قائمة الموقع

بأشتال البامية.. الفلاحة "أم صابر" تحيي مسيرات العودة

2018-04-15T16:24:37+03:00
dcf5e39511967fe95aec705609b8cb9e
غزة-إسماعيل الغول

على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وبينما يحاول الاحتلال الإسرائيلي تفرقة متظاهري مسيرات العودة بإلقائه قنابل الغاز، تلفت انتباهك فلاحة فلسطينية تحرث أرضها برفقة أبنائها دون أن تعير انتشار الغاز المسيل للدموع أدنى اهتمام، مواصلة غرس الأشتال في الأرض كرسالة تحدي للاحتلال وتمسك بالأرض.

انهماك الفلاحة "أم صابر جودة" بالزراعة وغرس الأشتال بهمة كبيرة لفت "مراسل الرسالة" فاقترب منها لمعرفة حكايتها، فاستهلت حديثها: "الاحتلال بيعتدي على زراعتي دايمًا، لكن مستحيل أيأس".

الخمسينية "جودة" رأت أن مسيرات العودة فرصة لتثبت للاحتلال حقها في الأرض، وأن انتهاكاته المستمرة واعتداءاته على مزروعاتها لم تزدها إلا إصرارًا على التمسك بالأرض.

بزراعة أشتال الباميا تحيي الفلاحة "أم صابر" أرضها التي ورثتها أبَّا عن جد، وهي الواقعة شرق الشجاعية على مقربة من السياج الفاصل بجانب خيام العودة.

وفيما بدت ملامح الشقاء تغطي وجه الفلاحة "جودة"، راحت تحكي لـ "الرسالة" وهي تكمل حراثة الأرض: "هيه كثير كثير يا ابني خربلنا الاحتلال زراعة وكثير جرف الارض وكثير حرقها وكل مرة كنا نجيب كبشات ونعيد تهيئتها ونزرعها وما نيأس من اعتدات الاحتلال"، مجيبة بذلك على سؤال مراسل الرسالة "هل يعتدي جنود الاحتلال على أرضك؟".

وتكمل "جودة" عن فصول تحدي الاحتلال بقولها إنها تعاني كثيرًا لتحافظ على أرضها، وتتابع قولها والعرق يتصبب على وجهها: " كل يوم من ساعات الفجر يطلق نيرانه علينا ونختبئ منه وبنرجع نكمل فلاحتنا ويعود لإطلاق نيرانه علينا، لكن نبقى صامدين بأرضنا "ما فشروا يطردونا"، وفق تعبيرها.

وتصطحب "جودة" أبناءها كل يوم إلى الحدود الشرقية من أجل مساعدتها بزراعة الاشجار، لكن اللافت كان استمرار بنتها العشرينية بالحراثة معها وهي تحاول أن تتوارى عن كاميرات الصحفيين التي توثق حجم المعاناة في وجهها بسبب استنشاقها كمية كبيرة من غاز الاحتلال.

إلى حرب 2014 عادت "أم صابر" بذاكرتها حين سكن القهر قلبها، تقول: "بسبب الفسفور الأبيض بطلنا نستفيد من الأرض".

جفاف المزروعات في أرض "جودة" زادها تمسكًا بها وإصرارًا وتحديًا للاحتلال، تدرك ذلك حين تقول: "لا أخاف من صواريخهم ورصاصهم وكلما سمعت باستشهاد فلاح أتمسك بأرضي أكثر ويزيد الصمود في قلبي".

غصة أصابت قلب الفلاحة الخمسينية حين دمر الاحتلال أشجار الزيتون وبئر الماء الذي حفرته على ذات البقعة التي قابلتها "الرسالة" بها، "أشعر بانكسار على كل غصن من غصون أشجار الزيتون"، تضيف.

وبلغة تحدي للاحتلال، تحكي "جودة": "كل فلاح بيستشهد بيجي غيره يزرع ويقلع بهالأرض (..) مستحيل توقف ايدينا عن الحراثة".

وعلى بعد مئات الأمتار من السلك الحدودي الزائل، وبالمقربة من معبر "كارني" شرق قطاع غزة، وقفت الفلاحة لتقول "سنحارب الاحتلال حتى آخر يوم بعمرنا، وأنا وبنتي بالحرب الاخيرة كنا نكمل زراعتنا وصواريخ الاحتلال فوق روسنا".

وصية زوجها لم تزل في ذاكرتها راسخة، تستعاد إلى ذاكرتها كلما غرست منجلها في الأرض حيث كان يردد عليها دائمًا: "ابقي صامدة في الأرض واوعك تستسلمي".

اخبار ذات صلة