الرسالة نت – ديانا طبيل
تتبوأ المرأة أعلى المراتب في الحديث عن أسرار بيتها، فتتحدث ببراعة عن أدق التفاصيل لما يحدث بينها وبين زوجها أو بينها وبين أبنائها فلا تخلو جلسة نسائية من بعض أسرار البيوت التي تتسرب من باب اللغو والتسامر، ومع الأيام يصبح الحديث فيها جزءا من برنامج الجلسات اليومية، وشيئاً فشيئاً تنكشف تفاصيل الحياة الزوجية لتلوكها ألسنة الآخرين ليكون المصير المؤكد هو الطلاق.
وكثير من النساء يدركن جيداً أن الحياة الزوجية يجب أن تكون كالصندوق محكم الإغلاق، الذي يجب ألا يعلم أحد بما يجري بداخله، إلا أن بعضهن يجدن أنه من الضروري أن تفضفض المرأة بهمومها وشجونها لصديقاتها.
قنبلة موقوتة
منال خلة " 26 عاما" تقول لـ"الرسالة نت" : أنها لا تتحدث بأسرار بيتها لأحد، مهما كانت مكانته، لأنها تعتبر ذلك خصوصية، وليس من حق أحد الاطلاع عليها، مؤكدة أن أغلب النساء اللواتي يتحدثن بأمورهن الخاصة للآخرين، يغيب عن بالهن أنهن يفتحن طريقاً لهؤلاء للتدخل بشؤونهن، كما أن المرأة في كثير من الأحيان تتحدث عن مشكلاتها لمجرد أنها تريد أن تتحدث فقط وليس لأي شيء آخر.
وتتابع كثيرات من النساء تسرب قصصها الزوجية والأسرية وهى لا تدرك أنها وضعت قنبلة موقوته في يد الآخر، يمكن له أن يفجرها في أي لحظة.
فيما ترى نسرين أنها تفضفض في كثير من الأحيان لأحدى صديقاتها للاستماع أو لإسداء النصائح القيمة التي تفيد، وتضيف: لقد تعرضت للكثير من النزاعات والضغوطات من زوجي وعائلته، وفي كل مرة كنت أحاول أن أخفي ذلك عن أقرب المقربين لي، ولكن ذلك خلق بداخلي ضغطاً مضافاً، الأمر الذي جعلني ألجأ إلى أحد الأشخاص له مكانة اجتماعية مرموقة.
وتؤكد نسرين أن الاستقرار والأمن هما أصل الحياة الزوجية، والمرأة هي اللبنة الأساسية في تفعيله، ولكن لا يمكن أن يستمر الاستقرار إذا أفضت المرأة بأسرار بيتها لشخص لا يستحق مهما كانت الأسباب.
في حين يقول ا. هـ "28 عاما" : إن طبع زوجتي في إفشاء أسرار البيت كان السبب في حدوث الطلاق بيني وبينها فلم تكن تحفظ الأسرار، كنت أشعر أن كل الأهل والأقارب والجيران يعرفون تفاصيل حياتي، حاولت أن أرشدها، وأخبرتها مراراً أنه لا يجوز أن تتحدث بأمور بيتنا خارج المنزل لكن دون جدوى.
ويضيف: في إحدى المرات التقيت بأحد جيراننا في الشارع، فطلب مني أن أوصي زوجتي بعدم الحديث عما يدور بيننا للجارات، وبعدما ذهبت إلى البيت راجعت زوجتي بالموضوع وأرسلتها إلى بيت عائلتها وبعد فترة قصيرة أصبحت اسمع من المحيطين بعض القصص الخيالية التي تسربها عن حياتي مما أثار الكثير من المشاكل التي انتهت بالطلاق.
"شاكية باكية"
أما محمود "33 عاما" فيقول لم احتمل الاستمرار مع زوجتي لأنها "شاكية باكية" لا تكف عن الشكوى نهائياً، ولا تتفهم طبيعة الظروف الصعبة التي أمر بها، وعلى الرغم من أنني أسعى جاهداً للقيام بكل واجبات البيت إلا أنه لا يعجبها ذلك، ولا تكتفي بعدم الإعجاب فقط، وإنما تذهب لوالدتها ولأخواتها لتشتكي دوماً عن ظروف حياتها.
ويضيف: "كنت دائماً أوجه لها النصيحة، وأذكرها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحض على حفظ أسرار البيت لكن دون جدوى. وأصبحت تدخلات أهلها في حياتنا مستمرة، وباتوا يعلمون كل شيء يحدث في حياتنا وبأدق التفاصيل.
من جهتها تقول الأخصائية إيناس الخطيب: إن إفشاء أسرار البيت وأخذها كمسألة طبيعية وعادية يحكى فيها للأخريات أو حتى للآخرين مهما كانوا، هو تصرف سلبي يجعل من العلاقات الزوجية علاقة متوترة وضعيفة، وأخطر ما تحصده الزوجة من ذلك انعدام الثقة من قبل زوجها، وهو أمر خطير جداً في العلاقة الزوجية، إذ أن العلاقة الزوجية الناجحة أساسها الثقة المتبادلة بين الطرفين، فكيف للرجل أن يثق بزوجته إذا علم أنها تفضي بأسرار بيتها إلى الآخرين.
انعدام الثقة
وتضيف الخطيب أن مفهوم الأسرار الزوجية، يشمل جميع الأحداث والأحوال وما يصاحبها من أقوال وأفعال لا يرغب أحد أفرادها أن يعرفها الآخرون ومنها ما هو إيجابي وآخر سلبي فالأسرار الإيجابية عندما تفشى وتذاع فإنها تولد في نفوس بعضهم حسداًً و حقدا، أما الأسرار السلبية عندما تحدث يقع ما يسمى بالغيبة .
مؤكدة أن الحياة الزوجية قائمة على الرجل والمرأة ويجب أن يلتزما بحفظ الأسرار، لأن التشهير بها يأتي بنتائج وخيمة خاصة عند اكتشاف أحد الزوجين بنشر سره، فيؤدي إلى انعدام الثقة والتواصل بين الزوجين، وقد يؤدي إلى الطلاق، كما أن خروج المشكلة خارج البيت يؤدي إلى استمرارها، خاصة عندما تنقل لأهل أحد الزوجين ما يصحب ذلك من تعاطف وتفاقم للمشكلة مرجعة أسباب هذا السلوك عدم قدرة المفشى على الصبر لما يعانيه من مشكلات وأزمات.
وتوضح الخطيب أن أسرار البيت ليست على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أسرار العلاقة الخاصة بين الزوجين وهنا يجب أن يحفظ كلا الزوجين هذه الأسرار في بئر عميق وعدم إفشائها لأي شخص، وهناك أسرار متعلقة بالخلافات الزوجية ويجب عدم إفشائها إلا لطلب الحل، مشيرة إلى أن كشف أسرار الحياة الزوجية بعد الطلاق بقصد الإساءة للطرف الآخر من الأمور المحرمة، وغيبة ونميمة وقطع للأواصر الاجتماعية.