غزة / ديانا طبيل
بينما كانت الساعة تقترب من السابعة مساءاً ، و خيوط السماء البيضاء تتشابك مع خطوطها السوداء لا يفصلهما إلا ضوء الشمس المائل إلى الحمرة ، كاد صوت المصطافين يطغى على صوت الأمواج المتلاطمة بعد موجة الحر التي اجتاحت القطاع ..
في شارع الرشيد- غرب مدينة غزة- تتلاحم أصوات أبواق السيارات مع ترانيم الغروب في ظل الازدحام المروري غير المسبوق والكثافة الكبيرة للمصطافين .
وعلى طول الطريق يتواجد بائعو الذرة المشوية والمسلوقة التي تتصاعد رائحتها مع نسيم البحر لتقول للعابرين :هنا غزة وهذا شاطئها ملاذا لمليون ونصف مليون مواطن أرهقهم الحصار فجاءوا يغسلون أوجاعهم داخل مياهه الزرقاء .
**** عصبية غير متوقعة
علامات الانزعاج بدت واضحة على المواطن هيثم عكيلة "25عاماً "، الذي قضى أكثر من ساعة داخل سيارته ، ينتظر طابورا طويلا من السيارات ليتمكن من قطع شارع الرشيد عائداً إلى منزله بعد قضاء يوم ممتع على الشاطئ.
عصبية عكيلة زادت وتيرتها لأن الزحمة المرورية حالت دون استمرار شعوره بالراحة النفسية، معربا عن أمله في أن تجد شرطة المرور حلاً جزئياً لهذه المشكلة شبه الأسبوعية.
على حافة الرصيف يمسك أحمد (18عاما ) بيده " منشة " لإشعال النار تحت أكواز الذرة التي يبيعها لرواد الشاطئ ويقول لـ " الرسالة نت" : ساعات المساء الأولى تكون مزدحمة طيلة الأسبوع إلى أنها تشهد ذروتها يومي الخميس والجمعة، مما يعطل الحركة المرورية.
ويشير أحمد إلى أن الكثير من المصطافين القادمين من جنوب غزة يقضون الليل بكامله على الشاطىء فتبقى حركة المصطافين حتى ساعات الصباح الأولى .
بينما يرى أبو أسامة دبابش "33عاما"ً عامل في إحدى الاستراحات الموجودة على الشاطئ أن يوم الخميس هو أفضل أيام الموسم على الإطلاق خاصة وان المرتادين بالعادة من العائلات .
ويقول دبابش: أسعار الاستراحات ترتفع مقارنة مع باقي أيام الاسبوع ، فسعر الخيمة على سبيل المثال يقارب 50 شيكلا ، مما يحقق لأصحاب الاستراحات الربح المطلوب لتغطية تكاليف الموسم.
*** الخميس اليوم الأفضل
المواطن محمد النجار "24عاما " اصطحب معه جملا يجنى من ورائه قوت أطفاله، فمقابل كل دقيقتين يعتلي شخص ما ظهر الجمل يتقاضى مبلغ (2شيكل) و يقول : هذه المهنة تدر علي ربحاً يمكنني من الاستمتاع بموسم الصيف دون الشعور بالعجز المادي.
ويوافقه الرأي أبو احمد صاحب احد اللنشات والذي يتقاضى 2.5 شيكل مقابل كل راكب يصعد إلى "اللنش" ، ويقول:يجد الغزيون متعتهم عند الصعود إلى سطح اللنش رغم أن المسافة التي نقطعها داخل الماء صغيرة جداً بسبب الإجراءات الاسرائيلية.
ويتابع في الأيام العادية لا تتعدى يوميتي 20 شيكل لندرة المصطافين ، بينما في أيام الخميس والجمعة والسبت تكون الحركة كبيرة للغاية، خاصة وأن هواة ركب اللنش بالعادة من الشباب والمراهقين والعائلات الكبيرة الذين يهوون السباحة على مسافات بعيدة .
*** ترتيبات مرورية
من جهتها بذلت شرطة المرور والنجدة جهودا جبارة من أجل السيطرة على الزحمة المرورية ، من خلال تكثيف عدد الدوريات المرورية في تلك المنطقة وتشديد الإجراءات الوقائية والعقابية للحد من تطور الزحمة والضوضاء التي تعكر صفو المواطنين.
وكانت شرطة المرور منعت سير الدراجات النارية على الطريق الساحلي يومي الخميس والجمعة بناء على قرار وزير النقل والمواصلات للتخفيف من حدة الحركة المروية خاصة وان تلك الأيام تشهد ازدحاماً مرورياً .
وتأتى ترتيبات شرطة المرور لتمكين المواطنين من قضاء رحلات سعيدة على شاطئ البحر وذلك بعد تكرار الحوادث المرورية من قبل الدراجات.
وكان أسامة العيسوي وزير النقل والمواصلات أكد أن الهدف الرئيسي هو العمل على راحة المواطن الفلسطيني وتوفير الأمن والهدوء والاستقرار له على شاطئ البحر بعد أن شهد القطاع في الآونة الأخيرة حوادث مؤسفة .
وتبقى ليلة الخميس على شارع الرشيد زحمه موسمية تختلط مع نسيم البحر وسط زحمة الحصار والسياسية.