مكتوب: في غزة.. رائحة الانتفاضة تخفف قهر السبعين العجاف

في غزة.. رائحة الانتفاضة تخفف قهر السبعين العجاف
في غزة.. رائحة الانتفاضة تخفف قهر السبعين العجاف

الرسالة نت - ياسمين عنبر

وحده حق العودة الراسخ في ذهن الكبار والصغار هذا اليوم.. وحده من يدب الثورة في نفوسهم. جميعهم خرجوا، قرروا الانتفاضة مدركين أنه "ما ضاع حق وراءه مطالب".

تكبيرات العيد هي الحاضرة صباح اليوم عبر مكبرات الصوت في شوارع غزة كافة، تمامًا كما همة الشباب الثائرين الحاضرة على حدود قطاع غزة.

خرج أهالي غزة وهم لا يعلمون هل سيعودون على الأكتاف، أم مخففين وجع سبعين عامًا من القهر، لكن الذي يتيقنون منه هو أن طريق العودة لا تعبد إلا بدماء الشهداء.

كما يدركون تمامًا أن في هذه البلاد، سيبقى صوت "فرقة العاشقين" يصدح عاليًا نشيد "وردة لجريح الثورة"، أولئك الذين يزرعون أعضاءهم في الأرض لتنبت حرية!

"هذا يوم عز وكرامة" تحكي الحاجة "أم سالم مقداد" التي كانت أول من استقبلنا بمجرد وصولنا إلى حدود شرق غزة "ملكة".

ثوب مطرز ترتديه تعلم الحاجة "مقدد" أنه يرعب الجندي خلف أتلال الرمال، تحكي: "أنا الآن ماشية باتجاه خيمة حمامة، وغدا بإذن الله على حمامة نفسها".

عيون الحاجة "مقداد" ترنو إلى ما بعد السياج، إلى حواكير البيادر في حمامة، إلى أزقتها التي بمجرد أن غادروها سكن القهر والذل قلوبهم.

"من خيام الذل لخيام العودة وشتان ما بينهم" تقول الحاجة الثمانينية والتي لم تتوقف عن المشي رغم تعبها، إلا لتتأمل حشود الثائرين وتعبر عن فرحتها بالعز الذي تشعر به، على عكس السبعين عامًا الذين وصفتهم بـ"أعوام عجاف".

"صبا" التي تمسك بيد جدتها من جهة، وبمفتاح العودة في اليد الأخرى، أدركت هي الأخرى أن هذا اليوم هو يوم غسل القلوب من الحزن الذي لحق بجدتها والذي كنت تلمسته في أحاديث جدتها.

الحسرة تبددت في قلب الحاجة "مقداد"، تبدلت اليوم بالفخر وفقط، أضافت الحاجة وهي تشير إلى الخيام: "لو بدنا نقدم ارواحنا لازم ننسى قهر السبعين سنة.. القهر اللي أكل أرواحنا من يوم الهجرة لليوم".

"في غزة.. ممكن العيد ييجي قبل رمضان" تحكي الحفيدة "صبا" ضاحكة، وهي ترفع لافتة كتب عليها: "غصبن عنكم راجعين على حمامة".

جموع الصحفيين كانوا ينتشرون بين الخيام وبالقرب من السياج، هؤلاء الذي يدركون أن أقلامهم وعدسات كاميراتهم ترعب العدو تمامًا كما يرعبه السلاح.

صباح اليوم الرابع عشر من آيار والذي يسبق يوم النكبة الفلسطينية بيوم، والذي أطلق عليه يوم "مليونية العودة"، توجه الغزيون صغيرًا وكبيرًا مهاجرًا ومواطنًا نحو الحدود ليعلموا الاحتلال أنه حتى ولو مات الكبار فإن "الصغار لا ينسون"، وأن "العودة حق كالشمس".

إذن. لا نختلف هو يوم الأجداد والأحفاد والصحفيين والشهداء والجرحى والوجع والفقد، لكننا سنبقى متفقين أنه "يوم العز والفخار".

البث المباشر