قائمة الموقع

الغزيون في دائرة الخطر والبدائل عالقة

2018-03-20T08:42:20+02:00
الغزيون في دائرة الخطر والبدائل عالقة
الرسالة نت - لميس الهمص

جاء قرار وزير الزراعة سفيان سلطان بوقف العمل بالبرتوكول الموقع بين نقابة المهندسين الزراعيين والوزارة لوسم المبيدات الزراعية بعد فحصها ليزيد الطين بلة ويعقد الوضع البيئي الذي يعانيه القطاع.

وتعد المبيدات الزراعية من المواد الخطيرة والضارة بالإنسان والنبات على حد سواء وتحتاج لقوانين ورقابة صارمة على إدخالها واستخدامها من قبل المزارعين وهو ما دفع النقابة لاستحداث آلية الوسم لقلة إمكانيات الوزارة ومحدودية الكادر البشري فيها.

ويقضي قرار الوزير بوقف العمل بآلية الوسم بذريعة توحيد الإجراءات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة وبسبب الرسوم المقدرة بشيكل على العبوة التي تتقاضها النقابة، دون إيجاد آليات رقابة بديلة تعمل على فحص المنتج وترميزه على المعابر وهو الأمر الذي يترك السوق مفتوحا للغش واستخدام المبيدات المحرمة.

"الرسالة" فتحت الملف مع المعنيين للحديث عن خطورة وقف الوسم والرقابة على المبيدات خاصة وأن القرار اتخذ منذ بداية العام دور توفير أي بدائل بالرغم من مرر شهرين في الوقت الذي لا يحتمل فيه قطاع غزة المزيد من التبعات البيئية والصحية على المزارعين والمواطنين.

 لإنقاذ السوق

خطورة المبيدات وضرورة الرقابة عليها أظهرتها دراسة أعدتها منذ عامين الباحثة ناريمان العطاونة وتوصلت فيها إلى أن نصف المزارعين تقريباً الذين شملتهم عينة الدراسة يرون أن استخدام المبيدات بكميات كبيرة يؤدى إلى القضاء على الكائنات الحية في التربة.

وبحسب الدراسة فان ما نسبته (28.7%) من المزارعين يلاحظون موت طيور أو حيوانات أخرى في مزرعتهم بعد عملية الرش، بينما ما نسبته (87.8%) يعتقدون أن المبيدات تساهم في تسميم النباتات.

وترتفع نسبة المزارعين غير المتأكدين من أن المبيد الذي يستخدمونه مصرح باستخدامه صحياً إلى (88.2%).

النسب السابقة وفوضى السوق وضعف الرقابة من الوزارة لقلة الكوادر والإمكانات دفعت نقابة المهندسين الزراعيين للتدخل في ظل قلة الإمكانيات المادية والبشرية لوزارة الزراعة.. النقابة على حد تعبير المهندس حسن أبو عيطة نقيب المهندسين الزراعيين، قالت إنهم لجأوا لتصميم آلية الوسم من باب المسؤولية الاجتماعية ونظرا لخطورة المبيدات الحشرية وعدم ضبطها في السوق ولحفظها من الغش والحفاظ على سلامة المواطنين والمزارعين.

نقابة المهندسين الزراعيين: الوزارة أخطأت بإيقاف العمل بالوسم قبل إيجاد البديل

ولفت إلى أن غش المبيدات كان ينعكس بصورة سلبية على المزارعين الذين كانوا يستهلكون كميات كبيرة من المبيد لتخفيف المادة الفعالة وهو ما يزيد التكلفة على المزارعين وانعكس على الربح المتوقع لهم.

وبدأ العمل بالوسم بحسب البرتوكول الموقع بين الوزارة ونقابة المهندسين الزراعيين في شهر يونيو عام 2016م، ويقوم الوسم على فحص المبيدات الواردة عبر المعابر ومن ثم ترميزها بكود غير قابل للنزع أو التزوير مرتبط ببرنامج يسهل عملية الرقابة والتفتيش ويظهر اسم التاجر والمورد و(الكود نمبر) للمنتج لإمكانية العودة للشركة الأم والاستفسار عن نوعية المبيد في حال الحاجة.

ويؤكد عيطة أن ضعف إمكانيات الوزارة حال دون وجود المواد اللازمة لفحص المبيدات، لذا لجأت النقابة للمشروع الذي يوجب عليهم توفير مواد الفحص لمختبرات الوزارة.

