تحليل: تفويض الكنيست لنتنياهو وليبرمان يُسرع الحرب

صورة
صورة

غزة-محمود فودة

زادت مصادقة الكنيست (الإسرائيلي) قبل أيام على مشروع قانون تقدم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يمنحه سلطة إعلان الحرب بعد الحصول على موافقة وزير الحرب فقط من سخونة الأجواء في المنطقة، خصوصا على جبهتي غزة وإيران.

وفي تفاصيل المصادقة فإنه تمت الموافقة في القراءتين الثانية والثالثة على مشروع القانون، ما يعني أن القانون أصبح نافذا، فيما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن نتنياهو بات لا يحتاج إلى موافقة المجلس الوزاري المصغر ولا الحكومة لإعلان الحرب، وذلك بعدما أيد 62 عضوًا في "الكنيست" القانون، مقابل معارضة 41 آخرين.

وينص مشروع القانون الجديد على أنه "في الظروف الاستثنائية، وحالات الطوارئ، التي لا يمكن فيها عقد اجتماع بمشاركة كل أعضاء المجلس الوزاري المصغّر، يُسمح لرئيس الحكومة ووزير الجيش باتخاذ قرارات لشن حرب".

وزعم المبادرون لمشروع القانون عدم وجود علاقة مباشرة بين موعد اقراره والتوتر الأمني الذي نشأ مؤخرا ضد إيران، فيما لاقى مشروع القانون معارضة من قبل عدد من النواب الإسرائيليين الذين اعتبروا أن صيغته "تسمح لنتنياهو بإقصاء الوزراء المعارضين للحرب، والتصويت عليها في غيابهم".

من جانبها، رأت النائب العربية في "الكنيست" عايدة توما أن مشروع القانون "يسمح لزعيمين فقط أن يورطا الشعوب في المنطقة في حرب"، وقالت توما في تصريحات لوكالة "قدس برس"، "هذه الحكومة الدموية تحضر لحرب إقليمية"، مبينة أن الكنيست صادق منتصف الأسبوع على مجموعة قوانين عنصرية جديدة.

يشار إلى أن الكنيست الحالي سنّ حتى اليوم أكثر من 26 قانونا عنصريا، بينهم ما يقارب 15 قانونًا يشرّع ويثبت بشكل مباشر أو غير مباشر، سياسات الاحتلال وتوسع المستوطنات، ونهب الأراضي الفلسطينية وضم مناطق محتلّة.

ومما يبعث على القلق لدى المتابعين للشأن (الإسرائيلي) أن اجتهاد نتنياهو في الأونة الأخيرة لتصدر الموقف الدولي في مواجهة إيران، قد يدفعه إلى اتخاذ قرار بالحرب في المرحلة المقبلة، في ظل الارتباك الحاصل في التعامل مع غزة التي تشهد مسيرات العودة على الحدود الشرقية منذ أكثر من شهر، فيما تصل ذروتها في 15 مايو المقبل.

وفي التعقيب على ذلك، قال أحمد رفيق عوض المختص في الشأن (الإسرائيلي) إن مصادقة الكنيست على مشروع القانون يسهل على المتطرفَيْن نتنياهو وليبرمان اتخاذ قرار الحرب، ويشكل جزءًا من الحرب النفسية التي تخوضها (إسرائيل) ضد أعدائها في المنطقة كإيران والمقاومة بغزة، وحزب الله في لبنان.

وأضاف في اتصال هاتفي مع "الرسالة" القانون يعزز فكرة الحرب، ويمثّل تهديدا لكافة الأطراف المحيطة بدولة الاحتلال، ويشكل رسالة بالغة الرداءة والعنصرية من المجتمع (الإسرائيلي) للعالم بأسره، بأن قرار الحرب قد يتخذه في أي لحظة شخصان متطرفان من حزبي الليكود وإسرائيل بيتنا.

وأشار إلى أن القرار خطير جدا على (إسرائيل) قبل أعدائها، لأنه يرفع نسبة المغامرة المميتة في حال دخول حرب مع عدة أطراف في آن واحد في الجبهات الشمالية والجنوبية، كما أنه قد يؤدي لتوريط إسرائيل في حرب حتى دون أخذ رأي قيادة هيئة أركان جيش الاحتلال، أو المستوى الأمني الذي يتابع الجبهات والساحات الخارجية أكثر من نتنياهو وليبرمان.

فيما قلل المختص في الشأن (الإسرائيلي) عمر جعارة من أهمية القرار، معتبرا أنه قرار شكلي، لن يؤثر كثيرا على المشهد (الإسرائيلي)، في ظل سيطرة نتنياهو على المجلس الوزاري المصغر "الكابينت"، إذ أنه لا يتغلب في أخذ موافقتهم على اتخاذ القرارات، خصوصا أن صوته هو الحاسم في حال انقسم الكابينت حول أي قرار، حيث أن عدد أعضائه يبلغ سبعة بما فيهم نتنياهو.

وحول ارتباط المصادقة على القانون بتزايد الصراع الإسرائيلي الإيراني، قال الدكتور جعارة في حديث لـ "الرسالة" قرار الحرب والسلم في الشرق الأوسط ليس بيد أي قائد عربي أو حتى (إسرائيلي)، بل في يد الولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض هيمنتها على المنطقة بشكل كامل، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن (إسرائيل) يمكن ان تتخذ قرارا بالحرب ضد إيران في حال حصلت على الموافقة الأمريكية كما حصل عندما تم قصف المفاعل النووي العراقي.

وفي نهاية المطاف، تبقى الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن توجه قيادة الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة إيران من جهة، والتعامل مع التطورات الميدانية على حدود غزة من جهة أخرى.

البث المباشر