قائد الطوفان قائد الطوفان

على عتبة اليأس: تخوفات اسرائيلية من مسيرة العودة

الرسالة – ترجمة خاصة

" لا مفر من العودة إلى الواقع المحزن. بعد دعمها للمصالحة الفلسطينية بين حماس والسلطة الفلسطينية، (إسرائيل) على وشك دفع ثمن فشلها. هكذا هو الحال عندما لا يكون لدى كل طرف ما يخسره".

الآن، بعد ان بدأ مهرجان الهرج حول مهاجمة المفاعل في سوريا يتلاشى، لا يوجد بديل سوى العودة إلى الواقع القاتم على الساحة الفلسطينية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعكير الأعياد أمامنا. من نهاية الأسبوع الحالي ندخل في وضع، لأول مرة منذ "الجرف الصامد"، هناك خطر حقيقي من مواجهة مع غزة. (إسرائيل)، التي دعمت لسبب ما "المصالحة" الفلسطينية، تدفع الآن ثمن فشلها.

في كتابه الممتاز "القرش"، يصف رجل الموساد ميشكا بن دافيد الحرب التي تبدأ بمسيرة جماهيرية للفلسطينيين من غزة إلى (إسرائيل)، وهي مسيرة تمكنت من الاستيلاء على عسقلان والوصول إلى مشارف أسدود. هذا سيناريو منع الجيش الإسرائيلي من النوم لسنوات، كيف نوقف آلاف المواطنين الذين بدأوا في مسيرتهم نحونا؟ لا أعرف إن كانت حماس قد قرأت الكتاب أيضاً، لكنهم سيكونون سعداء بإفساد الذكرى السبعين لاستقلالنا وزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

كل قيادة هيئة الأركان العامة بالكامل حضروا إلى قاعدة تساليم للاطلاع عن كثب على الاستعدادات للتعامل مع مثل هذا الحدث: القناصة وأجهزة مكافحة الشغب والأسوار وحتى الدبابات، التي من المفترض أن توقف مسيرة جماهيرية. في يوم النكبة عام 2011، عندما كان جادي ايزينكوت قائدًا للقيادة الشمالية احترق لأجل حدث مماثل، تمكن عشرات السوريين من التسلل إلى (إسرائيل) عبر الحدود بالقرب من مجدل شمس، ونجح أحدهم في الوصول إلى يافا، حيث لم تكن القوة مستعدة ولم تعرف كيف يتعاملون مع مثل هذا الحدث.

لذلك لا، ليس هناك خوف من ان تحتل مسيرة فلسطينية مستوطنة هذا الشهر، ولكن هناك بالتأكيد قلق من أن تنتهي مثل هذه المحاولة بعشرات من الضحايا، مع جميع الآثار المترتبة على ذلك. اللاعبان الرئيسيان في التدهور -يحيى السنوار وأبو مازن -هما بالفعل وراء حالة اليأس.

يعتبر السنوار، أحد مؤسسي الجناح العسكري لحماس، واحداً من اقطاب الجناح اليميني في التنظيم. أمضى 22 سنة في السجن الإسرائيلي لقتله المتعاونين الفلسطينيين. خلال فترة سجنه كان يعاني من السرطان، خضع لعملية جراحية في (إسرائيل) وتم إنقاذ حياته. بعد أربع سنوات من إطلاق سراحه في صفقة شاليط، أصبح قائدًا لحماس. التفسير الذي ساد في (إسرائيل) بعد التعيين هو أن السنوار سيقود حماس إلى خط متشدد، لكنه فكر في عكس ذلك.

حاول أن يظهر السنوار أنه رجل دولة. لقد فرض قيوداً على حماس في السنوات الثلاث والنصف التي مرت منذ الجرف الصامد: 43 شهراً مرت دون أن تطلق حماس رصاصة واحدة على (إسرائيل). وفي الوقت نفسه، وضع كل ما لديه في المصالحة مع السلطة الفلسطينية على أمل أن يخلص غزة من ضائقتها الاقتصادية. وهدد عندما وقع الاتفاق "سنكسر يدَي وساقَي أولئك الذين سيخربون المصالحة". لكن عباس لم يكن ينوي فعلاً تحقيق السلام مع حماس، ولكن بدلاً من ذلك اهانها. منذ ذلك الحين، اختفى السنوار وصمت-لم يسمع صوته منذ ثلاثة أشهر.

ثم جاءت محاولة الهجوم على موكب لرئيس الوزراء رامي الحمد الله وقدمت لأبو مازن الذريعة النهائية للانفجار.

