هناك سلوك غير مفهوم من طرف الرئيس عباس تجاه قطاع غزة، ويبدو انه مصر على عدم العودة اليها او تقديم خطوة إيجابية تجاهها، فهو يقوم بعملية انتقام متراكمة وطويلة قد تسجل كأغرب حالة انتقام شهدها التاريخ بعد حرق روما، أو أننا أمام رجل لا يملك من أمره شيئا وما هو إلا ديكور لسياسة اسرائيلية تركيعية لقطاع غزة الذي واجه الاحتلال في ثلاثة حروب، واستطاع في 2014 إذلال الجندي الاسرائيلي كما لم يذل من قبل، فأسره وقتله ووثق عمليات القتل والذل بشكل لم تتخيله (إسرائيل) من قبل، ولهذا يقوم الرئيس بما يملى عليه، او يتقاطع حسه الانتقامي مع الرغبة والسياسة الاسرائيلية.
بدأ الرئيس عباس إجراءاته التي أسماها عقابية والتي تحمل نفسا انتقاميا خطيرا بحجة تشكيل اللجنة الادارية المسيرة لواقع قطاع غزة لملء الفراغ الاداري، ولم تستهدف هذه الإجراءات حماس او مناصريها بل ركزت على عموم أهالي قطاع غزة، وتمت إصابة القطاعات المختلفة فيها كالكهرباء والاقتصاد ورواتب الموظفين والصحة والتعليم، وكان شرطا للتراجع عنها حل اللجنة، وقد تم بالفعل حل اللجنة الا ان الرئيس عباس انتشى اكثر ولم يتراجع بل لم يوقف من سلوكه الغريب وزاد الحصار والتقليص والخنق.
صحيفة العربي 21 الالكترونية تقوم بنشر خبر عن مصادر أن الرئيس عباس رفض عرضا قطريا اميريا بحل مشكلة الكهرباء بشكل كامل في قطاع غزة، وتم عرض المشروع وباعتقادي وعشرات من المشاريع على السلطة للعمل على ترتيب وتحسين وحل اشكاليات غزة.
الا ان الرئيس عباس رفض العرض واستمر بتجاهل غزة وشعبها، ربما لم نتوقف كثيرا امام هذا الخبر لو لم يعزز سلوك عباس الانتقامي تجاه قطاع غزة، والذي يتوافق مع الرؤية الاسرائيلية لذلك، ولن اتوقف كثيرا عن الاسباب النفسية العميقة والحس الانتقامي للرئيس عباس تجاه القطاع لكن ما نحذر منه أن انهاك القطاع وتركيعه يصب فقط في صالح الاحتلال، وسيمهد الطريق لتمرير مشاريع التصفية الاسرائيلية، يمكن للرئيس عباس الخروج من هذه الدائرة بالإعلان ان جميع القرارات قد اتخذت بأمر اسرائيلي وضغط وانه لن يشارك بهذه اللعبة ولن يمنحها شرعية وهذا سيجعل مواجهتها اقوى، اما الاستمرار فيها فيعني امرا واحدا انه يعين الاحتلال على تمرير صفقات وتسويات خطيرة تمس القضية الوطنية وان اظهر واعلن عكس ذلك.
ولهذا انصح قيادة فتح والسلطة بتدارك الامر سريعا، فما يقوم به الرئيس عباس لن يؤثر عليه وحده بل على أهلية وبقاء حركة فتح في القيادة، وباعتقادي أننا أمام واقع صعب وقاس يحتاج مسؤولية عالية وكشفا للأوراق وعدم الاختباء خلف اصابعنا.