لم يكن يعلم أطفال الأسيرة عبلة العدم التسعة أنهم سيحرمون من حنان الآم، ولم يتخيلوا بأن يوم الواحد والعشرين من مارس سينقضي دون أن يقدموا هدايا لوالدتهم؛ بل سينقلب هذا اليوم الذي يصادف يوم الأم الى حزن وآلم، عندما يتذكروا والدتهم الأسيرة منذ عامين ونصف.
قال مركز أسرى فلسطين للدراسات في تقرير له بمناسبة يوم الأم والذي يصادف الواحد والعشرين من آذار من كل عام بأن الاحتلال يعتقل في سجونه 62 أسيرة فلسطينية من بنيهن 20 أماً، يعانين من ظروف قاسية، إضافة إلى معاناتهن الخاصة بحرمانهن من الأبناء وخاصة الصغار جداً منهم والذين يحتاجون إلى رعاية الأم بشكل مستمر.
عشرات الأبناء
وأوضح الناطق الإعلامي للمركز الباحث رياض الأشقر بأن الأسيرات الأمهات لديهن العشرات من الأبناء في مختلف الأعمار ومنهم من لم يتجاوز الأربع سنوات من العمر.
وأشار إلى أن الأسيرة المصابة عبلة العدم 45 عاماً من محافظة الخليل أكثرهن أبناءً، وهي أم لتسعة أبناء، تعرضت لإصابة بالغة في رأسها قبل أن يتم اعتقالها في 20 ديسمبر 2015، ولا زالت تعاني وضعاً صحياً صعباً، وحكم عليها الاحتلال بالسجن 3 سنوات.
وأضاف أن الأسيرة نسرين عبد الله أبو كميل 40 عاما من سكان قطاع غزة هى أم لسبعة أبناء أصغرهم لم يتجاوز الثلاثة أعوام، واعتقت في أكتوبر من العام 2015 على حاجز بيت حانون "ايرز"، وتعانى من ظروف صحية صعبة ولم تر أولادها منذ اعتقالها وحكم عليها الاحتلال بالسجن لمدة 6 سنوات.
وبين أن الاسيرة أسيا كعابنه 41 عاما من نابلس هى أم لثمانية أبناء، واعتقلت في نيسان من العام الماضي، على حاجز قلنديا وادعت بأنها قامت بطعن مجندة إسرائيلية بسكين، وتعانى من ظروف نفسية صعبة كونها أم لثمانية أبناء بينهم أطفال صغار لا يستطيعون العيس دونها، وتعيش حالة من القلق المستمر على أبنائها.
ولفت أن الأسيرة ابتسام عيد موسى 59عاماً من مدينة خانيونس جنوب القطاع غزة، تعتبر أكبر الأسيرات سناً ولديها 7 أبناء، اعتقلت فى نيسان من العام الماضي على حاجز بيت حانون خلال مرافقتها لشيقتها "باسمه" التي تعانى من مرض السرطان، وحكم عليها الاحتلال بالسجن لمدة عامين.
معاناة مضاعفة
وبين الأشقر بأن الأسيرات يشعرن بالمرارة والقسوة كلما مر عليهن مناسبة وهن لا يزلن في سجون الاحتلال بعيداً عن الأهل والأحبة؛ ولكن معاناة الأمهات منهن تكون مضاعفة لافتقادهن إلى أبنائهن خلال تلك المناسبات وخاصة التي يحتاج فيها الأطفال الى وجود الأم بجانبهم، وحرمان أبنائهن من حنان ومودة أمهاتهن.
وقال: "وتتلاشى فرحة الأسيرات الأمهات مع الحزن والألم الذي يشعرن به كلما تذكرن أولادهن، وكيف يقضون أوقاتهم بعيداً عنهم، وكيف يرافق بقية الأطفال أمهاتهم إلى الأسواق لشراء الهدايا والألعاب وهم فرحين، بينما أبنائهن محرومين من هذه السعادة لغياب أمهاتهم خلف القضبان".
وتعيش الأسيرات الأمهات حالة نفسية صعبة نتيجة القلق الشديد، والتوتر و التفكير المستمر بأحوال أبنائهن وكيفية سير حياتهم بدون أمهاتهم ، وخاصة ان بعضهم لا يزال صغير السن ولم يتجاوز السنوات الخمسة الأولى من عمره ، وهذا القلق يزداد في حالة اعتقال الأب.
أوضاع صعبة
وأفاد الأشقر بأن أوضاع الأسيرات صعبة للغاية حيث تتعمد إدارة السجن التضييق عليهن وإذلالهن وخاصة مع استمرار منع عدد منهن من زيارة ذويهم بحج واهية.
وقال: "تتعرض الأسيرات لحملة قمع منظمة وحرمان من كافة حقوقه، ولا زالت إدارة السجون تمارس سياسة اقتحام الغرف في ساعات متأخرة من الليل بهدف التفتيش عن أشياء ممنوعة، إضافة إلى عدم السماح لهن باقتناء مكتبة داخل السجن، وحرمان الأسيرات من التعليم، ونقل الاسيرات في سيارة البوسة السيئة فى ظروف صعبة، إضافة الى فرض احكام مرتفعة وردعية بحق الاسيرات، وكان الاحتلال قد وضع كاميرات في قسم الأسيرات لمراقبة تحركات ، مما يعتبر انتهاك للخصوصية ".
وناشد مركز أسرى فلسطين المنظمات التي تنادى بحقوق الإنسان والمؤسسات التي تعنى بقضايا المرآة، التدخل العاجل لوضع حد لمعاناة الأسيرات المتفاقمة، وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأسرى والأسيرات والتي تزداد أوضاعهم قساوة يوماً بعد يوم.
كما دعا في الوقت ذاته وسائل الإعلام تسليط الضوء أكثر على معاناة الأسيرات الفلسطينيات وخاصة الأمهات والمريضات منهن وفضح الانتهاكات التي يتعرضن لها في سجون الاحتلال.