ويذكر نقيب المهندسين الزراعيين أن الوسم ساهم في فض الكثير من النزاعات بين المزارعين والتجار والتي كان أصحابها يلجؤون للنقابة بسبب الغش والتجاوز، موضحا أن البرنامج وفر فرص عمل للمهندسين الزراعيين.

"الرسالة" بدورها أثبتت خلال تحقيقات سابقة لها أن سوق المبيدات الزراعية كان يعاني من الفوضى بسبب عدم قدرة الوزارة على حصر المواد الموجودة داخل الأسواق ولا معرفة كمياتها وبالتالي كان من السهل غش تلك المبيدات واستخدام المواد المحرمة.

 توحيد الإجراءات لا يصلح

ومن الجدير بالذكر أن هناك مصدريْن لشراء تلك المبيدات الزراعية المستخدمة لرش النباتات، الأول الشركات الاسرائيلية والثانية الفلسطينية المتواجدة في الضفة، وقبل إدخالها لابد من موافقة وزارة الزراعة التي تحدد المسموح والمقيد الذي يمنع إدخاله لما فيه من ضرر على المزروعات وصحة الإنسان.

ويوجد ثلاثة أنواع من المبيدات الحشرية، "مسموحة، ممنوعة، مقيدة" فالأخيرة لا يمكن أن يستخدمها المزارع إلا بإذن من وزارة الزراعة وبعد التأكد من حاجة المزارع لها يتم منحه إياها بشرط التعامل معها وفق المعايير المتعارف عليها كمادة "النيماكور".

النقابة لجأت من خلال البرنامج لحصر المبيدات ويبين أبو عيطة أنهم أعلنوا عن حاجتهم لمهندسين للبرنامج وحرصوا على تشغيل أربعة مهندسين كل 4 أشهر.

ويوضح أبو عيطة أن المشاكل بدأت تواجه عملهم وتعيقه منذ تسلم حكومة الوفاق معبر كرم أبو سالم، مشيرا إلى أن النقابة كانت تتواجد على المعبر وتم استبعادهم واستبدالهم بكوادر تعمل بآلية متبعة في الضفة الغربية.

حمادة: وسم المبيدات قضى على الفوضى والغش وحمى المزارع

إلا أن أبو عيطة يقول إن الطريقة المعمول بها في الضفة الغربية لا تصلح للقطاع لأن الضفة تتعامل بنظام الوكالات التي تضبط السوق ولا يوجد استيراد من عدة تجار كما يحدث في غزة، علاوة على أن الختم المستخدم من قبل الوزارة لوسم العبوات غير كافي ويسهل تزويره، وهو الأمر الذي تأكدت منه "الرسالة" خلال حديثها مع مسؤولين في الوزارة.

ويؤكد أبو عيطة أن الوزارة لا تلجأ لفحص المنتج للتأكد من سلامته ومطابقته للمواصفات والمقاييس قبل الختم، كما يحدث في مشروع الوسم الذي تنفذه الوزارة.

وتتهم نقابة المهندسين الوزارة بوضع كوادر غير متخصصة على المعبر في مجال وقاية النبات والمبيدات، وهو ما ساهم في إدخال مبيدات بدون دراية.

وكيل وزارة الزراعة في قطاع غزة الدكتور إبراهيم القدرة أقر بأن الطريقة المتبعة في الضفة الغريبة لا تصلح للتعميم على قطاع غزة، خاصة وأن ختم الوزارة سهل التزوير ولا يمكن أن يكون بديلا عن الوسم المتبع في قطاع غزة.

  لا يوجد بديل

وفي سياق التحقيق اطلعت "الرسالة" على التقرير السنوي الصادر عن دائرة المبيدات والمختبرات التابعة للإدارة العامة لوقاية النبات والحجر الصحي بوزارة الزراعة، الذي يكشف عن زيادة مضطردة في حجم كمية المبيدات الواردة الى قطاع غزة، وهو ما يزيد المخاطر الناتجة عنها ويستوجب الرقابة عليها وفحصها.

فقد ارتفعت الكمية الى ما يقرب من مليون ومائة ألف لتر خلال العام 2015، في حين سجلت حوالي 700 ألف لتر عام 2014، واقتصرت على 400 ألف لتر خلال 2013.

حماية النبات: ما يعنينا ضبط السوق وحماية المواطنين بغض النظر عمن يقوم بالمهمة

أهمية برنامج الوسم وغياب البدائل عنه أكده المهندس وائل ثابت مدير عام الإدارة العامة لوقاية النبات والحجر الزراعي بوزارة الزراعة، موضحا أن وزارته واجهت خلال السنوات الماضية حالات عديدة لغش المبيدات الزراعية وهو ما سبب مشاكل للمزارعين والمزروعات على حد سواء لاستخدام المبيدات الممنوعة، مشيرا إلى أنهم لجأوا للوسم لحل تلك الإشكاليات.

