قائمة الموقع

حلم الشهيد.. حارسه "أسامة" و"كريك" محمد!

2018-04-05T05:55:43+03:00
الرسالة_أمل حبيب

وهل للحلم من حارس؟ في غزة نعم، كان أسامة وأصدقاء محمد وكل الأحلام تتحقق بالوفاء هنا!

كان الرمل وجهتنا في اللقاء الأول لسرد قصة الشهيد الفنان محمد أبو عمرو بين صفحات "الرسالة"، وفي ولادة حلمه بعد الغياب كان الرمل كذلك، حيث نحت صديقه الفنان أسامة سبيته خريطة فلسطين حبًا لمحمد!

يومان فقط على مغادرتنا لخيمة العزاء في حي الشجاعية، وحديث والده لنا:" ابني كان يحلم أن ينحت أكبر خريطة فلسطين على رمل بحر غزة، بذل جهده ووقته لتحقيقها ولكن لم يستطيع فلم يساعده أحد أو تدعمه أي جهة".

"كريك" الفنان محمد كان حاضرًا فوق الرمل، أحكم بقبضته عليه شقيقه أحمد الذي وصل منذ الصباح ورفقاء محمد لمساعدة أسامة في تنفيذ حلم الشهيد، يشير اليه ويقول: "هذا لمحمد.. كان يحفر به ثم ينحت على الرمل، مسيرة محمد مستمرة، وفنه باقٍ على الشاطئ هنا".

في وطني الشهيد لا يموت، ذكراه تبقى، فكرته تبقى، وحلمه كذلك يبقى ويصبح واقعًا كما فكرة الخريطة، التي تجولنا بين مدنها، التي أبرزها أسامة بألوان العلم الفلسطيني.

اللون الأحمر لون بها مدينة صفد ومخيم جنين، ذات اللون هو دم محمد الذي تشبع به رمل السياج الحدودي، حيث قتله المحتل الإسرائيلي باستهداف مباشر!

اغتالت الرصاصة الجسد لكنها لم تغتل الحلم، انشغال رفاق الشهيد وأسامة بالعمل منذ فجر يوم الاثنين الثاني من ابريل، انحناءة الظهر، عرق الجبين، جميعها كانت الحلم!

صاحب الفكرة ابن الشجاعية التي ينتمي اليها الشهيد كذلك، رفيق مقعده الدراسي في المرحلة الابتدائية الذي لم ينتظر انتهاء عزاء محمد حتى قرر أن يحقق الحلم، يقول أسامة: "محمد تواصل معي قبل أيام من استشهاده، أخبرني بحلمه لإنجاز خريطة بمساحة 100 متر، حققنا نحن كأصدقاء الشهيد هذه المنحوتة بمساحة 800 وفاءً لمحمد".

كان يتناوب أسامة وشقيق الشهيد أحمد باستخدام "كريك" "مجرفة الرمل" الخاصة بمحمد هو نفسه الذي استخدمه في نحت أسماء الشهداء والأسرى، وهنا يؤكد أسامة بعد أن غرس ساقه في الرمل بقوله:" نحن كفنانين متمسكين بحق العودة لفلسطين كل فلسطين، بكل الطاقات والأساليب ستكون حرة عربية".

تمام الخامسة عصرًا اسدلت لافتة كبيرة تضمنت كلمتين "حلم شهيد" يقابلها صورة لمحمد يبتسم ابتسامة عريضة، وكأن الشمس لتوها أشرقت على بحر غزة!

وصل والد محمد، كنا على يقين بأن لقاءنا الثاني به سيكون مختلفًا، بان ذلك على وجهه، خذلته عيناه فبكى أمام عدسات المصورين، كانت غصة قلبه واضحة، كان الحلم ولم يكن محمد!

قال كما لم يقل من قبل بهذه الفرحة والحسرة معًا: "هذا الحلم الذي كان يراود ابني قبل استشهاده بعشرة أيام".

اعتدل أكثر في وقفته وكأنها هيبة الرسائل لمن فقدناهم فاتخذهم الله من الشهداء:" أقول له يا محمد هذه الخريطة التي كنت تحلم بها، قد تحققت يا ولدي على أيدي أصدقائك، هذا حلمك وهذا فكرك، هذه الخريطة التي كنت تود أن تنحتها بيدك ها هي الآن بجواري".

لم يتوقف عن رسالته، كانت الحروف تخرج وكأنه يرسلها لابنه المسافر، كان على يقين بأنه يسمعه:" يا محمد أدرك أن صوتي سيصلك، كما الخريطة ستصل روحك الطاهرة، نحن مرتاحون جدا لتحقيق حلمك الكبير، نم قرير العين".

ابتسامة محمد، المستقرة على اللافتة المعلقة أمام منحوتة الخريطة الرملية، تدفعك للتساؤل قبل أن تغادر الشاطئ:" لماذا يمتلك الشهداء ابتسامة جميلة، حسنًا لديك إجابة واحدة:" لأنهم يتركوها لنا لتقوينا وتقوينا، ونكمل بها أحلامهم وأحلامنا".

اخبار ذات صلة