قائمة الموقع

تحليل: تشديد العقوبات بوابة الانفصال الكامل بين غزة والضفة

2018-04-14T13:37:54+03:00
الرسالة -لميس الهمص

يدفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قطاع غزة باتجاه الانفصال عن الضفة الغربية عبر العقوبات المستمرة التي يفرضها عليه منذ عام كامل، والتي ازدادت حدتها بعدم صرف رواتب موظفي السلطة في غزة حتى كتابة هذه السطور وتضارب التصريحات بشأنها.

لغة التهديد التي يتعامل بها أبو مازن مع القطاع لا تبشر بالخير، حيث يرى مراقبون أن الأمور متجهة نحو المزيد من إجراءات التضييق قد تطال الكهرباء والدواء وكل ما يربط السلطة بالقطاع.

وكشفت مصادر مطلعة لـ (الجزيرة)، أن الرئيس عباس منح حركة حماس مهلة ستين يوماً لتنفيذ المطالب أو مواجهة إجراءات تشمل قطع إمدادات الطاقة، ورواتب الموظفين، والتعامل مع غزة على أنه إقليم متمرد.

وتضمنت المطالب ضرورة تمكين حكومة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله من مفاصل قطاع غزة، مع رسالة تهديد ضمنية حمّلها عباس لوفد مصري، تشتمل على إجراءات، تفرضها السلطة الفلسطينية على حماس إذا لم تنفذ المطالب.

لكن الجانب المصري، حسب (الجزيرة نت) تحفظ على المطالب ورسالة التهديد، وثمن تعاون حركة حماس مع القاهرة، ولا سيما فيما يتعلق بالتسهيلات التي طلبتها السلطة الفلسطينية من حماس منذ استهداف موكب الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، لتأكيد براءة الحركة، وعناصرها من محاولة اغتيال الحمد الله.

موقف متوازن

وعلمت "الرسالة" من مصدر مطلع في حركة حماس، أن القاهرة وجهت دعوة لحركته بعد لقاء القائم بأعمال جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل برئيس السلطة، مشيراً إلى أن هناك مخاوف لدى الحركة من ممارسة ضغوط ضد الحراك الشعبي، لذا تفضل التريث.

ويؤكد المصدر أن الدعوة لا تزال قائمة وقيد الدراسة، معتبرا أن الخشية تكمن في أن مصر قد تستخدم الضغط على الطرف الأضعف في المعادلة.

وعلى عكس ما كان متوقعا اعتبر الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة أن الحراك السياسي المرتبط بمسيرة العودة عمق أزمة المصالحة بدلا من السير للأمام بها بعد الحراك الذي شمل جميع أطياف الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن السلطة اعتبرت أن ما يجري في غزة يستهدفها كما يستهدف الاحتلال.

وبحسب عفيفة فإن تصريحات السلطة تؤكد أنهم أصبحوا جزءا من المعركة على غزة، رغم الضغوط المصرية بتأخير العقوبات التي ستساهم في احتواء الوضع على الحدود.

من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور تيسير محيسن أن مصر حتى اللحظة تحافظ على موقف متوازن ما بين الضغط على حماس لتلبية شروط أبو مازن بوسائل دبلوماسية وفي المقابل لا تستطيع أن تتحلل من أن يبقى أبو مازن مصدر الشرعية ومتمسكة به على رأس السلطة.

ولفت إلى أن مصر حاولت أن تتواصل مع حماس لكن الحركة فهمت الرسالة، ولم تستجب للدعوة، وفق قوله، موضحاً أن أمام حماس الخيار العملي الحاضر حالياً المتمثل بمسيرة العودة وصولاً لــ15مايو المقبل.

وبدأت الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بحق غزة في الرابع من إبريل/ نيسان 2017 الماضي، إذ أقدمت الحكومة على اقتطاع 30% من رواتب الموظفين، بالإضافة إلى التوقف عن دفع فاتورة الكهرباء الواردة للقطاع عبر الخطوط الإسرائيلية وتقليص التحويلات الطبية الخارجية.

خيارات قائمة

في المقابل تنصب خيارات حماس في التعامل مع الوضع الراهن كما يرى عفيفة أن المضي في مسيرات العودة الخيار الأفضل والأسلم في ظل الضغوط، وهو ما يمكن أن ينجم عنه حراك سياسي يفيد القطاع.

ويشير إلى أن نتائج الحراك هي من تتكفل بتحريك الوضع في ظل تجاهل اتفاق المصالحة والتعامل بسياسة "أشيل أو بشيل".

ويوافقه الرأي محيسن الذي لفت إلى أن خيارات حماس ألا يفقد الحراك الشعبي طبيعته الوحدوية والمشاركة الواسعة من كل فئات الطيف في ظل محاولات افقاد الحراك الشكل الجمعي، مبينا أن الاستمرار هو خيار حماس مع البحث عن بدائل بالتواصل مع مصر للمساهمة في تخفيف الأزمة الحياتية.

ويرى أن أمام حماس فرصة لأن تطرح مشروع سياسي على الأطراف باستعدادها صنع هدنة طويلة الأمد في المقابل أن تمنح غزة كل إمكانيات الحياة المطلوبة، خاصة وأن ذلك مطلب أساسي للمجتمع الدولي والإسرائيلي.

وبحسب محيسن فإن ما يطلبه أبو مازن لا يمكن لغزة ولا لحماس أن تدفعه، لذا عليها اللجوء لخيارات أخرى والمحافظة على ما أنجزته.

ويرى عفيفة أن شبح الانفصال يخيم، والعقوبات تعتبر أحد الإجراءات الانفصالية، مبينا أن التصريحات الدولية باتت تتحدث عن غزة لوحدها ما يعني أن المشهد الإقليمي والدولي يدفع باتجاه الانفصال كذلك.

ويعتقد ان المحاذير تتعلق فقط بمصر التي تخشى أن يكون الانفصال على حسابها، لذا تحتاج لضمانات دولية في هذا الاتجاه.

انفصال تام

وفي السياق ذاته، علمت "الرسالة" أن قيادة فتح في قطاع غزة تستعد لتقديم استقالاتها بشكل جماعي، وهو ما يعني أن فتح كذلك ستعاني من ويلات الانفصال وستقتصر على غزة بعيدا عن التنظيم الأم، خاصة وإنها بالأساس تعاني من حضور ضعيف في اجتماعات الحركة في الضفة.  

ويقول عفيفة: "إن حماس ستحرص أن تعمم تجربة مسيرات العودة والحالة التشاركية فيها"، موضحا أن ذلك سيثمر إذ لم يعد لدى الفصائل ما تخسره وأصر أبو مازن على عقد المجلس الوطني وحيداً وتنكر كذلك لفصائل المنظمة، وبالتالي لن يعود خيار أمامها إلا الشراكة في غزة.

بدوره توقع محيسن قطيعة كاملة لكل ما يربط السلطة بقطاع غزة والعنوان الرئيسي هو الرواتب، صولا لفاتورة الكهرباء والدواء، وهو ما يعني أن القطاع سيصبح عمليا كيانا مستقلا معتمدا على نفسه، لذا عليه أن يشرع في نحت معالم العلاقات مع الآخرين وخاصة الاحتلال.

ولفت إلى أن الرؤية السابقة تحتاج وسيطا قد يكون مصر إن كانت مقتنعة بالطرح.

 

اخبار ذات صلة