بشغفها وعلاقة الحب الواضحة بينها وبين خيط التطريز، وبتلك العلبة الحديدية المفرغة من حبات الشوكولاتة لتمتلئ بالإبرة وخيوط الحرير الساحرة التي ما فتئت ترافقها في كل نزهة منذ نعومة أظفارها وصولًا إلى افتتاح معرضها "Tujans Art" وما زرعته من رغبة اقتناء المطرزات لدى الجيل الجديد الذي ينجذب تجاه ألوان التراث الفلسطيني ويتبادلها بين بعضه لتكون الهدية الأسمى والأغلى دون الإلمام بتاريخها على الوجه الأكمل.
استطاعت الأربعينية "مشعشع" المتخصصة للغة الإنجليزية تحويل عشقها للفنون والحرف اليدوية إلى موهبة من نوع آخر، حيث حولت كل ما تقع عليه عينها من نقش ورسومات إلى لوحات فنية مطرزة جذبت الصغار قبل الكبار، واستطاعت أن ترسم البسمة والفرح على وجه كل من يشاهد مطرزاتها الجميلة والفريدة من نوعها..
بدأت فكرتها منذ سبع سنوات بتصميم الإكسسوارات النسائية في بيتها وبعض التصاميم لديكورات تعلق في غرف الأطفال كأسمائهم وميداليات بسيطة وكسوة مقاعد ومفارش للطاولات، كما أنها شاركت في ورش عمل متنوعة ساعدتها في صقل الموهبة والعمل على تطويرها إلى الأفضل. وكان الثوب الفلسطيني مصدر إلهام لها فقد استعانت به وبجماله لتطعّم مطرزاتها بعديد من الرسمات القديمة فجمعت الأثواب الفلسطينية في معرض واحد مستحضرة الثوب البيراوي والخليلي والتلحمي وغيرها، لتخرج برسمة جديدة تحمل مكنونات الانتماء الوطني الفلسطيني وترسخ مفهوم الوحدة.
لم تقف "مشعشع" عند حدود إبداعها كأي امرأة فلسطينية تهوى الإبرة والخيط، بل جعلت من الخشبيات جزءاً لا يتجزأ من هوايتها رغبة في إضفاء لمسة عصرية لطالما حلمت بها، فحظيت بتعاون شباب فلسطينيين يخرجون عن المألوف في تشكيل التحف الخشبية وعلب الهدايا والصناديق المختلفة في أشكالها وخاماتها.
تمكنت "مشعشع" من مراعاة الأذواق وتنوعها من شخص الى آخر فكانت تساعد الشباب داخل ورشة تشكيل الخشب بلفت انتباههم إلى مراعاة ألوان القطع الخشبية على حسب طلب الزبون وعلى تناسق لونه مع لون الخيوط التي سيتم لفها وتشكيلها بين الفتحات المجهزة، ليبقى اسم معرضها لامعًا بالأناقة والذوق الرفيع.
"لا أعتبره مصدر دخل" وصفت "مشعشع" ما يجلبه عملها من عائد مادي بمردود لا يسعدها بقدر ما حصلت عليه من تعزيزات معنوية خلال تعاقد بعض المؤسسات معها لأخذ الهدايا الاعتبارية لموظفيها من معرضها ما أزال حاجز الخوف الذي تكون قبل تنفيذها للمشروع.
ذاكرة اليد
"انقطاعي عن التطريز لا يعني نسياني له" تقول مشعشع لـ" الرسالة": عزفت عن ممارسة هوايتي لفترة ليست بالقليلة بسبب الزواج والحمل ومسؤوليات أخرى، لكني فور عودتي للإبرة والخيط تنطلق الأصابع بلا روية لتحلق بين ثنايا القطعة تزرع أملًا لطالما حلمنا به وهو أمل إعادة البهجة لفلسطين وتتويجها بحريتها.
لعل من أهم الصعوبات التي واجهت "مشعشع" كما تقول لـ"الرسالة": هو بداية احتراف لف خيوط الحرير على الصناديق الخشبية المجهزة لذلك واختيار نوعية الخيط الذي يمكن لفه إلى أن اعتمدت خيط "" DMC وفي تجاوزها لهذه العقبة يرجع الفضل الأكبر لتعزيز زوجها ووقوفه بجانبها في كل محاولة إيمانًا منه بقدراتها وموهبتها التي يعدها نوعًا من النضال من وجهة نظره.
بلمعة عينيها وهي تقدم سلعتها للزبون يلتمس كل من يشتري قطعها تلك العلاقة التي تربطها في عالم التطريز، ما شجع إقبالهم لاقتناء تلك القطع بشكل أكبر وخاصة فئة السياح التي تزور مدينة القدس بين الفينة والأخرى، وتطمح "مشعشع" أن تصل شهرة معرضها إلى كل الدول الأجنبية ليعرف العالم أن ألوان تراثنا فلسطينية بحتة منذ الأزل.