مايو 2018 ليس كغيره من الأشهر، لذا سنخصص له ثلاث مقالات نبحث في كل منها أحد السيناريوهات المتوقعة للشهر الحالي وما بعده.
ففي بداية مايو الحالي انعقد مؤتمر في رام الله بإرادة فردية من رئيس السلطة وشكلت بموجبه لجنة تنفيذية ومجلس مركزي وصدر بيان سياسي، القوى الرئيسة لم تعترف به وبمخرجاته باستثناء حركة فتح/أبو مازن وفصائل صغيرة.
وبالأمس السادس من مايو انطلقت الانتخابات اللبنانية والتي ستؤثر نتائجها على المشهد السياسي والأمني اللبناني داخليا وخارجيا في ظل التوتر المتصاعد على الحدود الشمالية (اللبنانية والسورية) مع الاحتلال ودخول العامل الإيراني بقوة على خط التوتر. وفي 12 مايو سيقرر ترمب مستقبل الاتفاق النووي مع إيران وسيكون لقراره تداعيات إقليمية ودولية. وقبيل ذكرى النكبة السبعين قرر ترمب نقل سفارة بلاده إلى القدس في 14 مايو واحتمالية قيامه شخصيا بتدشين السفارة خلال زيارته المتوقعة لدولة الاحتلال، وبناء عليه قرر القائمون على مسيرة العودة الكبرى اعتبار يومي 14،15 مايو ذروة الاحتشاد والمسيرات في مخيمات العودة شرق قطاع غزة وبالقرب من السياج الفاصل مع الأراضي الفلسطينية لعام 1948 مع إمكانية تمدد الحراك الشعبي للضفة الغربية وداخل الأراضي الفلسطينية عام 48 إضافة للشتات الفلسطيني لا سيما في دول "الطوق" مع فلسطين...
التحذيرات الصهيونية من أحداث مايو وما بعد مايو تؤكد خشية أوساط العدو من تطورات الموقف في الشهر الحالي وتدرس كل السيناريوهات المحتملة وكيفية التعامل معها.
رغم صعوبة طرح مسارات متوقعة لأكثر من متغير في نفس الوقت إلا ان الأحداث الجارية تتقاطع في زوايا مختلفة خاصة أن الاحتلال أحد الفاعلين المؤثرين في أغلب الأحداث.
سنحاول إجراء عملية تحليل وتفكيك وتركيب للمتغيرات الهامة في شهر مايو الحالي وتوقع مسار الأحداث من خلال ثلاثة سيناريوهات هي التهدئة، التصعيد والانفجار. أولا: سيناريو التهدئة، في حال لم ينسحب ترمب من الاتفاق النووي نتيجة الموقف الأوروبي المعارض للانسحاب أو اقتنعت إيران بأن رفضها إعادة التفاوض على الاتفاق سيجلب عليها حربا ضروسا قد تؤدي إلى القضاء على ترسانتها العسكرية وربما إسقاط النظام لاحقا وبالتالي تقبل إعادة التفاوض وتراهن على عامل الزمن والمراوغة التي يجيدها النظام إلى حين تغير الإدارة الأمريكية الحالية، وفي نفس الوقت تجري إيران إعادة تموضع في سوريا وتفعل الوساطة الروسية مع الاحتلال لإيجاد صيغة مقبولة للطرفين الإيراني والصهيوني تكبح عوامل التصعيد والمواجهة العسكرية بعد سلسلة الإستهداف الصهيوني لمواقع عسكرية إيرانية في سوريا، وفي ملف نقل السفارة الأمريكية للقدس فإن سيناريو التهدئة يفترض إما تأجيل نقل السفارة أو على الأقل تقديم عرض سياسي مقبول من السلطة الفلسطينية قبل تنفيذ القرار مما يحدث شرخا في الإجماع الفلسطيني الرافض لخطوة ترمب، وفي إطار هذا السيناريو يعرض على حركة حماس الحد من التصعيد الشعبي لحراك مسيرة العودة في ذكرى النكبة مقابل مزايا إقتصادية تحد من آثار الحصار على غزة ومنها حرية التنقل والحركة للأفراد والبضائع وتحسين السيولة المالية في القطاع وحل أزمة الرواتب وغيرها، مما يفرض أحد احتمالين، الأول هو التوصل لتفاهمات فلسطينية بين حركتي فتح وحماس بدعم دولي وإقليمي وقبول صهيوني لحل الأزمة في غزة، والاحتمال الثاني هو التوصل لتفاهمات مع حركة حماس وقوى وطنية أخرى في غزة بمنأى عن قيادة السلطة.
فرص تحقيق هذا السيناريو محدودة قبل منتصف مايو بالنظر إلى المعطيات المتوفرة حتى كتابة هذا المقال.
في مقالي القادم نبحث في سيناريو التصعيد وفرص حدوثه.