قائد الطوفان قائد الطوفان

في خيام العودة.. "عمو علوش" يسرد للأطفال قصص "البلاد"

الرسالة نت - ياسمين عنبر

"ناموا يا جيراننا على ضي نيراننا.. كانت عيلة فقيرة بتبات في الخلا، بجانبهم بيت رجل شهم وزقرد زي سيدكم ولما كان ييجي الليل كانوا يخافوا من العتمة" لم يقطع الحاجة "أم صبحي أبو زعيتر" التي تتكئ على خيمة الفالوجا عن إكمال الحكاية لأحفادها إلا رؤيتهم للمهرج وركضهم حوله.

على الحدود الشرقية يرتدي "علاء مقداد" (34 عامًا) زي المهرج الملون، ويقفز من خيمة إلى خيمة يجمع الأطفال الذين رافقوا آباءهم وأجدادهم ناثرًا الفرح في المكان وساردًا لهم قصص القرى الفلسطينية وأيام البلاد.

"عمو علوش" هو لقب اشتهر به "مقداد" بين الأطفال منذ سنوات، فهو اعتاد على أن يخرج عصر كل جمعة ليتنقل بين أزقة المخيم مداعبًا لهم.

"من أزقة المخيم إلى خيام العودة" يحكي "عمو علوش" لـ "الرسالة" بعد أن جمع الأطفال حوله ليسألهم عن قراهم التي هجر أجدادهم منها ويحدثهم عن جمال البلاد التي يقاتل الفلسطينيون للعودة إليها، ويكمل: "كي لا ينسى الصغار حين يموت الكبار".

بدا حضور "عمو علوش" ملفِتًا في خيام العودة، تلاحظه حين ترى عدد الأطفال الذين يتجمعون حوله، ومناداتهم لبعضهم بفرح وضحك.

برسم ألوان زاهية على وجهه وارتدائه الباروكة الملونة يجذب "مقداد" إليه الأطفال، "نذرت نفسي ووقتي للترفيه عن الأطفال ورسم البسمة على شفاههم" يقول.

يدرك المهرج "علوش" حالة الأطفال النفسية في قطاع غزة، في ظل الحصار الذي يعصف ببراءتهم وحرمانهم من أقل حقوقهم، حيث إن الطفل الذي عمره لا يتعدى عشر سنوات قد عاش ثلاثة حروب "أتيت إلى الحدود كي أبدد الخوف في قلوب الأطفال وأزرع حب البلاد المحتلة في نفوسهم" يحكي وهو يعدِّل الطابة الحمراء على أنفه.

أثناء ركض "عمو علوش" بين خيام العودة حيث كان يجري والأطفال من خيمة قرية إلى أخرى، جلست "مراسلة الرسالة" بجانب الحاجة "أبو زعيتر" كي تكمل لها الحكاية الشعبية "ضي جيراننا".

لم تفتأ الحاجة "أم صبحي " تضحك وهي تراقب أحفادها يركضون ويمرحون وراء المهرج "مقداد" متكئة على خيمة علقت عليها صور الفالوجا، ثم راحت تكمل حكايتها.

"من عادة الرجل الشهم أن يشعل النار ليلًا كل يوم، وفي يوم من الأيام حس انه جيرانه خايفين من العتمة، فدفعته شهامته زيادة الحطب حتى تنور على جيرانه أكتر وبهيك بيدخل الأنس على  قلوبهم" تروي الحاجة.

في هذه الأثناء كان "عمو علوش" قد جمع أطفالًا من قرى ومدن فلسطينية مختلفة، وراح يسأل كل واحد ماذا يعرف عن قريته، يتابع: "أكثر شيء مؤلم حين يسألني الأطفال متى سنعود فيلجم لساني ولكني على يقين أن العودة قريبًا".

لم يكن اللعب على الحدود أول الأنشطة التي يشارك بها "علاء مقداد" الأطفال والمرح معهم، ففي عام 1999 كان بداية الانطلاق له، حين قرر أن يستغل انجذاب الأطفال السلبي نحوه كونه من "قصار القامة" وتحويله إلى نظرةٍ إيجابية ليصبح شخصية محببة لديهم بعيدًا عن السخرية.

كمهرج للأطفال ضمن فريق مكون من عشرة أشخاص بدأ "مقداد" مشواره، حيث كان يحيي عديدًا من الأنشطة الترفيهية للمؤسسات والمدارس ورياض الأطفال، حتى حظي بشعبية كبيرة بين الأطفال.

"جمعة فرح" عنوان مبادرة بدأ بها "مقداد" قبل فترة، حيث يخرج في حارات غزة عصر كل جمعة، يختم حديثه: "اليوم في غزة وكلنا أمل أن غدً في حمامة ويافا وحيفا والفالوجا والمسمية" متمنيًا أن يشارك في احتفالات التحرير وأعراس العودة.

البث المباشر