منذ اليوم الأول لتولي دونالد ترامب الرئيس الأمريكي رئاسة الولايات المتحدة هدد بقطع المساعدات المالية للسلطة، بحجة أن جزءًا منها يذهب لمخصصات عائلات الشهداء والأسرى منفذي العمليات الذين تصنفهم أميركا كـ "إرهابيين".
الجمعة الماضية خرج الأمر عن كونه مجرد تهديدات حينما صادق الكونغرس الأميركي، على مشروع قانون يقضي منع المساعدات المالية الأميركية عن السلطة الفلسطينية في حال واصلت دفع مخصصات الشهداء والأسرى، وفي محاولة أخرى للضغط على الفلسطينيين لقبول "صفقة القرن" ودعمًا للخطط الإسرائيلية.
ويشمل مشروع القانون عددًا من البنود، منها تخفيض الدعم المالي الأميركي للسلطة الفلسطينية بنحو 300 مليون دولار، وهو المبلغ الذي تدفعه السلطة لعائلات الشهداء والأسرى، بحسب المزاعم الإسرائيلية.
وتم تحويل مشروع القانون للبيت الأبيض للمصادقة عليه بشكل نهائي من قبل الرئيس الأميركي، حيث يشمل القانون في أحد بنوده قرارًا يدعو لحجب المساعدات التي تقدمها واشنطن للسلطة الفلسطينية طالما استمرت في دفع تلك المخصصات.
وكان السناتور ليندزري غرهام المبادر للقانون، أعلن أن هناك تقدمًا في مشاورات سن القانون، وقال إنه متفائل بالمصادقة النهائية عليه، ورغم أن مشروع القانون كان مطروح منذ فترة أمام الكونغرس ويحظى بتأييد معظم المشرعين المنحازين بقوة لإسرائيل، فقد ظل عالقًا بسبب قلق بعض الأعضاء من أن يؤدي أي خفض شديد في المعونات إلى زيادة الاضطرابات وقلقلة الاستقرار في الأراضي الفلسطينية.
في حين جرى تسمية القانون "تايلور فورس" على اسم الطالب الأمريكي الذي قتل في مارس 2016 في يافا وهو جندي سابق في جيش بلاده خدم في العراق وأفغانستان حيث تجند والداه بالإضافة للسناتور "غرهام" لسن القانون.
وبذات السياق اعتبر أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن رواتب أسر الشهداء والمعتقلين "غير خاضعة للابتزاز السياسي الأميركي"، مؤكدًا في تصريح صحفي أن الأسرى ناضلوا من أجل الدولة والاستقلال، وما تفعله الإدارة الأمريكية هو ترجمة على أرض الواقع لمطالب حكومة "نتنياهو" الاسرائيلية.
ويعلق مجدلاني بالقول:" الحكومة الإسرائيلية تدفع، ومن أموال الضرائب الأميركية، ملايين الدولارات للقتلة من المستوطنين وجنود الاحتلال، وتخصص رواتب لأسرهم"، معتبراً أن "الوضع الطبيعي يقتضي أن تقوم حكومة الاحتلال وإدارة ترامب بتعويض الشعب الفلسطيني عن كل ما لحق به من إيذاء جسدي ونفسي، وما تكبّده من خسائر اقتصادية، على مدار سنوات احتلال أراضيه".
وبدوره يعقب مأمون أبو عامر المختص في الشأن السياسي على مشروع الكونغرس الأمريكي
قائلا:" الإدارة الأمريكية تسعى لفرض الاشتراطات الإسرائيلي في المنطقة لنشر رؤيتهم، والتي من تتضمن وقف مخصصات الشهداء والأسرى وتعد أحد النقاط الصعبة التي تواجهها السلطة الفلسطينية".
ويرى أبو عامر أن إيقاف المساعدات الأمريكية يعد إجراءً سياسيًا وفرص تطبيقه قليلة، خاصة وأن جزءًا كبيرًا من المساعدات تذهب للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعدم تمويلهم سيكون له آثار سلبية في ضبط الوضع الأمني في الضفة.
ووفق متابعته، فإن مشروع القانون سيبقى نظريًا وشكليًا، لاسيما وأن الأمريكان مضطرون لدفع تلك المساعدات المالية للسلطة، خشية تقويضها.
وعن الإضطرابات التي قد تحدث في الشارع الفلسطيني حال قطعت فعليًا مستحقات الأسرى والشهداء، ذكر المختص في الشأن الفلسطيني أنها ستحدث اهتزازات اقتصادية وتداعيات سياسية، عدا عن المواجهات بين الشباب الفلسطيني وجيش الاحتلال الاسرائيلي.
وبحسب معلومات أحصتها وكالة "الأناضول" التركية من وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية الأميركيتين، فإن قيمة المعونات الأميركية المقدمة إلى "إسرائيل" خلال عامين (بلغت 8 مليارات دولار)، تعادل المساعدة المقدمة إلى السلطة الفلسطينية طيلة 23 عاماً.