وكالات-الرسالة نت
في الوقت الذي يعاني العالم فيه مشكلات النظام المالي الرأسمالي السائد والتي باتت تهدد كافة اقتصادات العالم ، من خلال إبراز العديد من الأزمات على شكل اضطرابات في الأسواق المالية وأسواق النفط بشكل يؤثر سلباً في مستوى الرفاهية ، أجرى باحث عربي دراسة توضح طبيعة النظام المالي الإسلامي كبديل واقعي وعملي للنظام المالي التقليدي ، إضافة إلى كشف أهم العوائق التي تحول دون تحقيق هذا النظام على أرض الواقع.
ورأت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد طه العجلوني الباحث والمتخصص في التمويل الإسلامي وأستاذ مساعد في قسم التمويل والمحاسبة في جامعة عمان العربية للدراسات العليا في الأردن تحت عنوان "النظام المالي الإسلامي المعاصر الإطار النظري والتطبيق العملي" ، رأت، أن النظام المالي العالمي الرأسمالي يبرز أزمات ومشكلات تجلت فيما يعرف بالأزمة المالية العالمية التي سببتها أساليب التمويل الربوية، والاعتماد على أدوات المضاربة التقليدية التي تصل إلى حد المقامرة في كثير منها ما أدى إلى بروز علامات استفهام وشكوك كبيرة حول صلاحية النظام المالي الرأسمالي في استغلال الموارد المالية لمصلحة البشرية.
وحرص الباحث في الدراسة التي أوردتها صحيفة "الاقتصادية" في عددها الصادر اليوم السبت، على إبراز مفهوم النظام المالي الإسلامي كجزء من النظام الاقتصادي الإسلامي الكلي وإمكانية تطبيقه في الوقت الحالي، إذ تضمن مناقشة نشأة النظام المالي الإسلامي، وخصائصه الفريدة وأهدافه ووظائفه، كما تم التعرف على الإطار المؤسسي الناظم لعمل هذا النظام وأهم المؤسسات المتضمنة فيه، محددا أهم العوائق التي تحد من تطبيق النظام المالي الإسلامي بشكله المثالي على أرض الواقع.
وأشار الباحث إلى أنه يمكن أن يستفيد النظام المالي الإسلامي من النظام المالي التقليدي في تحديد الأهداف والوظائف الخاصة به، مع إبقاء المجال مفتوحاً للاختلاف في كيفية تحقيق الأهداف والوسائل اللازمة لذلك.
و خلص الباحث إلى أنه لم تستطع النجاحات التي حققتها مؤسسات النظام المالي الإسلامي - على أهميتها - لحد الآن تحقيق النهاية المأمولة المتمثلة في نظام مالي إسلامي معاصر يمكن تبنيه بالكامل، إضافة إلى أن كثيراً من المعوقات التشريعية (الدينية أو القانونية) والتنظيمية تعوق تبني نظام مالي إسلامي كامل، كما أن الفكر الإسلامي الخاص بالتمويل الإسلامي لم يصل إلى درجة المرونة الكافية التي تجعل من تطبيق هذا النظام بشكل فعال أمراً واقعاً.
وخصص الباحث جزءا كبيرا من الدراسة لمناقشة مشكلات ومعوقات تحد من التوجه نحو تطبيق النظام المالي الإسلامي التي رأى أن من أهمها عدم وجود إطار تنظيمي وقانوني داعم للنظام المالي، إضافة إلى أنه لا يوجد مركز مالي إسلامي منظم يعمل ضمن إطار الشريعة الإسلامية، وذلك يحرم المؤسسات المالية والمصارف الإسلامية من وجود وسيط لتسوية الالتزامات المالية للتعاملات الدولية فيما بينها، وكذلك يحرمها من تصريف فوائض أموالها في استثمارات قصيرة الأجل.
وأشار الباحث إلى أن من المعوقات أن الأسواق الثانوية لرأس المال في الدول الإسلامية تتصف بكونها ضحلة (غير عميقة) وقليلة السيولة. وفيما يتعلق بأسواق النقد وأدواتها، فإنها غير موجودة إسلامية كانت أو ربوية، وهذا يؤدي بدورهِ إلى تراكم الأموال وتكديسها لدى المؤسسات المالية للحفاظ على مستوى آمن من السيولة، وبالتالي عدم استخدامها.
ثم إن انخفاض مستوى التنسيق والتعاون بين المصارف الإسلامية لإدارة رأس المال على صعيد البلد الواحد أو على الصعيد الدولي، إضافة إلى عدم الابتكار وضعف القدرة على التطوير في الأدوات المالية قصيرة الأجل التي يمكن أن تكون وسيلة لهذا التعاون.
ومن المعوقات الرئيسة أن النظام المالي الإسلامي يحتاج إلى تطوير أنظمة للمحاسبة والتدقيق تتواءم والطبيعة الخاصة لعمليات وأدوات وأصول المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وذلك لتعزيز الثقة من خلال مزيد من الشفافية وإمكانية المراقبة على أعمال تلك المؤسسات من قبل الجهات الرقابية الحكومية والأهلية أو من قبل المساهمين، ولهذه المعايير أهمية بالغة ودور أساسي في تحقيق التكامل ما بين المؤسسات المالية الإسلامية، وتوفير بيئة مناسبة من القبول لها في المسرح المالي الدولي.
وبسبب عدم وجود سلطة دينية ذات قرارات ملزمة، تلجأ المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية إلى تعيين لجان شرعية، بعضوية بعض علماء الشريعة لبيان رأي الدين وإصدار الفتاوى بخصوص تعاملات هذه المؤسسات وأدواتها.
وتختلف الآراء التي تبديها لجان الرقابة الشرعية من مؤسسة لأخرى ومن بلد لآخر بسبب اختلاف وتنوع المدارس الفقهية، فقد يوجد أسلوب مسموح للتعامل به أو أداة مالية معينة مباحة للتعامل في بلد ما، ولا نجد ذلك في بلد آخر، وحتى إن الأمر قد يختلف من مصرف لآخر في البلد نفسه.
وهذا يحرم مؤسسات النظام الإسلامي من وحدة الرأي الفقهي وإمكانية التنسيق والتعاون المحلي والدولي فيما بين هذه المؤسسات، وهناك مشكلة قديمة حديثة برزت منذ نشأت المؤسسات المالية الإسلامية (المصارف بشكل خاص) تمثلت في عدم كفاية الكوادر البشرية المؤهلة فنياً وعلمياً وشرعياً للتعامل مع أدوات النظام المالي الإسلامي، وكيفية التعامل بها، فضلاً عن إمكانية إبداع أدوات وأساليب مالية شرعية حديثة، ثم إن عدم وجود الأعداد من الموظفين المحترفين ذوي الخلفية الشرعية (علماً والتزاماً) والخبرة المالية، قد يحد من مقدرة المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية على تطوير نفسها وتحقيق النمو والازدهار.
وأوصى الباحث بأهمية الالتزام بتعليمات المؤسسات المالية الإسلامية الدولية والانفتاح على المؤسسات المالية الدولية، إضافة إلى أهمية التعاون بين المؤسسات المالية الإسلامية على مستوى البلد الواحد أو على المستوى الدولي، لتحقيق نظام مالي إسلامي متكامل، والعمل على إلزام المؤسسات المالية الإسلامية بالتعليمات الصادرة عن المؤسسات المالية الإسلامية الدولية خاصة ما يتعلق منها بالمعايير المحاسبية، وذلك كخطوة أولى نحو توحيد الأطر الرقابية المنظمة لعمل هذه المؤسسات على مستوى العالم وعلى مستوى