وبحسب ثابت فإن إمكانيات الوزارة لا تسمح بعملية الوسم لذا ابرمت اتفاقا مع نقابة المهندسين الزراعيين لنقص الموظفين والمعدات، لافتا إلى أن الفكرة كانت بمبادرة من النقابة لضبط سوق المبيدات وحماية المزارعين والمستهلك.

ويحتاج التجار لإذن وزارة الزراعة لاستيراد المبيدات الزراعة والتي بدورها ترسل الإذن للمعبر في ظل تواجد طواقم الوزارة وموظف النقابة لحصر الكميات وفحص عينات من كل صنف وفي حال مطابقته للمواصفات يحول للوسم.

وتتقاضى نقابة المهندسين الزراعيين شيكلا واحدا عن كل عبوة توسم لتغطية تكاليف واحتياجات الوسم المادية وكرواتب للموظفين لصالح المشروع.

وبدأت المشكلة بحسب ثابت منذ توقيع اتفاق المصالحة وإصدار قرار بتوحيد الإجراءات ما بين الضفة وغزة وإصدار وزير الزراعة بعدم جباية أي رسوم.

واستدرك ثابت بأن وزارته لا تتدخل في الرسوم بل تذهب لصالح النقابة لتغطية تكاليف الوسم الذي عجزت الوزارة عن القيام به لقلة الكوادر البشرية وغياب الإمكانيات المالية.

ويؤكد ثابت أن توحيد الإجراءات ما بين الضفة وغزة في هذا الجانب مجحف بحق القطاع ويعرض المزارعين للضرر لأن المبيدات في الضفة تستورد عن طريق الوكلاء وبالتالي يخشى التجار من التزوير لعدم فقدان ميزة الوكالة على المنتج، غير أن تلك الآلية غير معمول بها في القطاع والاستيراد عشوائي من قبل التجار.

وفي ظل الوضع السابق يقول ثابت أن إدارته معنية بضبط سوق المبيدات وحماية المزارعين والمواطنين على حد سواء بغض النظر عمن يقوم بتلك المهمة، مبينا أنهم طالبوا الوزير بتوفير بديل لعملية الوسم أو توفير كوادر بشرية ومعدات للقيام بالمشروع من قبل الوزارة ودون أي رسوم إلا أنهم لم يتلقوا إجابة حتى اللحظة.

ويؤكد ثابت أن أي شحنات ستدخل السوق دون وسم ستضرب المشروع وستفتح باب الغش من جديد بين التجار، لذا لجأت دائرته إلى إبلاغ وكيل الوزارة باستمرار العمل بالوسم حتى إيجاد البدائل.

 المزارعون بحاجته

اتجهت "الرسالة" في إحدى محطات البحث الى المزارعين والتجار لمعرفة رأيهم في مشروع الوسم وتواصلت بدورها مع المزارع والتاجر حمدي الجرجاوي والذي اكتفى بالقول "للرسالة" إنه كمزارع وتاجر في المجال مع أي آلية تساهم في ضبط سوق المبيدات وحمايته من الغش والتلاعب.

بدوره اعتبر المزارع جهاد زقماط من رفح أن الوسم وفر فحصا للمبيدات والنظر في كونها مطابقة للموصفات الموجودة على العبوة وهو ما جعلها مواد موثوقة بالنسبة لهم.

مزارعون: الوسم قضى على المبيدات المجهولة

ودعا زقماط لاستمرار الآلية المتبعة مع إمكانية دعمها من قبل الوزارة لتخفيض الرسوم على التجار وبالتالي تخفيف التكاليف على المزارعين.

أما المزارع سمير حجي قال إن بعض التجار كانوا يجلبون أدوية مجهولة لتجريبها في المزارعين، مشيرا إلى أنه تعرض لمرات غش عديدة من التجار الذين يستغلون العمل في المبيدات لجعلها مصدرا للربح على حساب المزارعين والمواطنين.

ودعا حجي لاستمرار آلية فحص المنتجات قبل إنزالها للسوق، مع ضرورة التأكد من عدم إمكانية تزوير الوسم من قبل التجار.

 نعمل مؤقتاً

ويبين زياد حمادة عضو مجلس إدارة نقابة المهندسين الزراعيين أنهم لجأوا لوسم البضائع بعيداً عن المعبر عن طريق المخازن بالتوافق مع الوزارة قبل صدور قرار وقف العمل بالبرتوكول الموقع من الوزير.

