"الرسالة" تستطلع الآراء حول فرص نجاحها

مسيرات العودة رد عملي على صفقة القرن وإعلان القدس عاصمة للاحتلال

الرسالة-عماد توفيق

تمثل مسيرات العودة المقررة باتجاه السلك الزائل شرق قطاع غزة رداً شعبياً فلسطينياً على صفقة القرن، وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان مدينة القدس عاصمة للاحتلال، وذلك كخطوة عملية لمواجهة مسلسل تصفية القضية الفلسطينية التي تتسارع في ظل تواطؤ دولي.

وبحسب المفكر شريف أبو عليان فإن مسيرة العودة "فكرة عبقرية في هذه اللحظة التاريخية الأكثر ملاءمة في ظل الحديث عن صفقة القرن واهداء ترامب القدس كعاصمة للكيان الصهيوني"، وتابع: نحن كفلسطينيين نملك بسلميتنا أقوى سلاح، فلنواجه قوى العالم الظالم بقراراته الدولية والتي نصت على حق عودتنا إلى أرضنا".

وأكد أبو عليان أن سلمية مسيرات العودة ستعطي شعبنا مساحة واسعة للمناورة، وتعطي كافة النشطاء وأحرار العالم فضلا عن الدول المختلفة فرصة للوقوف معنا ومع قضيتنا الملتزمة بالقانون الدولي، واتباع الطرق السلمية لتطبيقها، حيث أن حق العودة أكثر القضايا وضوحا في القانون الدولي.

كما نوه إلى أن تصنيف منظمات المجتمعات الدولي الإنسانية ومنظمات الأمم المتحدة لقطاع غزة كبقعة غير قابلة للحياة البشرية في 2020 يقوي حجتنا ويعزز منطقنا أمام العالم كشعب متواجد في بقعة غير قابلة للحياة البشرية يريد أن يحل هذه المشكلة بالعودة إلى أرضه التي هجر منها تنفيذا للقرار 194 الدولي.

وقال أبو عليان أنه "حتى لو فشلت المسيرة في تحقيق أهدافها حاليا فيكفيها أنها ستعلق الجرس أمام قوى العالم التي تحاصرنا لتجعله أكثر عقلانية تجاه حصارنا، لجهة اعطائنا كل مقومات العيش بكرامة في قطاع غزة للحيلولة دون تكرارنا المحاولة، وقد نشهد في أعقاب المسيرة جهودا صهيونية كي تفتح مصر ومختلف الدول العربية بواباتها تجاه قطاع غزة للإغاثة والمشاريع والاعمال والتجارة كي تجعل من غزة مرة أخرى بقعة قابلة للحياة".

عمل واسع

أما عن المطلوب كي تحقق مسيرة العودة أهدافها، قال الناشط الشبابي هاني مقبل أن المطلوب عمل واسع وممتد وعلى مختلف الصعد والمستويات الإعلامية والقانونية والحقوقية والإنسانية والسياسية سواء داخل قطاع غزة والضفة الغربية أو في ساحات المخيمات في الدول العربية المحيطة سوريا ولبنان والأردن، فضلا عن الجاليات الفلسطينية في مختلف دول العالم، لجهة رسم صورة واضحة للحق الفلسطيني والسبل السلمية للوصول لهذا الحق تحت سقف القرارات الدولية الأمر الذي سيتيح لكثير من الدول العربية والغربية الوقوف إلى جانب هذه المسيرة السلمية دون تحرج أو تحفظ".

من جانبه، قال الإعلامي أحمد منصور "مطلوب عمل شعبي منظم وراق يصل إلى الكل الفلسطيني بفصائله التي يقع على عاتقها الوقوف خلف النشطاء الذين يقودون الحراك باتجاه مسيرة العودة اسنادا ودعما لهذا الحراك بكل ما اوتيت من قوة تحشيدا وترويجا".