ملاحظة على هامش التاريخ

أبو مازن في نهاية حياته وفي أسوأ وأحط لحظات حياته. نجح في إزعاج الرئيس ترامب عندما رفض طلبًا مباشرًا لوقف تمويل المقاومين، وأدارت الإدارة الأمريكية ظهرها له. القيادة في العالم العربي، والعالم بشكل عام، ليست مهتمة حقا به، ويرى نفسه في نهاية حياته على انه ملاحظة على هامش التاريخ. خسر الرجل غزة لصالح حماس، عارض المقاومة ولكن دعم اعضاءها ماليا، وضيع فرصة للتوصل الى اتفاق مع (إسرائيل) في ايام ايهود اولمرت، وهو الان على وشك الحصول قريبا على مشروع التسوية غير المقبولة عقلياً والتي أعدها الامريكيون للتسوية مع (إسرائيل).

المكان الوحيد الذي يمكنه حتى الان التأثير فيه هو غزة: تنقل السلطة الفلسطينية إلى غزة كل شهر مبلغا كبيرا من 110 مليون دولار، يهدد عباس ايضاً بقطعه. هذه الأموال مخصصة للرواتب والكهرباء والتعليم والصحة والبنية التحتية. ويتذكر أنه في عام 2014 (إسرائيل) هي من اوقفت نقل رواتب غزة وواجهت حربا مع حماس و(إسرائيل) لم تكن ترغب في ذلك. سيكون سعيداً الان برؤيتنا ننزف مع حماس في مواجهة أخرى، بينما يقف هو متفرجاً.

عندنا، تطورت رياضة جديدة بين القيادة: السخرية والضرب على أبو مازن. أحيانا يبدو أننا نسينا أن عباس ليس إسرائيلياً وليس صهيونيا -هو زعيم السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، فهو يعمل على تشغيل وتقديم خدمات أمنية لـ(إسرائيل) كبيرة وكثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، إنقاذ الإسرائيليين الذين تقطعت بهم السبل في المدن الفلسطينية.

يرغب هو والسنوار أن يثبتا في الشهرين القادمين أنهما عاملان مهمان يجب على الأمريكيين أن يفكروا بهما في كل مسودة اتفاق يجلبونها. يبدو أن أيا منهما لا يريد المواجهة مع (إسرائيل)، ولكنه مستعد للمخاطرة باحتكاك أعلى. لا يريد السنوار الحرب، لكنه مستعد وجاهز لإجراء تبادل لإطلاق النار ضدنا والذي من المحتمل أن يتدهور إلى مثل هذه المواجهة. أبو مازن، من جانبه، مستعد لرفع درجة الحرارة في الضفة الغربية، حتى لو أشعلت بخار الوقود في الهواء.

يشعر أبو مازن بسخط متزايد بين جمهوره حول الفساد. بينما وضعه السياسي يتعثر، لا يوجد ما يدعو للقلق حول حسابه المصرفي. لكن الكونجرس الأمريكي مرر الآن قانون تايلور فورس، الذي سيخفض 150 مليون دولار من المساعدات للمنظمات العاملة في السلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، تم قطع المساعدات الأمريكية للأونروا، وسرعان ما ستتوقف العديد من الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك مدارس الأونروا، عن العمل، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حدة الاضطرابات. يسعد أبو مازن أن يحول هذه الطاقة نحونا.

سيحتفل بعيد ميلاده الثالث والثمانين هذا الأسبوع، صحته ليست جيدة، رغم أنه نجح في البقاء لفترة طويلة. ومع ذلك، لا يوجد امامه الكثير. ليس لديه خليفة طبيعي، وبالتالي فإن المجموعة المحيطة به تنظم للسيطرة على مقاليد الأمور: نائبه محمود العالول؛ ماجد فرج، رئيس الاستخبارات المناسب. رئيس الوزراء رامي حمد الله. حسين الشيخ، المسؤول عن الشؤون المدنية؛ جبريل الرجوب من معارفنا والدبلوماسي الأزلي صائب عريقات. هذه مجموعة يمكن لـ(إسرائيل) العمل معها، حتى لو اختارت قيادة زعيم رمزي مثل السجين مروان البرغوثي. إنهم ليسوا صهاينة، وليسوا متدينين، لكنهم يعرفوننا جيدا ويفضلون ترتيبات حول دولة ثنائية القومية.

في هذه الأثناء، وحتى تغيير الحكومة، ليس لدى (إسرائيل) حاجة أو أي شيء تكسبه من مواجهة جديدة مع غزة أو عنف متزايد في المناطق. لهذا السبب لن يأتي العديد من الجنود للاحتفال "بليل سيدر" في المنزل. ولكن إذا ما نفذ أبو مازن تهديده وأغلق صندوق تمويل غزة، فسوف يُطلب من (إسرائيل) تمويل المساعدات الإنسانية الأساسية نفسها: الكهرباء والطب والطعام. سيكون من الأفضل لمثل هذا القرار ليس فقط وضع حد للنار المؤقتة، بل كجزء من استراتيجية (إسرائيل) الشاملة تجاه غزة والضفة الغربية.

الون بن دافيد- معاريف

 

البث المباشر