قائمة الموقع

"السجن للأبطال" يواسي بها الطفل الأسير "البلعاوي" عائلته

2018-03-03T14:47:58+02:00
الأسير الطفل البلعاوي
الرسالة نت - ياسمين عنبر

لم تشفع براءة وجه الطفل "عبد الرؤوف" له في محاكم الاحتلال الإسرائيلي، فبمجرد صعوده إلى "البوسطة" يقيد الجنود المدججون بالسلاح قدميه ويديه، ويبقى على هذا الحال لأكثر من عشر ساعات حتى يصل المحكمة!

في مكان صغير مخصص للأسرى، يدخل الجنود "البلعاوي" في قاعة تمتلئ بالكاميرات، بحضور قاضٍ بعمر جده، يجلسونه ويقف بعض الجنود أمامه في محاولة لمنع أمه من أن تلمحه!

عبد الرؤوف البلعاوي من مخيم الدهيشة لم تخفه الكاميرات ولا الأسلحة، ولا القوانين التي تطبقها دولة كاملة على طفل لم يتجاوز ربيعه الثالث عشر بعد، وفي كل محكمة يقول لأمه: "اطمئني السجن للأبطال".

أمام أعين الكثيرين من المارة في طريق مدرسة "البلعاوي" عند محيط قبة راحيل شمال بيت لحم، انقض جنود الاحتلال عليه، وقيدوه واقتادوه بالبوسطة، بعد أن ضربوه ضربًا مبرحًا بحسب ما أخبر المارة أمه.

شريط الفيديو الذي وثق لحظات اعتقال "البلعاوي" أظهر محاولة جنود الاحتلال إطلاق النار على "عبد الرؤوف" ورفاقه، وهروب أصدقائه بينما لم يستطع هو لضعفه وصغر سنه أن يجري بنفس سرعتهم فتمكن الجنود من إحاطته والهجوم عليه وضربه.

بعد صدور لائحة اتهام للطفل "عبد الرؤوف" تضمنت إلقاء المولوتوف والحجارة، حاول الاحتلال نزع الاعترافات منه بكل عنجهية وقسوة، حيث استدعي والد "عبد الرؤوف" إلى مكان التحقيق ليحضر التحقيق معه، فشهد صراخ المحققين وترهيبهم لطفله لاستنطاقه.

"خفت يضربوا أبوي فاضطريت أعترف"، يقولها "عبد الرؤوف" لأمه في أول زيارة له في سجنه، بينما والده يصف مشهد التحقيق ويحكي: "كانوا يستفزونه ويلقون عليه الأقلام، ويهددوني بالضرب كي يخيفوه ويضعفوا عزيمته".

خوف "عبد الرؤوف" على والده لم يأتِ من فراغ، فقد جاء من تعرض والده لضرب الجنود قبل اعتقاله بشهور، حين اعتقلوا شقيقه "شهريار" حيث انهالوا عليه بضرب مبرح حتى أصبح لديه مشكلة في السمع.

أما الحديث مع والدته "أم علاء البلعاوي" فكان موجعًا وهي تتحدث عن معاناتها لا سيما أنها "أم الأسيرين"!

فابنها الأكبر "علاء" (22 عامًا) قد تم اعتقاله أيضًا، وهو واحد من رجال الإسعاف، تحكي: "اقتحموا منزلنا وأطلقوا النار على ابني الأكبر علاء فأصيب بساقه، واعتدوا على والده ببنادقهم".

أثناء حديث "الرسالة" عن ليلة اقتحام الجنود بيتها، تنهدت "أم علاء" كثيرًا، ومرات عديدة قطعت استرسالها في وصف تلك الليلة بـ"الفيلم"، تقول: "أحداث ليلة الاعتداء علينا لا يمكن أن يستوعبها أحد حين أسرد تفاصيلها".

حيث تم نقل علاء ووالده إلى المستشفى بعد إصابتهما من ضرب الجنود، وانتقل "علاء" إلى بيت جده ومكث فيه، تكمل: "في ليلة تفاجأنا بأن الجنود اقتحموا بيت جده واعتقلوه قبل شفائه من إصابته".

ويبدو من المستحيل أن تنسى "أم علاء" يوم أن اجتمعت محكمة علاء وزيارة طفلها "عبد الرؤوف"، تقول: "حسيت حالي بين نارين"، لا سيما وأن أسرتها كانت ممنوعة من الزيارة، تسترسل: "كنت بحاجة أن أطمئن على طفلي وفي نفس الوقت يجب أن نحضر محكمة علاء ونسانده ونبث العزيمة في نفسه".

تختم والدة "البلعاوي" حديثها: "كل العنجهية التي يستخدمها الاحتلال مع الأطفال سواء في التحقيق أو في البوسطة أو الزنازين كلها لإطفاء الثورة في قلوبهم ولبث الرعب في نفوسهم ليكبروا والجبن والخوف يلازمهم"، وبتوجع تكمل: "لم يكتفوا بخطف فرحتنا بالاعتقال وتغييب ابتسامة طفلنا عبد الرؤوف، فالتنغيص علينا لم ينته أبدًا".

لم يكن الطفل "البلعاوي" وحده من يقاسي من ظلم الاحتلال، فقرابة ال400 طفل يتعرضون لأبشع أساليب التنكيل والتعذيب في السجون الإسرائيلية، حيث يحتجزهم الاحتلال في غرف صغيرة وبأعداد كبيرة، ويبتزهم ويضغط عليهم للارتباط معه والعمالة، بعد تهديدهم بالسجن لفترات طويلة أو نسف المنزل واعتقال الأهل.

عدا عن اعتدائهم عليهم بالضرب المبرح، والهز العنيف، وتقييد الأيدي والأرجل وعصب الأعين، واستخدام الصعقات الكهربائية، والشبح، والحرمان من النوم، والضغط النفسي، والسب والشتم.

إضافة إلى ظروف الاحتجاز القاسية وغير الإنسانية والتي تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى، كنقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيها تهوية وإنارة مناسبتان.

هذا بالإضافة إلى الإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، ونقص الملابس، والحرمان من زيارة الأهل والمحامي، وعدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسيين، والاحتجاز مع البالغين، ومع أطفال جنائيين صهاينة، والتفتيش العاري، وتفتيش الغرف ومصادرة الممتلكات الخاصة، وكثرة التنقل وفرض الغرامات المالية الباهظة لأتفه الأسباب، والحرمان من التعليم.

اخبار ذات صلة