تُرى هل لازمته ارتعاشة اليدين وهو يحفر اسمي؟ أم أن ابتسامته لم تفارقه كعادته وهو يعد سلطة الأفوكادو التي أحب؟ أم كان يعلم أن حبه محفور في ذاكرتي ودعائي له لا ينقطع؟
حالة التأمل التي عاشتها "منى" تلك اللحظة، وحجم الأسئلة التي انهالت عليها دون إجابة، ولهفة القلب لذاك البسّام البعيد هناك لحظة وصول بذرة ثمرة أفوكادو حُفر عليها اسمها!
شوكولاتة مُرة وصلتها كذلك من معتقل "ايشل" حيث يُغيب زوجها الأسير بسام السايح، والتي اعتادت أن تتذوقها حلوة المذاق لأن زوجها يحتسي القهوة معها.
تدرك معنى الزجاج الفاصل، وسماعة الهاتف، تدرك معنى صورة تذكارية تود لو التقطتها مع بسام، فهي منى سايح أسيرة محررة كذلك!
تقول: "تم ايصال هذه الهدايا عن طريق أسير تحرر من السجن من عدة أيام" وأضافت: "بذرة الأفوكادو نُقش عليها اسمي وأرسلها مع رسالة وهدايا أخرى وحلويات وشوكولاتة سوداء لطالما رافقت فنجان قهوتنا اليومي".
منى التي أعادتها ثمرة الأفوكادو لجلسة محاكمتها في محكمة سالم العسكرية أغسطس من عام 2015، والتي حضرها زوجها، فاعتقل لحظتها هو الآخر، وتم نقله لمستشفى سجن الرملة لخطورة حالته الصحية!
العام الثالث لبسام في سجون الاحتلال، لم يشفع له خلالها سرطان الدم والعظام الذي استوطن جسده، ولا أوجاع القلب والكبد التي استقوت عليه كما جنود الاحتلال في المعتقل! أنين بسام لم يصل منى في يوم الأسير الفلسطيني، بل وصلتها منه هدية، ووصله هو تجديد عهد وميثاق من منى لإكمال مشوار الصبر والثبات برضى وحسن ظن في الله بان الفرج قريب وفق حديث منى "للرسالة". صاحب الابتسامة بسام الذي كان له من اسمه كل النصيب، شحن منى بشحنة جديدة من الصبر في يومه، حيث تقول:" البذرة لها قيمة كبيرة جدا في قلبي، فكيف إذا كانت حفرًا ونقشًا من بين يدي أحب الناس لقلبي؟"
تلك البذرة تؤكد منى أنها ستكبر وتزهر أملًا في حياتها، لتصل عتمة السجن لرفيق دربها بسام الذي غيبته تجربة الأسر قسرًا عن ممارسة الصحافة التي أتمها في المرحلة الجامعية، ودراسات عليا أخرى تخصص من خلالها في التخطيط والتنمية السياسية.
انتهى يوم الأسير، وبقي "بسام" يحفر اسم "منى" تارة على الجدران وأخرى على الثمار، أما هي فحفرت حبه في قلبها حتى حرية ووطن واحد يجمعهما دون زجاج وسماعة هاتف!