تباحثت الإدارة الأمريكية مع مسئولين عرب وإسرائيليين حول سبل تحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، دون الاكتراث لغياب السلطة الفلسطينية عن الاجتماع رغم دعوتها إليه، وسط مؤشرات تفيد بأن الأمر يأتي تمهيداً للإعلان عن صفقة القرن لتسوية القضية الفلسطينية.
ووفق صحيفة "جيروزليم بوست"، فإن إدارة ترامب جهزت للاجتماع منذ أسابيع، مبينة أنه تم إعلان عن قائمة المشاركين فيه صباح الثلاثاء الماضي، حيث ضم مسئولين عرباً وإسرائيليين على طاولة واحدة، ومن العرب كانت السعودية، الإمارات، قطر، البحرين وعمان، فضلاً عن المصريين والأردنيين.
الاجتماع كان بدعوة وتخطيط من جاريد كوشنير، مستشار الرئيس الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، وجيسون غرينبلات المبعوث الخاص لترامب.
وخاطب غرينبلات المشاركين في الاجتماع بأنه "لا عذر لديكم لعدم التحرك، فالتقاعس لا يزيد معاناة أهالي قطاع غزة فقط، بل يزيد من التحديات الأمنية لمصر و(إسرائيل) على حدٍ سواء".
وافتتح غرينبلات الاجتماع بالقول: "يؤسفنا أنه لم يحضر مسؤول من السلطة الفلسطينية، فلن نتحدث عن السياسة، بل عن صحة وسلامة وسعادة أهالي قطاع غزة، بالإضافة إلى كافة الفلسطينيين والمصريين والإسرائيليين (..) نحن هنا لدراسة أفكار حول كيفية مواجهة التحديات الإنسانية في قطاع غزة، وهذه قضية لطالما كانت في أولويات أفكارنا بلا شك"، وفق زعمه.
ويرى المختص في الشأن السياسي تيسير محيسن، أن الاجتماع يأتي كخطوة ثانية من قبل واشنطن لتنفيذ صفقة القرن لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، موضحا أن الخطوة الأولى كانت قبل شهور عند تهيئة الأجواء للإعلان عن صفقة القرن.
ويرى محيسن خلال حديثه مع "الرسالة" أن المستخدم الأساسي في المرحلة الثانية من تمرير صفقة القرن هو البعد الإنساني الذي يعانيه الغزيين، وهذا مدخل اتخذته أمريكا مع حلفائها لاستمالة قطاع غزة إنسانيا للقبول بصفقة القرن رغم عدم قبولها سياسياً.
ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية ترى مصلحة (إسرائيل) فوق كل شيء، ففي السابق حينما فرض رئيس السلطة محمود عباس عقوباته على غزة قبل عام لم يعترض الأمريكان، لكنهم اليوم ومن خلال تأزم الوضع في غزة يخشون حدوث انفجار في وجه (إسرائيل).
ويؤكد محيسن، وفق متابعته السياسية على أن السلطة الفلسطينية طرف سياسي رغم رفضها للاجتماع، مبيناً أن المجتمع الدولي لديه امكانيات وقدرة على تجاوز السلطة كمرجعية والتعامل مع غزة من خلال الدول الحليفة في الاقليم كمصر التي تعد مكلفة لتقديم الحلول الانسانية للغزيين، وحينئذ لن تستطع السلطة معارضة ذلك.
وفيما يتعلق بتبعات رفض السلطة وغيابها عن الاجتماع في واشنطن، يقول المحلل السياسي: "لن يؤثر عدم حضورها على تحقيق أهداف الاجتماع لوجود أطراف سياسية مستعدة ان تكون أداة للتنفيذ، وستكون هناك قرارات على المستوى الدولي تتبناها الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن الدور الذي سيقع على (إسرائيل) لتخفيف الحصار عن قطاع غزة هو تسهيل الحركة على المعابر التي تتحكم فيها وكذلك مصر من خلال معبر رفح، "فالجميع سيتقاسم تنفيذ وتمرير صفقة القرن دون أية عوائق"، وفق قوله.
وفي ذات السياق، يذكر أن المسئولين الأمريكيين "كوشنير وغرينبلات" على وشك وضع اللمسات الأخيرة لخطة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على أن تكون غزة جزءًا لا يتجزأ من تلك الخطة.
وقال غرينبلات: "علينا إدراك أن هذا الموضوع ليس سهلا، فكل ما نقوم به يجب أن يضمن أمن المصريين والإسرائيليين، وألا نمكن حماس بشكل غير مقصود"، مشددا على جهود بلاده في إجبار حماس على إعادة الإسرائيليين والجنود المحتجزين لديها، قائلا إن ذلك يمثل "مصدر قلق إنساني"، وفق قوله.
وتابع: "أتمنى أن أعتمد عليكم للعمل سوياً في هذا الموضوع الإنساني، فكما شجعتكم على سماع قصص إنسانية من إسرائيليين في غلاف غزة وفلسطينيين من غزة، فإني أدعوكم أيضًا للقاء عائلات هؤلاء الجنود أيضًا"، على حد قوله.
وتجدر الإشارة إلى أن مليوني فلسطيني يعانون في قطاع غزة من وضع اقتصادي صعب جدا بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ نحو 13 عاما، والإجراءات العقابية التي يفرضها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس منذ نحو عام.