الحالات، بواسطة تناول مكملات الحديد.
نقص الفيتامينات: هو نوع صعب من فقر الدم تتم معالجته بواسطة حُقن تحتوي على فيتامين B - 12، وقد يستمر ذلك، في بعض الحالات، مدى الحياة.
مرض في نخاع العظم: يتراوح علاج فقر الدم الناجم عن هذه الأمراض المتعددة بين تناول أدوية بالمعالجة الكيماوية وحتى زرع نخاع عظم.
انحلال الدم: يشمل علاج فقر الدم الناجم عن انحلال الدم الامتناع عن تناول أدوية معينة، معالجة العدوى (التلوثات) المرافقة وتناول أدوية كابتة للجهاز المناعي الذي يهاجم خلايا الدم الحمراء.
وأخيرا أقول، أن المواظبة على تناول اغذية غنية بالحديد هي أمر هام جدا، وخاصة بالنسبة للأشخاص ذوي الأجسام التي تحتاج إلى كميات كبيرة جدا من الحديد، كالنساء الحوامل والنساء في سن الخصوبة. والأطفال الذين يستهلكون الحديد بكميات كبيرة في فترة النمو، من المهم جدا تزويد كميات كافية من الحديد وخاصة للأطفال، وللنباتيين، ولذلك يجب إدخال الأطعمة تدريجيا وخصوصا المكونات الغذائية التي تحتوي على: الحديد، حمض الفوليك، فيتامين B 12، فيتامين C، يكون كل ذلك كفيلا أن يعمل على حماية الأم وجنينها ومن بعد ذلك الطفل من الإصابة بفقر الدم أو على الأقل الحد من تطور فقر الدم.. ودمتم بصحة وعافية