تتمثل أموال المقاصة التي تجبيها (إسرائيل) لصالح سلطة رام الله، ورقة ضغط من الاحتلال على أي خطوة لا تروق له.
وفي كل مرة تنادي بها السلطة بقرارات مخالفة لقناعات الاحتلال، يعمد الأخير لوقف تحويل المستحقات التي تجبيها من البضائع الواردة للفلسطينيين، وفق ما نص بروتوكول باريس الاقتصادي الموقع بين الطرفين.
وتقتطع (إسرائيل) ما تشاء من أموال المقاصة دون الرجوع إلى السلطة، التي بدورها ما عليها سوى تقبل الأمر الواقع وأخذ ما يحصله الاحتلال دون مراجعة أو رقابة.
ولا يزال الاقتصاد الفلسطيني رهين بنود بروتوكول باريس الاقتصادي المنتهية صلاحيته، ولا يزال مفروضا بحكم الأمر الواقع، ويكبل مفاصل الاقتصاد الفلسطيني، ويتحكم بالنسبة الكبرى من إيرادات السلطة.
وتشكل أموال المقاصة ما يقارب 70% من الإيرادات المحلية للسلطة، وهي عبارة عن مجموع الإيرادات التي تحصلها (إسرائيل) نتيجة المعاملات التجارية، ويتم تحويلها للسلطة.
الخصم "خاوة"
وخلال العام الماضي، عمدت حكومة الاحتلال إلى اقتطاع مبلغ قيمته 904.5 مليون شيكل تحت بند ما يعرف بـ"صافي الإقراض"، من اجمالي مبلغ 8.244 مليار شيكل، وفق بيان لوزارة المالية.
وصافي الإقراض هي أموال تقتطعها (إسرائيل) من إيرادات المقاصة، مقابل ديون مستحقة لها لصالح شركة الكهرباء المزودة للطاقة إلى الجانب الفلسطيني، وديون أخرى.
ولم تكتف حكومة الاحتلال بذلك بل عملت على زيادة الخصومات الشهرية، حيث أعلنت مسبقا عملها على اصدار تشريع بحجز مخصصات الشهداء والأسرى من الأموال، وكذلك تعويض العملاء الفارين إلى (إسرائيل) من الأموال.
وصادقت حكومة الاحتلال في 11 يونيو 2017، على مشروع قانون خصم المخصصات المالية التي يتلقاها الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء، من أموال المقاصة، وأحالته للكنيست لتمريره بالقراءات الثلاث.
ويقدر المبلغ الذي يستهدف القانون خصمه بمليار شيكل من أصل 10 مليارات شيكل، يتوقع تحصيلها سنويا من أموال المقاصة.
وتتكون إيرادات المقاصة من الجمارك، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة الشراء، وضريبة المحروقات، وضريبة الدخل، وأي ضرائب ورسوم تترتب على التبادل التجاري بين السلطة و(إسرائيل).
ومؤخرا، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نية حكومته تعويض المزارعين المتضررين من الطائرات الورقية الحارقة، من أموال المقاصة.
وأصدر نتنياهو تعليماته لرئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات بالعمل على إجراء لحجب الأموال عن السلطة لدفع تعويضات للبلدات المحيطة بقطاع غزة، التي شهدت تدمير عشرات آلاف الفدادين من الحقول والمحميات الطبيعية في حرائق خلال الشهر والنصف الماضيين.
وتقدر الأضرار الزراعية منذ شهر مارس/ آذار بـ 1.4 مليار دولار، بحسب ما ذكرته صحيفة "هآرتس".
ونتيجة لتحصيل الأموال، تعمل وزارة مالية الاحتلال على خصم 3% من قيمة "المقاصة" بدل خدمة.
ورغم أن اتفاقية باريس والتي تعتبر جزءً من اتفاقية أوسلو، جرى توقيعها لفترة مؤقتة تنتهي عام 1999، إلا أنه لا يزال معمولا به منذ 24 عاما.
العجز سيزداد
ونتيجة للقرارات المتلاحقة على أموال المقاصة، من المتوقع أن يرتفع العجز الكلي في موازنة السلطة مما كان عليه في السنوات السابقة.
وفي وقت تعاني فيه السلطة من الارتفاع التدريجي في الديون بسبب قلة المساعدات وارتفاع عدد الموظفين في الضفة وتضخم الرواتب.
وردا على قرار الاحتلال، رفضت السلطة اقتطاع أموال من العائدات الضريبية الفلسطينية، لصالح مستوطنين أُحرقت أراضيهم في غلاف غزة، بفعل الطائرات الورقية التي يطلقها متظاهرون على الحدود، وحذرت من مغبة تنفيذه.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود: "أموال الضرائب هي أموال فلسطينية، نصت الاتفاقات الموقعة أمام العالم على قيام (إسرائيل) بجبايتها، وردها إلى خزينة دولة فلسطين، مقابل أجر متفق عليه، وبالتالي فإن أي مَس بهذه الأموال خارج نطاق الاتفاقات يعد لصوصية وعدوانا جبانا على شعبنا ومقدراته".
وأضاف: "كل ما تقوم به حكومة الاحتلال من تدبير المكائد، وسرقة أموال شعبنا، هو عدوان ينفّذه لصوص على هيئة مسؤولين حكوميين".