قائد الطوفان قائد الطوفان

ارتفعت وتيرته مؤخرا

اللهث العربي وراء التطبيع.. مصالح وهمية ومقدمة لصفقة القرن!

الرسالة نت - محمد عطا الله

يبدو أن ثمة تسارع ولهث عربي خلف سراب التطبيع مع الاحتلال يُقصد من ورائه إحداث تغير تكويني في سياسات الشرق الأوسط؛ وصولا لتطبيع تاريخي للعلاقات بين (إسرائيل) والعديد من الدول العربية الرئيسية.

علامة ذلك الجنين المشوه بدأت تتضح بعد أن حلّقت أول طائرة تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية في المجالين الجوي السعودي والعماني في طريقها من الهند إلى مطار بن غوريون في (إسرائيل)؛ حيث يختصر المسار الجديد ساعتين من وقت الرحلة، فيما يختصر آلاف الأميال نحو تطبيع العلاقة مع الاحتلال.

ومن الجو إلى البر يتسارع الركض ويزداد التودد؛ ليخرج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كـ"الحمل الوديع" باعتراف سعودي رسمي بما وصفه الرجل بـ"حق الإسرائيليين في أن تكون لهم دولة".

تصريحات بن سلمان لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، تلك فضحت الوجهة التي تسعى الرياض في الوصول إليها بالعلاقة مع (إسرائيل) سعيا منها لرفع الحرج العربي الذي سببه تعثر الوصول لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية.

ويمكن القول إن التقارب بين المصالح الإسرائيلية والعربية ليس ظاهرة جديدة، فقد بدأ التطبيع بين العرب و(إسرائيل) من مصر التي وقع رئيسها أنور السادات عام 1978 في كامب ديفد اتفاقا للسلام المنفرد، وبقيت الأنظمة والشعوب العربية خارج نطاق هذا السلام إلى حين قدوم موجة التطبيع الثانية عام 1991 بعد انطلاق مفاوضات السلام العربية-الإسرائيلية إثر مؤتمر مدريد.

كل ما سبق يأتي خشية "البعبع" المسمى الخطر الإيراني والخشية من امتداده وتهديده الحقيقي لعروش بعض الأنظمة التي باتت صواريخ الحوثيين تهزها، بين الحين والآخر، وهو ما يدفع للهث خلف التطبيع والتودد لـ(إسرائيل) كمقدمة لكسب رضى الإدارة الأمريكية التي ترعى الكيان العبري بشكل معلن.

الخشية الايرانية

ويعد التطبيع محاولة من بعض الدول العربية وخاصة الخليجية لمواجهة "العداء الإيراني"، والذي تعتبره تلك الدول أخطر عليها بكثير مع الاحتلال "الإسرائيلي" وفق ما يرى الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن.

ويؤكد محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن تلك الدول ترى أن العنوان الرئيسي لرفع حرج التطبيع عنها هو القضية الفلسطينية التي تُخجل هذه الزعامات، لذلك كل المساعي ترمي لتهيئة المناخ العربي بشكل واسع لتكون (إسرائيل) دولة عادية يمكن التعاون معها واللقاء على قواسم مشتركة.

ويشير إلى أن صفقة القرن جاءت متماشية مع الأنظمة التي سرعان ما تلقفتها وتسعى بكل جد لتطبيقها على أرض الواقع؛ لكسب الرضى الأمريكي الذي تعده حصنا لها من الخطر الإيراني.

ويلفت محيسن إلى أن سير الأنظمة بهذا الاتجاه ليس سهلاً، متوقعا أن تبقى القضية الفلسطينية تراوح مكانها دون حل سياسي.

مقاولة شرسة

ويعتقد الكاتب والخبير في الشأن الدولي حبيب راشدين أن المستجدات العربية الراكضة وراء التطبيع مع الاحتلال تكشف تورُّط السعودية على أعلى مستوى في المقاولة الشرسة لمشروع "صفقة القرن" مثلها مثل مصر والأردن.

ويوضح راشدين في مقال له، أن الفريق العربي المقاول لاعترافٍ عربي مستعجِل بالكيان الصهيوني، ولتطبيع كامل معه يسبق التسوية السياسية، قد ازداد قوة وجرأة بعد انتكاسات الربيع العربي، وبروز تقاربٍ سعودي صهيوني متنامٍ، وانخراط مصر السيسي والأردن في مشاريع تعاون اقتصادي سياسي وأمني واسع مع الكيان.

ويشدد أن القادر على إحباط هذه المؤامرة هي المقاومة الشعبية الفلسطينية؛ بتحويل "مسيرات العودة" إلى انتفاضة فلسطينية جديدة مفتوحة تُسقط جميع المرجعيات التي سيقت إليها القيادات الفلسطينية من قبل، بدءا بالعودة إلى خيار "تحرير الأرض كل الأرض" والنضال لقيام دولةٍ فلسطينية على كامل ربوع فلسطين التاريخية، يمكن البحثُ داخلها عن تعايش ممكن بين الفلسطينيين واليهود وفق مبدأ المواطنة وأحكامها.

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن الفلسطينيين وحدهم القادرون على قلب الطاولة على الاحتلال ومطبعيه الذين خذلوا القضية الفلسطينية في أحلك ظروفها.

البث المباشر