قائمة الموقع

"رئيس الخطابات".. هجوم بحجم المأزق!

2018-03-25T07:01:54+03:00
محمود عباس
الرسالة نت - شيماء مرزوق

اشتهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس طوال سنوات حكمه بالخطابات الطويلة والتي لا تخلو من سخرية ونبرة غضب، رغم أن معظمها تغريد خارج السرب الوطني، إضافة إلى نهجه الفردي وسياسته التي أدت لتقسيم وتفتيت كل مؤسسات ومقدرات الشعب الفلسطيني.

الرئيس الذي يمكن أن نطلق عليه "رئيس الخطابات" بجدارة بات ينتهج سياسة الخطابات لمواجهة أي تهديدات سواء على مستوى القضية الفلسطينية أو في الشئون الداخلية لمواجهة خصومه دون الالتفات إلى مصلحة القضية الفلسطينية التي باتت في مهب الريح نتيجة سياسته.

وبقدر الغضب الكبير والمصطلحات الصادمة التي استخدمها أبو مازن في خطابه الأخير ذو الطابع الهجومي والذي قرر فيه فرض المزيد من العقوبات على غزة متذرعاً باتهامه لحركة حماس بالمسؤولية عن حادثة تفجير موكب رئيس الحكومة رامي الحمد لله مؤخراً، فإن هذه النبرة تعكس الأزمة الكبيرة والمأزق الذي يعيشه نتيجة فشل مشروعه السياسي وخلافه الظاهري مع الإدارة الامريكية والتي يبدو أنها بدأت تطبق رؤيتها للصراع في المنطقة دون الالتفات لموقف الجانب الفلسطيني.

وليس سراً أن الرئيس الثمانيني محاط بدائرة من القيادات جزء منهم غزيين وهم من أكثر المحرضين على اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً اتجاه حماس وغزة، وذلك مرده إلى الأزمة الحقيقية التي يشعرون بها جراء تهميشهم تمهيداً لتجاوزهم، ما يدفعهم لممارسة مزيد من الضغوط عليه عبر تمرير معلومات وروايات تثير مخاوفه وغضبه اتجاه غزة.

ومن الواضح أن الجميع يدرك أن مرحلة عباس في نهايتها ويجري التمهيد لمن سيخلفه، وهو أول من يدرك ذلك، لذا يحاول أن يضغط بكل قوته ليمهد الطريق لخليفة مقرب منه يضمن له مستقبل أبنائه الذين تربطهم مصالح شخصية وصفقات وشركات في الضفة الغربية والخارج.

الصحافة العبرية بدورها علقت على الخطاب بأنه مؤشر لفقدان الرئيس الفلسطيني للسيطرة، وقال الجنرال احتياط ايتان دانغوت، المنسق السابق لشؤون المناطق المحتلة في جيش الاحتلال الإسرائيلي: "إنني، كمن أمضى ساعات من اللقاءات مع أبو مازن، أستطيع القول إن الرجل يتمتع بسيطرة كاملة، ولكنه يعاني من الإحباط، لأن جوهر فعله السياسي قد تم كسره بسبب السياسة الأميركية، وهو يعرف أنه لم يعد هناك ما يخسره إذا ما هاجم الأمريكيين".

وأضاف دانغوت، الذي كان يتحدث للإذاعة الإسرائيلية، أن عباس يعرف أن تشدده أمام حماس من شأنه أن يزيد من ضغط الأزمة الإنسانية في غزة على "إسرائيل"، واصفا الخطاب الذي ألقاه بأنه "تحريضي ويهدف إلى إشعال الوضع الميداني".

ولا جدال حول أن خطاب عباس الأخير كان حرقا للسفن أمام طريق المصالحة المتعثر، ما سيكون له تداعيات خطيرة على الوضع الفلسطيني العام وخاصة في غزة.

وأهم تلك التداعيات انهيار المصالحة بالكامل وعودة الخطاب التوتيري والتحريضي المسيطر الآن عقب الخطاب الهجومي وهو ما قد يعزز الانفصال التام بين غزة والضفة الغربية خاصة إذا ما تم اتخاذ الإجراءات التي تحدث عنها خلال الخطاب.

الاجراءات التي لم يعلن عنها حتى الان والتي من المتوقع أن يجري تطبيقها بشكل منفصل قد تدفع نحو سيناريو الانفصال التام، وهنا تكمن الخطورة كون الانفصال يخدم الخطة الأمريكية لتطبيق صفقة القرن.

ومن غير المنطق أن يجاهر عباس بمعاداة الولايات المتحدة ورفض تمرير صفقة القرن، وفي ذات الوقت يعمل على تعبيد الطريق لتمريرها عبر تكريس الانفصال عن غزة وممارسة المزيد من الضغط عليها وتفاقم الازمات الإنسانية والاقتصادية فيها.

وقد ذهب بعض المراقبين إلى أن الرجل متيقن بأن صفقة القرن ستفرض على الجميع كما قال مبعوث ترمب للشرق الأوسط غرينبلات، لذا فهو لا يريد أن يسجل عليه الموافقة عليها، وإنما يعمل بكل قوته على الضغط على حركة حماس عبر تأزيم الأوضاع الإنسانية المعقدة في القطاع لدفعها للقبول بالصفقة ومن ثم اتهامها بالخيانة وبتصفية القضية.

اخبار ذات صلة