وسط تحديات غير مسبوقة تعصف بالقضية الفلسطينية، يجد رئيس السلطة محمود عباس نفسه في مهب الريح دون سند أو ظهر عربي للمواجهة، بل على العكس فإن مصادر سياسية وصحفية تؤكد وجود ضغوط تمارس عليه في سبيل القبول بما هو مطروح.
وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي أكد ذلك عندما صرح للوكالة الرسمية "وفا" قائلاً: "إن فشل الدول العربية في اعتماد قراراتها وتطبيقها هو الذي شجع الولايات المتحدة على نهجها الحالي".
واعتبر قبل أيام أن فشل الدول العربية في اعتماد قراراتها التي اتخذت على مدار سنوات طويلة مضت، هو الذي شجع الولايات المتحدة على التمادي في نهجها الخاطئ، وقرارها الباطل بشأن القدس، وهو الذي شجع أيضاً دولة صغيرة، مثل غواتيمالا، على أن تقرر نقل سفارتها للقدس.
ويعكس الانتقاد الصريح وغير المعتاد من وزير الخارجية الفلسطيني للدول العربية محدودية الخيارات المتاحة أمام القيادة الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن الأميركية.
وعلى الرغم من أن المالكي أشاد بالجهود التي تبذلها القيادة السياسية، عربياً ودولياً، لمنع المساس بعاصمة دولة فلسطين المحتلة -القدس، وإنهاء الاحتلال، فإنه عبّر عن عدم الرضا عن تنفيذ المنظومة العربية لقرارات القمم المتعلقة بالشأن الفلسطيني.
وتعبر تصريحات المالكي عن خيبة أمل في رام الله من رد الفعل العربي على قرار ترمب المتعلق بالقدس، وكذلك التعاطي الإقليمي والدولي مع القضية الفلسطينية.
وتشير مصادر سياسية مطلعة إلى أنّ عباس "يتعرّض لضغوط عربية كبيرة للقبول بما ستطرحه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كما أنّ الدول العربية التي تملك المال باتت أقرب لواشنطن منها للقدس، ما يعني أنّ المستقبل الفلسطيني سيكون أشد غموضاً وصعوبة".
كما نقل تلفزيون (i24NEWS) الإسرائيلي، عن مصدرين مقربين من القيادة الفلسطينية، قولهما إن "دولتين عربيتين ضغطتا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ لقبول صفقة سلام عرضتها الولايات المتحدة الأمريكية".
وذكر المسؤولان - حسب القناة (الإسرائيلية) - أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قالا للرئيس عباس إنه لا خيار أمامه الا أن يكون براغماتيا ويقبل الصفقة التي تعرف باسم "صفقة القرن".
وفي السياق قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: "إن الضغوط على عباس مستمرة من أكثر من طرف"، معتبرا أن الأمر يعود إلى أبو مازن ومدى رغبته في ألا يختم حياته بالخيانة ومواصلة الرفض.
وبين أن الأمر كله بيد عباس إذا قرر مواجهة المؤامرة "فسيسجل في تاريخه شيئاً يذكر"، لافتاً إلى أن ضعف عباس بالنظر لوضعه الصحي وعمره قد يكون دافعا لرفض الصفقة.
وبحسب الصواف فإن هناك أكثر من وسيلة للضغط على أبو مازن منها الضغط السياسي والمالي وكذلك التلويح بالبديل، مشيرا إلى أن الملف الأكثر تأثيرا هو البديل "لذا هو يرتب أوراقه، لذا كان ما حدث في الثوري والمركزي".
في سياق الضغوط كذلك كشفت مصادر مطلعة، لـصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أن الرئيس الفلسطيني لم يجد الدعم الكافي والقوي من دول العالم، وأضافت: "البعض يميل إلى عدم مواجهة الولايات المتحدة، والبعض يضغط باتجاه التعاطي مع القرار الأميركي، باعتبار أن الولايات المتحدة هي الوسيط الوحيد القادر على تحقيق اتفاق، ولأن المفاوضات هي وحدها القادرة على حسم مصير القدس".
في المقابل قال المحلل السياسي تيسير محيسن أن السلطة تفتقد نقاط القوة للتحايل على الوضع خاصة وأنها تفتقد الظهر العربي الذي كانت تراهن عليه والمتمثل بالأردن الذي كان يعلن على الدوام أنه ضد صفقة القرن، لافتا إلى أن الأردن تراجع والتزم الصمت.
ويرى أن أبو مازن يحاول إعاقة صفقة القرن من خلال الضغط على غزة، لتقوم هي بالدور الذي عجز هو عن القيام به، من خلال انفجار الوضع بالقطاع في وجه الاحتلال وبالتالي عرقلة الصفقة.
وبحسب مسؤول غربي فإن عباس قدّم رؤية بديلة إلى الجانب الأميركي، من خلال طرف ثالث، تنص على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 على مراحل، مع تبادل أراضٍ يسمح لـ(إسرائيل) بضم الكتل الاستيطانية الرئيسة.
وقال المسؤول الغربي في تصريحات صحفية: "طلب عباس أن يتم الاتفاق على الحدود أولًا في مقابل الموافقة على إقامة دولة فلسطينية على مراحل"، إلا أن الجانب الأميركي رفض العرض الفلسطيني على اعتبار أن الخطة للتطبيق وليست للتفاوض.