وأضاف أنه "يقع على عاتق النشطاء عبء الوصول إلى جميع شرائح الشعب بمختلف مستوياته العائلية والحمائلية والقبلية والنقابية والاتحادات والمؤسسات الشبابية والرياضية وغيرها ليساهم كل في مجاله للتحشيد لمسيرة العودة كخيار استراتيجي في ظل الانغلاق الذي يواجه قطاع غزة خصوصا والقضية الفلسطينية بشكل عام".

وأكد ضرورة تهيئة الرأي العام الأوروبي والدولي للوقوف قانونيا وانسانيا وسياسيا مع حق العودة ومع مسيرة العودة، عبر توجيه رسائل بدبلوماسية راقية لمختلف الدول وبرلماناتها ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، فضلا عن تنظيم الكثير من الفعاليات والاعتصامات وتسيير القوافل وجمع التواقيع من أنباء شعبنا ومن أحرار العالم للمطالبة بتحقيق حق العودة وارسالها للأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة.

كما طالب زاهر البنا رئيس مجلس أولياء أمور الطلاب في مدارس الأونروا بتشكيل لجنة متابعة عليا ممثلة للكل الفلسطيني لوضع خطة دقيقة ومدروسة ومتدرجة لمسيرة العودة تتلقى كافة الأفكار والمقترحات، مشيرا إلى أن من يفعل العقل الجمعي أقوى بكثير ممن يمتهن التفرد في التفكير.

ويرى المفكر والأكاديمي الدكتور أسعد أبو شرخ أن مسيرة العودة تكتسب بالغ الأهمية إذا حققت عددا من الشروط، مفصلاً إياها بقوله: "قدرة المنظمين على إخراج كافة سكان القطاع ليرابطوا في خيام العودة أمام السلك الزائل، فضلا عن ملايين اللاجئين في الضفة الغربية ومخيمات اللجوء في الدول العربية المحيطة تمهيدا للانطلاق الجماعي والسلمي في مسيرة العودة، على أن لا يكتفي منظمو المسيرة بمحاولة واحدة بل ربما عليهم تكرارها المرة تلو الأخرى حتى تحظى أخيرا بالنجاح.

لا مواعيد مؤكدة

أما الناشط الشبابي وأحد قادة مسيرة العودة أحمد أبو رتيمة فأكد أنه لا يوجد مواعيد مؤكدة لانطلاق مسيرة العودة، حيث أن الأمر خاضع للتفاعل الجماهيري والإعلامي، مشدداً على أن الوقت الحالي موات جدا في ظل الحديث عن صفقة القرن ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وأشار أبو رتيمة إلى أن هناك تواصلا مع النشطاء في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة، معبرا عن أمله بأن يتمكنوا من حشد اللاجئين باتجاه المشاركة المتزامنة في مسيرة العودة والتغلب على الصعوبات والعراقيل التي قد تضعها النظم الحاكمة هناك.

ووصف الحالة الجماهيرية بأنها ناضجة جدا لمسيرة العودة، مستبعدا أن يشكل الانقسام عائقا أمام المسيرة، واصفا إياها بأنها تشكل قضية إجماع وطني تتجاوز قضية الانقسام.

بدوره، رأى رئيس اللجان الشعبية التابعة لمنظمة التحرير فايز السراج ضرورة تحقيق المصالحة وانهاء الانقسام الذي يدمي الساحة السياسية، كما طالب بإنهاء الحصار الخانق الذي يعانيه سكان قطاع غزة ليتسنى للناس خلق حالة من الاجماع الوطني خلف مسيرة العودة، مستبعداً أن يكتب لمسيرة العودة النجاح إذا بقي الوضع على ما هو عليه الآن.

رد عملي على صفقة القرن

من جانبه اعتبر الباحث في مركز التوثيق الاستراتيجي ناصر حماد أن مسيرة العودة تمثل الرد والرفض العملي على صفقة القرن الأمريكية وكل المشاريع المشبوهة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدا على ضرورة خلق حالة من التكاتف والاجماع الوطني خلف المسيرة كي تحقق أهداف شعبنا في الحرية والعودة.

