لم يمض على تفجير العبوة (بمؤخرة) موكب رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمدالله سوى بضعة دقائق، حتى انهال إعلام فتح والسلطة الفلسطينية بكيل الاتهامات لحركة حماس، محملاً إياها مسؤولية التفجير.
حالة من الهيجان الفتحاوي تجاه حركة حماس جراء التفجير الذي وصفه عدد كبير من المراقبين والنشطاء "بالدرامي"، أو "المفتعل"، معزين ذلك لعدة أسباب أبرزها، أنه يأتي في وقت تتهرب فيه حكومة الحمدالله من مسؤولياتها تجاه الغزيين بحجة "عدم التمكين"، وحجم الانفجار المتواضع الذي لم يترك إلا سبعة إصابات (بالهلع).
وما زاد شكوك "الانفجار" طلب الحمد الله من حركة حماس تسليم الأمن الداخلي في قطاع غزة، وعلق القيادي في حماس سامي أبو زهري على ذلك بالقول: "دعوة الحمدالله لتسليم الأمن الداخلي تثير شكوكا كبيرة حول دوافع الحادث، وتؤكد أن أهداف التفجير أكبر بكثير من حجمه، ونؤكد أن محاولات بعض أرباب التنسيق الأمني التطاول على غزة لن يفلح في تطهيرهم من عار التعاون مع الاحتلال".
ولم يقتصر كيل الاتهامات على وسائل الإعلام الفتحاوية، إذ تجاوز عدد من المسؤولين الفتحاويين نتائج التحقيقات، وأعلنوا عن وقوف حركة حماس خلف التفجير، ملوحين بالتهديد والوعيد تجاه الحركة وقطاع غزة.
وجاءت أولى التصريحات التي كشفت ملابسات التفجير بسرعة "البرق"، على لسان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ الذي قال: "حركة فتح تحمل حماس المسؤولية الكاملة عن تفجير موكب رئيس الوزراء ورئيس المخابرات"، وهدد في تصريح ألحقه بالأول أنه "سيكون لحركة فتح رد واضح ومسؤول على استهداف موكب رئيس الوزراء، وسيكون للحدث تداعيات كبيرة وعلى حماس أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل التداعيات"، وفق قوله.
وتواردت التصريحات والاتهامات الفتحاوية السريعة، وأعلن عدنان الضميري عراب التنسيق الأمني والمتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة، أن حركة حماس غير مؤتمنة على التحقيق في ملابسات الانفجار الذي استهدف موكب الحمدالله، مدعياً أنها في دائرة الاتهام وعليها "عزل نفسها عن التحقيق"، وفق قوله.
وقفز أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن دائرة اتهام حماس، واستعرض دافع الحركة من التفجير قائلاً: إن الحدث "رسالة موجهة للقيادة من قبل حماس بأنها لا تريد المصالحة وإنهاء الانقسام، وبأن من يسعى لتحقيق ذلك فإن مصيره القتل والاغتيال"، وفقاً لتعبيره.
وبالعودة إلى وسائل الإعلام الفتحاوية، فقد كشف تلفزيون فلسطين التابع لحركة فتح، جزءاً من خيوط عملية التفجير في وقت لم تنته أجهزة أمن غزة من جمع تسجيلات الكاميرات المحيطة بمكان الحادث، وأورد خبراً عاجلاً على شاشته قال فيه: "إن "محمد دحلان كان قد دعا الرئيس محمود عباس بإلحاح لزيارة قطاع غزة".
النشطاء يعلقون "ملعوبة" "
وأحدث التفجير موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً الفيس بوك، ووصف مئات النشطاء ما حدث، بالمسرحية الهزلية لتجريم قطاع غزة وتحميل حركة حماس مسؤولية تعطيل المصالحة في الوقت الذي تتنصل فيه حركة فتح وحكومة التوافق من كامل مسؤولياتها تجاه القطاع.
وعلق فايز أبو شمالة المحلل السياسي في منشور على فيسبوك على الحادثة بالقول "تفجير الموكب تنسيق وتلميع وفتنة؛ فالذي يفجر الدبابة "الإسرائيلية" المهاجمة، ويحرقها بمن فيها، لا يعجزه موكب رامي الحمد الله لو أراد"، مضيفاً أن "رامي الحمد الله موظف، تنتهي مهمته عند تشكيل حكومة وحدة وطنية!، فمن التنظيم الهزيل الذي يستهدف موظفا، ليطمس تشكيل حكومة وحدة وطنية؟!".
واتهم الناشط حامد عبد الله حركة فتح بالوقوف خلف ما وصفه بالمسرحية "الملعوبة"، مستعرضاً دوافع من نفذها، وأبرزها: المزيد من المطالبات بالتمكين الأمني الكامل لغزة، وتبرير الإجراءات العقابية ورفع وتيرتها، وإظهار عجز أجهزة الأمن في غزة على حفظ الأمن والحماية، والتنصل من المصالحة بذريعة عدم التمكين الكامل لعباس في غزة.
من قتل عرفات
واستغرب عدد من النشطاء، من قوة حس حركة فتح الأمني الذي كشف منفذ عملية التفجير لحظة وقوعها، بينما مضى على تسميم قائد فتح الراحل ياسر عرفات أكثر من 13 عاماً دون الكشف عن الفاعل والجهة التي تقف وراء تلك الجريمة الكبيرة.
وغرد الناشط يوسف أحمد، في تدوينة عبر حسابه في تويتر، وقال: "في الوقت الذي تعلي جميع قيادات حركة فتح صوتها تجاه حركة حماس بتحميلها مسؤولية التفجير بعد دقائق من وقوعه، تواصل خفض نفس الصوت تجاه اغتيال الراحل عرفات".
أما الناشط أحمد الزهارنة فقد استغرب من حركة فتح وقيادتها التي كالت الاتهامات لحركة حماس، بينما لم يحمل أحدهم الاحتلال "الإسرائيلي" العدو الاول والمتربص بالوحدة الفلسطينية مسؤولية التفجير، قائلاً في نهاية منشوره على فيسبوك: "أخشى أن تكون اللعبة مشتركة؟".
موقف الفصائل
وفي السياق، أدانت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة بشدة "الاعتداء الإجرامي" على موكب رئيس الوزراء ومرافقيه، محملة الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه المسؤولية الكاملة عن ذلك.
وطالبت القوى في بيان وصل "الرسالة" الأجهزة الأمنية في غزة بضرورة الكشف السريع عن مرتكبي الجريمة وتقديمهم للمحاكمة وكشف خيوطها أمام الجماهير.
ولفتت إلى أن "الاعتداء يأتي في ظل العمل على تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام وتذليل كل العقبات وصولًا لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية كصمام الأمان لمشروعنا الوطني وصد جميع المحاولات الجارية للنيل من قضيتنا الوطنية وتصفية مشروعنا الوطني المرفوض شعبيًا ووطنيًا.
ودعت القوى كل أبناء شعبنا لتوجيه نضالهم ضد الاحتلال والاستمرار في العمل من أجل إنجاز الوحدة الوطنية ومحاربة ظاهرة التطرف والعنف والاستمرار في المقاومة ضد الاحتلال وداعميه، وصولًا لإنجاز حق العودة والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.