وصدر قرار وزير الزراعة بوقف العمل بالبرتوكول الموقع بين الوزارة والنقابة مع بداية العام 2018م.

ولفت إلى أن النقابة طلبت مقابلة وكيل الوزارة والذي ثمن المشروع وتفهم ضرورة وجوده قبل صدور قرار الوزير.

وأكدت النقابة على عدم وجود أي بديل للبرنامج الذي يقوم على فحص المنتج قبل وسمه وتوريده للاستخدام، موضحة أنها وسمت جميع المبيدات الموجودة في الأسواق بعد فحصها.

ويشار إلى أن المشروع انجز بالتعاون مع الزراعة 550 طنا تم وسمها من المبيدات الداخلة عبر المعبر، كما حصرت النقابة جميع المحال التجارية المتخصصة ببيع المبيدات وتم وسم 60 طنا لـ96 محل بيع، فيما حصرت النقابة ما يقارب 55 طنا لعدد 14 مخزنا.

الوزارة: ندرس البدائل وعرضنا على الوزير تحمل تكلفة الوسم

ويؤكد حمادة أن البرنامج ضبط السوق بنسبة بلغت أكثر من 90%، مشيرا إلى أن تجارا طلبوا منهم الاستمرار بالوسم لتمييز بضاعتهم.

وبحسب حمادة فإن قانون النقابات يسمح لهم بتقديم خدمات مقابل عائد مادي، معتبرا أن الرسوم تذهب لصالح الأيدي العاملة ومطبق في العديد من النقابات العاملة في قطاع غزة كنقابة الصيادلة التي تسعر الأدوية.

 تضارب في العملية

"الرسالة نت " توجهت لوزارة الزراعة لمعرفة الآليات التي تنوي اتباعها في الحفاظ على سوق المبيدات الزراعية من التلاعب والغش وتواصلت مع وكيل الوزارة في رام الله المهندس عبد الله حلول والذي أحال الرد لوكيل الوزارة بغزة خاصة وان الموضوع قيد الدراسة مع الوزير الذي زار القطاع منذ أيام.

بدوره، أكد وكيل الوزارة في قطاع غزة الدكتور إبراهيم القدرة أن وزارته مازالت تعمل بآلية الوسم المتبعة من قبل نقابة المهندسين الزراعيين دون رسوم، مشيرا إلى أن الوزارة تدرس توفير الرسوم.

ولفت إلى أن وزير الزراعة وعد بدراسة الموضوع خاصة بعد صدور القرار بمنع تحصيل الرسوم، مشيرا إلى أنه مع الحفاظ على الوسم لكونه خيار الوزارة للحفاظ على سوق المبيدات.

في المقابل أكد نقيب المهندسين أن صدور القرار سبب حالة فوضى في السوق وأدى لامتناع بعض التجار عن الوسم بسبب القرار، مشيرا إلى أن الوزارة تحاول ضبط السوق خاصة في ظل مطالبة المزارعين باستمراره.

بدأ العمل بالوسم بحسب البرتوكول الموقع بين الوزارة ونقابة المهندسين الزراعيين في شهر يونيو عام 2016م، ويقوم على فحص المبيدات الواردة عبر المعابر ومن ثم ترميزها بكود غير قابل للنزع أو التزوير مرتبط ببرنامج يسهل عملية الرقابة والتفتيش.

وبحسب أبو عيطة فإن الوزارة أخطأت حين أصدرت قراراً بإيقاف العمل بالوسم قبل إيجاد البديل، موضحا أنهم خلال مقابلتهم لوزير الزراعة أثناء تواجده في القطاع مؤخرا أكد لهم أن العمل بالوسم لم يتوقف.

ويذكر أن الوسم مستمر بشكل متقطع بسبب رفض التجار لكن دون رسوم إلا أن الاستمرار بذلك صعب في ظل وجود تكاليف للعملية، مشيرا إلى أن النقابة عرضت على الوزارة تبني عملية الوسم مع توفير 3 فرص عمل للمهندسين القائمين على المشروع إلا أنهم لم يتلقوا ردا حتى اللحظة.

وبعد إصدار قرار وقف الوسم وفي ظل خطورة المبيدات الزراعية والتي من الممكن أن تمس حياة المواطنين، يتوجب على الجهات المعنية إيجاد آليات فورية للرقابة على المبيدات للحفاظ على السوق من الغش والتلاعب.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00