يقترب رئيس السلطة محمود عباس من تقسيم أهم وأكبر مؤسسة فلسطينية "منظمة التحرير" بعدما عمل طوال 13 عاماً من حكمه على تقسيم كل شيء وطني، ما بين تقسيم غزة عن الضفة وتقسيم السلطة الفلسطينية وشق صفوف حركة فتح.
في الثلاثين من أبريل يعقد عباس المجلس الوطني للمنظمة بعيداً عن التوافق ويفرض سطوته أكثر على المنظمة التي فرغت من مضمونها وباتت ديكور يستدعيه وقت الحاجة.
والأهم أنه يسعى من خلال اجتماع الوطني لتحقيق عدة أهداف من المتوقع ان تكون نتائجها كارثية على الواقع الفلسطيني، بدءًا من التوقعات بحل المجلس التشريعي وإعلان المجلس الوطني بديلا عنه وليس انتهاءً بإعلان غزة إقليم متمرد بحسب التسريبات التي خرجت خلال الفترة القادمة، خاصة أن المرحلة الحالية شهدت إجراءات غير مسبوقة من الرئيس الذي لم يعد يضع أي خطوط حمراء على الصعيد الوطني والإنساني.
ولا تخجل حركة فتح المسيطرة على المنظمة والسلطة من اجراء تعيينات بشكل فج لأعضاء المجلس بدلاً عن المتوفين والمتغيبين بصورة تعكس حالة السطو التي تجري علانية على الشرعية الفلسطينية.
وقد جرى استبدال 80 اسما من أصل 700 أعضاء المجلس الذين توفوا، بأسماء جرى التوافق عليها عبر المعارف والعلاقات الشخصية، ما يؤكد الوطني لم يعد ممثلاً حقيقياً للشعب الفلسطيني، كونه يغلب على اختيار أعضاء "المصالح الشخصية والحزبية" بتركيبته الحالية، بعدما فقد قيمته الوطنية.
وكان الدكتور فوزي إسماعيل المنسق العام لاتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا، كشف عن محاولات فتحاوية لتعيين ممثلين منها في أمريكا وأوروبا لعضوية المجلس الوطني، ضمن مساعيها لتعيين شخصيات بديلة عن تلك التي توفيت من أعضاء "الوطني" وعددهم سبعون شخصًا.
وقال إسماعيل في حديث خاص بـ"الرسالة نت " من إيطاليا، إن هناك اتصالات أجريت مع شخصيات محسوبة على فتح من أجل تعيينها في شواغر المجلس الوطني، بدون تحديد أي معايير حول عملية التعيين التي تتم من لون واحد وصبغة سياسية واحدة.
وأكدّ إسماعيل رفض الاتحاد لخطوة انعقاد المجلس الوطني في مدينة رام الله كما هو مقرر نهاية الشهر الجاري، مشيرا إلى أن عقده بهذه الطريقة مخالف للأسس والشرائع التي قامت عليها منظمة التحرير، مشددًا على أن الاتحادات تتعامل إيجابيا مع نتائج المجلس الوطني.
ومن أبرز الأثار الكارثية من عقد الوطني هو زيادة نفوذ عباس الذي يرفض مشاركة أي من الفصائل القوية ذات الحضور الشعبي في المنظمة للحفاظ على سلطاته حيث بات يتمتع بسلطات استثنائية في ظل الانقسام، بسبب غياب المجلس التشريعي، ما أدى إلى تركيز السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في يده.
الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري أكد أن "فتح" تخشى من أن انخراط "حماس" و"الجهاد" سينهي قيادتها وهيمنتها على المنظمة التي استمرت منذ عشرات السنين منذ دخول الفصائل إلى المنظمة في العام 1969 وحتى الآن.
ويرى المصري أنه لا بد من التحذير من اللجوء إلى استبدال الأعضاء من ممثلي التنظيمات والاتحادات الشعبية والعسكر، أو عند اختيار أعضاء بدل المتوفين المستقلين من المقيمين في الضفة، أو الذين يستطيعون الحصول على تصاريح من الاحتلال واستثناء الآخرين؛ لأن هذا سيجعل المجلس الوطني مجلسًا ممثلًا للضفة ومن يستطيع الوصول إليها، وهذا يضرب في الصميم شرعيته التمثيلية بوصف المنظمة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.