أما مسؤول اللجان لشعبية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة معين مديرس، فقد اعتبر أن هذا الوقت هو الأنسب على الاطلاق للتحشيد والخروج بمسيرة العودة، لافتا الانتباه إلى الواقع المضغوط والمرير الذي يعيشه أبناء شعبنا، مشيرا إلى أن فكرة العودة كانت موجودة لدى دائرة اللاجئين منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم تكن تجد آذانا صاغية، وما إن توفرت الظروف في هذا الوقت حتى تلقفتها الفصائل واللجان والقوى المختلفة فور عرضها عليهم.

وأشار مديرس أن الاحتلال بدأ يستشعر انطلاق مسيرة العودة بدليل أنه بدأ بإجراءات لتنفيس الحصار الخانق المضروب على قطاع غزة حتى دون التنسيق مع رام الله المحرض الأول على حصار غزة، مؤكدا على ضرورة توفير كافة أشكال الدعم اللوجستي مثل وسائط نقل الالاف من الجماهير التي ستشارك في المسيرة، إلى جانب الخيام التي ستقام على بعد معين من السلك الزائل.

سابقة منذ النكبة

من جانبه، اعتبر الدكتور عصام عدوان رئيس دائرة شؤون اللاجئين بحركة حماس، أن مسيرات العودة تعتبر الأولى من نوعها منذ النكبة 48، مشيرا الى ان شعبنا خاض قبل ذلك تجارب جزئية لمسيرات العودة منها المسيرات التي انطلقت عامي 2011، و2012، اضافة لمسيرة الاكفان التي قام بها مبعدو مرج الزهور.

وأضاف عدوان أن الظروف الحالية الصعبة لشعبنا وضيق العيش للاجئين في مختلف أماكن تواجدهم تشكل حافزا مهما لدفع الجماهير لحل مشاكلها بنفسها عبر العودة الى مدنها وقراها التي لا تبعد عنهم سوى بضع مئات من الأمتار أو كيلومترات قليلة يمكن تجاوزها مشيا على الأقدام.

ونوه إلى التفاعل الإيجابي من مختلف القوى والفصائل مع مسيرات العودة عدا عن حركة فتح جناح عباس التي رجح عدوان التحاقها بمسيرات العودة قبيل أو عند انطلاقها لأن مشاركة مختلف أطياف وقوى شعبنا في مسيرات العودة شرف لا تستطيع حركة فتح تفويته.

وطالب فصائل وقوى شعبنا في مختلف الساحات كالضفة المحتلة والأردن ولبنان وسوريا بالتحرك الجدي باتجاه الاعداد والتحشيد لمسيرات العودة لضمان نجاحها، ومضى يقول إن تزامن الانطلاق من مختلف الساحات سيربك العدو من ناحية ومن ناحية أخرى سيجبره على التعامل معها باتزان دون استخدام القوة المفرطة.

وعدد عدوان عددا من عوامل نجاح مسيرات العودة ومنها:

1- اشتراك الغالبية العظمى من القوى والفصائل.

2- الظروف الصعبة وضيق العيش الذي يعانيه اللاجئون في مختلف مخيمات الداخل والخارج.

3- صفقة القرن وقرارات ترامب التي قضت على آمال الفلسطينيين بإيجاد حلول تعيد الحقوق إلى أصحابها.

4- حالة الاقتراب الجدي من الحدود والتي أزالت خوف ورهبة الناس من الاقتراب من السياج الزائل.

5- نجاح الطلائع الأولى من مسيرات العودة في اجتياز الحدود سترفع الروح المعنوية للاجئين حول العالم وستدفعهم للمشاركة الجدية لإنجاز عودة حقيقية.

6- مسيرات العودة لم تنطلق بعد لكنها باتت حديث وسائل الاعلام وسامر الناس في مجالسهم مما يهيئ الرأي العام وينشر الفكرة بشكل عفوي سلمي وغير موجه أو مؤطر يمنحها فرصة أكبر للنجاح.

البث المباشر