مراسم وزغاريد ونثر للورود يتبعها تناول للطعام والحلوى أو في بعض الأحيان زواج في العائلة؛ تلك هي العادات والتقاليد التي كانت تصاحب ختان المولود-الطهور-في الحقبة الماضية وباتت تشارف على الاندثار.
يستذكر الستيني أبو محمد رجب لهفة عائلة الطفل المولود عند استقباله "كالأمراء" حينما كان يعمل حلاقا و"مطهرجي" قبل ما يزيد عن ثلاثين عاما، وبحسرة يهمس بداية حديثه لـ"الرسالة نت" قائلا" آخ على أيام زمان وعاداتها كانت ما أحلاها".
وبعد العودة بذاكرة الرجل الذي غزا الشيب رأسه فإنه أخذ يسرد عادات ختان المواليد قديما، بأنه كان يذهب مبكرا بعد دعوته من أصحاب المناسبة وتحديد الموعد والتجهيز لمراسم "الختان" التي كان عادة ما يتبعها زواج في العائلة.
لا يقتصر حفل الختان على طفل واحد بل كان يشمل في بعض الأحيان مجموعة من أطفال الحي نفسه وهو "أشبه بحفل جماعي" يتخلله تصفيق وأهازيج شعبية ورقص للخيول في بعض المناطق، يقول رجب.
وبأجواء من البهجة واحتشاد الرجال وتزاحم الأطفال كان يتوسط "المطهرجي" الذي يصطحب شنطته، الحضور ثم تجهز العائلة مولودها باللباس الأبيض وتضعه بين يديه؛ تمهيدا لختانه، ومن ثم يجري تناول الطعام وتوزيع الحلوى على الجميع.
وعن الأدوات البسيطة التي يستخدمها المطهرجي قديما يستذكر رجب منها: "الشفرة والمقص وبضع من القطن والشاش كانت تُستخدم في ختان المواليد".
ولا يغيب عن ذهن أبو محمد أحد المواقف التي أثارت ضحكه وجميع الحاضرين أثناء تجهيزه لختان مولود ومع مسك شفرته فإن الطفل استبقه "فتبول على وجهه". وفق قوله.
ومع مرور الأيام باتت تلك العادات قليلة جدا وأصبح الختان يتم بطريقة أكثر تطورا وسهولة من الماضي عبر استخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة أبرزها جهاز "الكُتري" وهو مختص بالكي، بحسب أخصائي طبيب الأطفال الدكتور عبد الحي أبو ندى.
ومن استخدام السكين وتسخينها على النار مرورا بالشفرة التي استخدمها الحلاقون للتطهير في الماضي، وصولا لجهاز الكي انتقلت عملية الختان بصورة متلاحقة وسريعة طويت فيها المراسيم القديمة، يضيف أبو ندى لـ"الرسالة نت".
ويُعد الختان عن طريق الكي صحيا أكثر كونه يمنع النزف ولا يحتاج لربطة ويمنع انتقال العدوى؛ لأنه يعمل على قتل الجراثيم، وليس كما كان يجري في الأيام السابقة، يُكمل الطبيب.
ويتمنى أبو ندى أن تعود تلك الطقوس الجميلة التي كانت تصاحب ختان المواليد كسابق عهدها لتنشر الفرحة بين المجتمع.
ورغم اندثار هذه العادات والطقوس إلا أن بعض العائلات لا تزال تحتفظ بهذه المراسم وتتمسك بإقامتها حتى يومنا هذا، وخاصة بعد أن يرزقهم الله بمولود بعد مرور سنوات طويلة أو عند تأخرهم في الإنجاب.